الفيلم الروائي القصير "إعدام" ليوسف محساس
العقد النفسية للمحتل الفرنسي ومقاومة المداشر والقرى

- 855

شهد الجمهور الجزائري، مساء أول أمس السبت، العرض الأول للفيلم الروائي القصير "إعدام" للمخرج يوسف محساس، بقاعة سينماتك الجزائر العاصمة، ويأتي الفيلم ضمن الإنتاجات التي خصصتها وزارة الثقافة والفنون، بمناسبة ستينية الاستقلال (1962-2022)، والعمل يروي قصة خيالية تصف بطش المحتل، ومقاومة أهل قرية له، في قالب درامي نفسي.
الفيلم الذي أخرجه وكتبه يوسف محساس، نابع من فكرة الهاجس النفسي المرضي للمحتل الفرنسي، من خلال قصة ضابط فرنسي (أدى الدور سيزار دومينيل)، الذي قرر أن يعدم 7 مجاهدين في 7 أيام، وأمام هذا الأمر، قام أهل القرية، بردع هذا الضابط الظالم، بحيلة من سكان القرية المتواجدة في منطقة القبائل، حسب ما ظهر من ديكور وهندام الناس، وتتقدمهم السيدة "لويزا" (أدت الدور هيلدا أميرة دواودة)، التي واجهت الضباط الفرنسيين بشجاعة، يتخللها خوف، لكن بسالتها كانت أقوى.
الفيلم الذي صور في قرية لجديد إواقورن بولاية البويرة، مدته 36 دقيقة، عكس ذكاء المخرج في رواية قصة بأسلوب سهل ممتنع، إذ يندرج الفيلم ضمن سياق تاريخي عام 1957، ويُذكر المشاهدين بمأساة القرية القديمة "إغزر إيواقوران" (البويرة)، حيث تعرضت للتدمير والتهجير في 6 ماي 1957 على يد الجيش الاستعماري الفرنسي. يدور الفيلم بعد معركة جرت بالقرب من القرية، ويواجه السكان تحديا مؤلما ومحطما، حيث يقوم قائد الثكنة الفرنسية بإعلان مروع، إذ قام بقتل خمسة مجاهدين، وهرب ثلاثة آخرون، ويحتجز سبعة أسرى مجهولي الهوية، مكممين، تبقى هويتهم الحقيقية سرية، ويفرض القائد عقوبة لا ترحم، وسيتم إعدام الأسرى بشكل يومي.
بدأ الفيلم في استكشاف التفاعلات النفسية بين القائد وسكان القرية، في مواجهة هذا الموقف المأساوي، يجب على أهالي الخمسة عشر مجاهدا اتخاذ قرار صعب، الاستمرار في الانتظار اليومي المرهق لمعرفة ما إذا كان أحد أقاربهم من بين الأسرى، أو تقديم الطلب بجرس الإنذار والتوسل إلى القائد للكشف عن هوية المعتقل المحكوم بالإعدام قبل التنفيذ.
يقترب الفيلم من أعماق النفس البشرية في لحظات اليأس والصمود، مؤكدا في نفس الوقت، على شجاعة وإصرار الشعب الجزائري في مواجهة الاستعمار. واحدة من الشخصيات المركزية في الفيلم هي لويزا، التي يؤدي دورها ببراعة الممثلة هيلدا أميرة دوادة، وهي أم شابة زوجها مجاهد. تصبح محور خطة ذكية لتحرير الأسيرين المتبقيين، وتتحدى بذلك سلطة الاحتلال.
يسلط الفيلم القصير أيضا الضوء على الدور الأساسي للنساء في التحرير. تُجسد لويزا المعركة المجيدة والشجاعة للنساء الجزائريات في هذا الصراع من أجل التحرير، مؤكدا بذلك مساهمتهن الرائعة في تاريخ البلاد.
تمكن المخرج يوسف محساس من إخراج عمل سينمائي جذاب ومؤثر، وفي الوقت نفسه، يكرم التاريخ الجزائري وأولئك الذين قدموا تضحياتهم من أجل الاستقلال. تضم قائمة الأداء المميزة، ممثلين موهوبين، مثل سيزار دومينيل، رشيد حبيب، ليديا لعريني، نجيب بوسواليم، وآخرون.
فيلم "إعدام" للمخرج يوسف محساس، هو عمل سينمائي مؤثر ومثير، يستدعي التأمل والتأثر، من خلال سرد جذاب وأداء متميز، يحتفل الفيلم بتاريخ الشعب الجزائري، ويُذكر بالثمن الذي دُفِعَ من أجل الحرية. "إعدام" عمل يستحق المشاهدة.