سلّام تؤكّد بـ "شايب دزاير":
الكسكسي جزء من هويتنا وعلينا الاهتمام به أكثر

- 571

قالت الأستاذة ياسمينة سلّام إنّ الكسكسي الذي أحبّه العالم، يحمل الهوية الجزائرية أي أنّه مصنوع حسب الطريقة الجزائرية البحتة، بالإضافة إلى أنّه أوّل مرة تم تصدير الكسكسي إلى الخارج وأول مصنع شُيّد لصنعه كان ذلك في الجزائر أيضا، مؤكّدة أنّ الكسكسي جزء من الهوية الجزائرية، علينا الافتخار به وتسفيره بشكل أفضل إلى العالم.
لم تشأ الأستاذة والمختصة في الطبخ ياسمينة سلّام، التي قدّمت أوّل أمس بمكتبة "شايب دزاير"، كتابها "الكسكسي. جذور وألوان الجزائر" الصادر عن المؤسسة للاتصال. النشر والاشهار "أناب"، أن تكتب في مؤلفها هذا أنّ الكسكسي أصله من الجزائر لأنّه، حسبها، ليست "يوتوبوز" و«تيكتوكور"، لتدخل في جدالات، لكنّها قدّمت جملة من الحجج والدلائل لقارئ كتابها لكي يقرّر بنفسه أصل الكسكسي الذي يأتي على رأس الأطباق الجزائرية بجدارة.
قالت سلام إنّ الكسكسي المعروف حاليا في العالم، مُنجز حسب الطريقة الجزائرية أي عن طريق عملية "الفتل" (تدوير القمح) وليس عن طريق العجن مثلما هو عليه الحال في بعض الدول، مضيفة أنّ الجزائريين الذين انتقلوا الى الدول المجاورة بعد الاحتلال الفرنسي لبلدنا، نقلوا معرفتهم بصنع الكسكسي الى هذه الدول التي اعتمدتها.
وتابعت أنّ أوّل مصنع لصنع الكسكسي كان في البليدة، لعائلة "ريتشي" في بداية سنوات الخمسينات من القرن الماضي، حيث كان يضم مجموعة من النساء يقمن بفتل الكسكسي بالطريقة التقليدية، فكن، حسب شهادة حنيفي الذي يعد آخر عامل بالمصنع والذي توفي قبل صدور هذا الكتاب، يصنعن مئة كيلوغرام من الكسكسي ابتداء من الساعة السابعة صباحا إلى الثانية زوالا، ومن ثم حدث تلاحم بين هذا المصنع ومصنع آخر ببوسعادة لصاحبه "فيريرو" الذي كان يملك مطحنة، استجابة للطلب الكبير على الكسكسي في الخارج ليتم صنعه آليا وتصديره.
وتحدّثت المؤلّفة عن موقع الكسكسي في العالم والذي يعود إلى قرون من الزمن، مقدّمة مثالا بكتاب أخ هارون الرشيد، ابراهيم بن المهدي الذي كتبه في القرن التاسع ميلادي وتحدّث فيه عن الكسكسي، وكذا عن فوز جزائري من عنابة بجائزة خلال المعرض العالمي بفرنسا في القرن التاسع عشر من خلال طبقه الكسكسي وغيرها من الأمثلة حول هذه الأكلة التي يعود أصلها اإلى الفترة النوميدية، مضيفة أنّ العديد من الشخصيات الثقافية تحدّثت عن الكسكسي وأعجبت به رغم إطلاقها تسميات مختلفة عنه مثل ساند وسرفنتس ودوما.
كما أشارت سلام إلى تنوّع الكسكسي الذي يحتفظ بوصفته الأصلية في انجازه، من مزيّت وحمامة والحلحال وغيرها، كما يمكن تزويده في عملية "التدوير" بعدة عناصر مثلما هو الأمر في تيميمون الذي يتم تزويده بمواد مطحونة فيصبح لونه أخضرا، أو تبليله في مناطق أخرى بماء الورد وحتى إضفاء الورد المطحون عليه فيصبح لونه ورديا. أما في منطقة بني عباس مثلا فيضاف إليه التين الصغير، لهذا فالكسكسي طبق ديمقراطي لا محالة.
بالمقابل، أكدت المتحدّثة أنّ الكسكسي جزء من هويتنا علينا المحافظة عليه أي على الوصفة الأصلية له، إلاّ أنّه يجب أيضا التقيّد بالقواعد العالمية في الطبخ، مثل تقطيع الخضار بشكل متناسق وصنع مرق بنوعية جيدة وأن لا يكون حارا، حتى يسهل سفره الى العالم. وأضافت أنّ من يدّعي بأنّ كسكسي منطقة القبائل كان دائما أحمرا، مخطئ لأنه قبل 200سنة لم تكن في الجزائر خضروات مثل الفلفل التي تحوّل لون المرق الى أحمر. ونفس الشيء لمن يجزم بأن الكسكسي بالسمك هو طبق تونسي، لأن هذا الطبق ظهر أول مرة بكتامة أي بمنطقة جيجل وميلة وبجاية وسكيكدة.
في هذا، طالبت ياسمينة سلام بأهمية الكتابة الأكاديمية عن تراثنا من طبخ وموسيقى وأزياء وغيرها، حتى نتعرف عليه ونعّرف به العالم، مضيفة أننا لا نعرف إلاّ قطرة من تراثنا الثري، وكذا أن تخط هذه الكتابات بأسلوب مبسط حتى يفهمها الجميع. في حين تمنت أن يتم ترجمة كتابها الى اللغة العربية حتى يمسّ جمهورا أوسع. وحتى أن يتم تنظيم مهرجان خاص بالكسكسي في الجزائر. كما أشارت إلى أهمية أن يكون أي جزائري سفيرا لثقافة بلده، خاصة ممن يتقنون استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يمكنهم أن يعرّفوا بتراثنا الى العالم.