"رايس حميدو .." لسلمى شرقي بدار عبد اللطيف

بطل البحرية الجزائرية الذي رضخت له أساطيل المتوسط

بطل البحرية الجزائرية الذي رضخت له أساطيل المتوسط
  • 1491
مريم . ن مريم . ن

تنظم الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي "آرك" زوال غد الخميس، بدار عبد اللطيف، جلسة أدبية وتاريخية متبوعة ببيع بالتوقيع مع الكاتبة سلمى شرقي، لتقديم كتابها "رايس حميدو .. فارس البحار"(باللغة الإنجليزية)، والتعريف بهذه الشخصية التاريخية، التي لاتزال بطولاتها ومقاومتها للدفاع عن الجزائر، محفورة في ذاكرة التاريخ الوطني. تستعرض الكاتبة في مؤلَّفها، أمجاد الرايس حميدو فارس البحار، لتروي للقارئ القصة الحقيقية والكاملة لبطل من أبطال الجزائر؛ حيث يعود الكتاب بالقراء إلى مرحلة مهمة من جزائر العهد العثماني، مع التعريف بالمناخ الاجتماعي والسياسي للبلاد خلال القرن الثامن عشر، عبر أزقة القصبة العتيقة، وصولا إلى المغامرات والمناورات البطولية في عرض البحار وأقاصيها، مع عرض مختلف السفن العظيمة التي كانت تجوب البحار البعيدة.

الرايس حميدو هو محمد بن علي، وُلد في حي القصبة بالعاصمة سنة 1770. كان أبوه خياطا بسيطا ومعروفا عند أهل القصبة، وهو من عائلة جزائرية تعود جذورها إلى مدينة يسّر، التي كانت عاصمة إمارة الثعالبة في القرن الرابع عشر الميلادي. والثعالبة قبيلة عربية تعود في نسبها، إلى بني ثعلبة بن بكر بن وائل إحدى قبائل ربيعة بن نزار. ولم يكن الطفل حميدو مهتما بحرفة أبيه بقدر ما كان معجبا بالقصص والحكايات التي يسمعها عن رياس البحر، ويوما قال لأبيه: "..سأصبح رئيسا للبحر عندما أكبر.."، لكن والده أجابه بأنه لا يستطيع أن يصبح قائد أسطول؛ لأنه جزائري وليس تركيا. وتردد حميدو على السفن، وشارك البحارة في رحلاتهم مثل الرايس شلبي، الذي أعجب بشجاعته، وبحنكته الفريدة.

وقُدر عدد البحارة الجزائريين في عهد الرايس حميدو أشهر قادة البحرية الجزائرية، بأكثر من 130 ألف بحار، فسطع نجم البحرية الإسلامية الجزائرية في ذلك الوقت، وتمكن الأسطول الجزائري من الوصول بعملياته، إلى اسكتلندا والمحيط الأطلسي. وفي سن الخامسة والعشرين أصبح حميدو رايس، وترقى من بحار إلى ضابط، ثم إلى أمير للبحر، وأصبح يقود أسطولا في مياه مرسى وهران.  كان صعود الرايس حميدو وتسيّده على إمارة البحرية الجزائرية، يتوافق مع قيام الثورة الفرنسية، ومجيء نابليون إلى الحكم، وما أعقبه من فوضى عارمة في أوروبا، تمكن خلالها الرايس حميدو من انتهاز هذه الفرصة لتقوية الأسطول الجزائري. وفي إحدى معاركه البحرية استطاع أن يستولي على واحدة من أكبر سفن الأسطول البرتغالي، وهي سفينة "البورتقيزية" التي كانت مزودة بـ 44 مدفعا، وكان على متنها 282 بحار، ثم أضاف إليها سفينة أمريكية هي "أمريكانا"، بالإضافة إلى سفينته الخاصة، وأصبح أسطوله الخاص هذه السفن الثلاث، ومن أربعة وأربعين مدفعا فرضت سيادتها على البحر لأكثر من ربع قرن. 

وفي زمن قيادته البحرية الجزائرية، فرض الرايس حميدو ضريبة على الولايات المتحدة، فبعد أن نالت أمريكا استقلالها عن بريطانيا، بدأت السفن الأمريكية ترفع أعلامها لأول مرة اعتبارا من سنة 1783م، وأخذت تجوب البحار والمحيطات. ومن أجل القضاء على البطل حميدو نشبت معركة كبرى بين قطع الأسطول الأمريكي تسانده بعض قطع الأسطول البرتغالي ضد الأسطول الجزائري. وبالرغم من تفوّق السفن الجزائرية فإن قذيفة مدفع قوية أصابت الرايس حميدو؛ ما أدى إلى استشهاده في 16 جوان 1815، فأَمَّ حاكم البلاد حينها الداي عمر باشا شخصيا، صلاة الغائب التي أداها الجزائريون على روح بطلهم الرايس حميدو، وأعلن الحداد في كل أنحاء الجزائر لمدة ثلاثة أيام. للإشارة، سلمى شرقي شابة جزائرية تخطو خطواتها الأولى في عالم الكتابة والتأليف. متحصلة على ليسانس في العلوم الاقتصادية بجامعة ماك جيل في كندا. وتشتغل، حاليا، مساعدة بمشروع ضمن منظمة غير حكومية. شغفها بالقراءة والتاريخ دفعها إلى القيام بأبحاث حول التاريخ الزاخر للجزائر، قبل أن تقرر تأليف كتابها "رايس حميدو فارس البحار"، باللغة الإنجليزية.