أنيا مزاقر تقدّم "راسة مرة" بالمركز الثقافي الجامعي
العمل ليس البيت ومن الضروري الالتزام بقواعده

- 154

شّبهت الكاتبة أنيا مزاقر فضاء العمل بخلية نحل تضمّ الملكة التي تمثّل الشركة في حدّ ذاتها ومجموعة من النحل تهتم كلّ واحدة منها بخليتها وأخريات مزعجات يحاولن زعزعة عمل زميلاتهن، وبالتالي خلق الفوضى والتشتت.
للقضاء على هذه الآفة.. أي جوّ العمل غير المريح وأحيانا السام، الذي تغمره الفتنة والبلبلة، اقترحت مزاقر في الندوة التي نشّطتها، أوّل أمس، بالمركز الثقافي الجامعي حول روايتها "راسة مرة" الصادرة عن دار نشر "القبية"، إحداث بطاقة وصف الوظيفة (البطاقية) التي تحدّد مهام كلّ موظّف، ما يمنع التداخل بين مهام الموظفين وكذا التكوين الذي يدفع بالموظف إلى الشعور بالتثمين من طرف المؤسسة التي تستثمر فيه، وبالتالي يجتهد في أن يكون الأفضل ولا ينحرف عن مساره ويدخل في متاهة الثرثرة.
كما أن التكوين في مجالات التواصل وعلم النفس وحل النزاعات ومواضيع أخرى مهم جدا في مجال العمل وحتى بالنسبة للطالب الجامعي حتى يستعد بشكل تام لعالم العمل، علاوة على ضرورة برمجة اختبارات نفسية للمترشحين للوظيفة. وتابعت مزاقر أنّ الفراغ في العمل هو الذي ينعش الجوّ السام، في حين أنّ الحلول موجودة وعلى المسؤول اتّخاذها من دون تردّد، حتى يساهم في خلق جوّ مريح للعمل وكذا منتج ومربح أيضا. وفي هذا قالت "اشتغلت لفترة طويلة مديرة للموارد البشرية في شركات متعدّدة الجنسيات، خلصت إلى عديد النتائج أردت توظيفها في رواية لا أقول إنّها سيرة ذاتية لكنّها ثمرة هذه التجربة".
وتابعت مجدّدا "تجربتي هذه وإن كانت تخصّ الشركات متعدّدة الجنسيات، إلاّ أنّها تمسّ أيضا واقع الشركات الخاصة والعمومية الجزائرية والإفريقية بشكل عام، خاصة النساء المسؤولات اللواتي يتعرضن للتحرش المعنوي من زملائهن الرجال. كما تناولت في روايتي هذه، موضوعا آخر يتمثّل في عدم أداء عديد المديرين القادمين من دول أخرى، دورهم في تكوين الموظفين المحليين وكذا موضوع المناجر غير الناضجين والذين يمارسون مهامهم باعتماد الشخصنة وإحداث التفرقة بين العمال وإنشاء اللوبيات".
واعتبرت الكاتبة أنّ روايتها "راسة مرة" التي نشرتها عن دار "القبية"، عبارة عن وسيلة مهمّة للتحسيس بأهمية خلق جوّ مريح ومشجّع للعمل خاصة في ظلّ انتشار الأمراض الناتجة عن الضغط والتحرّش والمحاباة والشخصنة وغيرها من الآفات ذات الصلة. رواية "راسة مرة" هو أوّل عمل أدبي يصدر لأنيا مزاقر رغم اتمامها كتابة أربعة أعمال أخرى، وعن اختيارها لهذا العنوان قالت إنّه صنيعة والدها الذي تحسّر بعد سماعه لقصة محزنة حدثت في العمل قصتها له ابنته فقال لها "هذي راسة مرة" وهي الجملة التي يردّدها الجزائريون حينما يعبّرون عن غصبهم من تصرّف شخص أو جماعة ما. أما عن اسم بطلة الرواية "أزيادي" فيعود إلى تعلقها ببطلة رواية الكاتب الفرنسي بيار لوتي المسماة أزيادي التي كانت تتّصف بالصلابة والعزيمة أي نفس صفات بطلة رواية أنيا.
بالمقابل، أعابت الكاتبة صمت الكثير من مديري الموارد البشرية ومسؤولين آخرين عما يحدث في المؤسّسات خوفا من فقدان العمل، مشيرة إلى أنّ هذه المشاكل عالمية لا تمسّ الجزائر والقارة الافريقية فقط، لكنّها أقلّ حّدة وربّما غائبة عن الشركات الأمريكية الكبرى مثل الموجودة في "سيليكون فالي" التي لا تهتم بالفروقات العرقية ولا المتعلقة بالجنس ولا حتى بالأمور الشخصية بل كلّ ما يهمها إنجاز العمل بدقّة أكبر واحترافية أوسع، لهذا فخلق جوّ مريح للعمل ضرورة لهذا فقد فتحت المجال لتوظيف مختصين في تحقيق السعادة.
في هذا ذكرت أنيا مزاقر أنّ غياب قانون خاص بالتحرّش المعنوي في الجزائر، لا يخدم العامل، فبدون عقاب يواصل المتحرّش تصرّفه المشين، والذي قد ينتقل به إلى تصرف أسوأ، لتنتقل إلى موضوع الشخصنة الذي اعتبرته موجودا بكثرة في مؤسّساتنا، رغم إلزامية الفصل بين علاقات العمل التي يمكن أن يحدث فيها النزاع لكن في حدود العمل، وبين العلاقات الشخصية التي قد تحوّل فضاء العمل إلى لوبيات تغزوها المشاحنات والنعرات والفتنة. مقدّمة مثالا بنوع من العمال الذين يعكسون حياتهم التعيسة وعقدهم النفسية على المحيط الذي يعملون فيه، علاوة على بعض من المسيّرين الذين وظفوا على أساس المحاباة والوساطة.
أما عن أحداث الرواية، فتدور حول حياة أزيادي الشابة التي تعمل مديرة للموارد البشرية في شركة متعدّدة الجنسيات، تتعرّض للأذى من طرف زملائها المسيرين ومديرها القادم من بلد آخر، لكنها تقاوم بكلّ قوّة كلّ هذه الضغوطات التي أثّرت فيها نفسيا وجسديا، وهذا بمساندة من عائلتها خاصة والدها وصديقتها المفضلة.