الدكتور عمر بوساحة بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة:

الفلسفة معرفة مشتركة ومشاع بين البشر جميعا

الفلسفة معرفة مشتركة ومشاع بين البشر جميعا
الدكتور عمر بوساحة، رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية
  • القراءات: 1132
لطيفة داريب لطيفة داريب

بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة الذي يصادف الخميس الثالث من شهر نوفمبر من كل سنة، كتب الدكتور عمر بوساحة، رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، كلمة في صفحته الفايسبوكية، عنونها بـ الناس شركاء في الفلسفة أيضا.

كتب الدكتور بوساحة أن أرسطو نقض أطروحة أفلاطون عن الفنون التي دعا فيها إلى طرد الفنانين من الجمهورية، مضيفا أنه اعتبر، مثلما فعل ذلك الفلاسفة المسلمون من بعده، أن الفن لصيق الوجود الإنساني؛ على اعتبار أن المحاكاة تظهر مبكرا عند الأطفال في ألعابهم وفيما يجدون في تلك المحاكاة الفنية من متعة ومعارف. وتابع: شبيه بهذا الأمر، الكثير من تلك الأسئلة ذات الأبعاد الفلسفية التي يمطرنا بها أطفالنا ويستفزون بها معارفنا وعقولنا، قبل أن يتدخل المجتمع ويقوم بالتصرف فيها؛ فالتفلسف هو كالفن، فطري في الإنسان كذلك. والثقافات هي التي تعمل على تفتّح تلك الروح الفلسفية التي تأتي معنا إلى هذا الوجود، أو وأدها في المهد، كما تقوم به ثقافات التخلف والاستبداد. الثقافات هي حاضنة الوعي الفلسفي؛ فكلما فتحت له أبواب الحرية وعرّفته على دروبها ازدادت الثقافة غنى وثراء، وازداد الإنسان معرفة بعالمه وحبا ومتعة بحياته”. وأضاف: لذلك لا تُعد الفلسفة خاصة بمن درّسها أو درَسها؛ فالفلسفة معرفة مشتركة، ومشاع بين البشر جميعا؛ بل إنك تجدها في أحيان لدى هواة لها أكثر بكثير مما تجدها عند الذي يدّعي التخصص فيها، مشيرا إلى أن من هؤلاء من يعمل بوعي أو بغيره على طمسها والوقوف ضدها، وهو في الواقع، وللأسف الشديد، يعتاش منها! حيث يعمل هؤلاء على الضد من ماهيتها، التي تلخصها قوّتها وروحها النقدية، وذلك بمعارضتها بفكر تقليدي لم يقبله حتى فلاسفتنا الأوائل كالكندي في رسائله، وابن رشد وغيرهما.

وتابع مجددا أن الفلسفة المعاصرة التي انفتحت على موضوعات جديدة، لا تُعد ولا تحصى، ومناهج ارتبطت بفتوحات العلم وحضارته، لم تغادر عند البعض من زملائنا من المدرسين، أفكار ابن تيمية وأمثاله من أصحاب الفكر القديم المتزمت، ولم ترق حتى إلى اللاهوت الذي أسسه المعتزلة وبعض المدارس الكلامية، وعملوا على معارضة كل محاولة تأتي من بعض زملائهم، الذين يبذلون جهدا مضنيا لأجل ترسيخ بعض أفكار تيارات الفلسفة المعاصرة في عالميها الغربي والعربي المعاصرين، ويوجهون لهم كل أشكال التهم الدينية والأخلاقية، التي تحول دون عصرنة الدرس الفلسفي كتابةً وتعليما”. ولأن الفلسفة طبيعية في الإنسان - أضاف الدكتور - فإنها وجدت من يعبّر عنها من خلال أساليب للمعرفة أخرى. وأجاد في هذا الباب الكثير من الزملاء النقاد والأدباء والمسرحيين وغيرهم، وهم على الرغم مما يقومون به في ترقية الفكر الفلسفي في الجزائر، نجدهم، في أحيان كثيرة، يعبّرون عن حسرتهم على الوضع الذي هو عليه الدرس الفلسفي في بلادنا، ويأملون في تحسن وضعه للأهمية التي يعرفونها للفلسفة في حلحلة واقع الثقافة في هذا البلد، وحاجة النخب إلى ذلك. كما أكد الدكتور إدراكه، مثلما يعرف الزملاء من مدرسي الفلسفة، أن العوائق لا تقف عند الأستاذ وحده؛ فثقافتنا، هي الأخرى، تلعب دورا سلبيا في ذلك بمعارضتها الشديدة لكل تجديد، ولكننا ونحن نحمّل المسؤولية الفيلسوفَ الجزائري، نعرف أنه بتسلحه بالمعرفة الفلسفية الجديدة وبشجاعة الفيلسوف صاحب الفكر الحر الذي يُفترض أن تتوفر لديه، سيفتح أفقا جديدا للثقافة في بلدنا، التي هي بحاجة ماسة إليه”.