معرض محمد بركة برواق "عسلة حسين"

الحياة بالأبيض والأسود

الحياة بالأبيض والأسود
  • القراءات: 447
❊مريم. ن ❊مريم. ن

يطغى الأبيض والأسود على أعمال الفنان محمد بركة المعروضة برواق "عسلة حسين بالعاصمة؛ إذ اختار اللونين عمدا لتجسيد الـ "عزلة"، التي هي عنوان المعرض. ويقود التجوال في المعرض إلى أماكن عديدة من العاصمة؛ حيث تبدو بوجه مختلف وجذاّب. ورغم أن الزائر يعرفها ويكاد يشاهدها كل يوم، لكنه يظل واقفا أمامها، يفحص تفاصيل لم ينتبه إليها من قبل.

تتجلى الأماكن وتصبح أكثر وضوحا، وقد يراها البعض بعدسة آلة التصوير وبلقطة الفنان وإخراجه، ومنها حديقة الحرية بالعاصمة؛ في لقطة خارج القضبان التي تحيط بها، لتبدو كجنّة صغيرة تُسعد الناظرين، وحتى هؤلاء الذين لا يدخلونها يستمتعون بمناظرها وأريجها الذي يتجاوز القضبان والأسوار؛ حيث يتدفق العطر، وتتدلى الأغصان والعناقيد.

بالأبيض والأسود دائما يلتقط الفنان صورة "المدينة في ظلام"، لتبدو في كامل سكونها؛ فلا حركة ولا ضجيج، وهي التي كانت منذ ساعات قليلة، تشهد الصخب والغضب.

كما يفضّل الفنان بركة أن يصوّر الشجن بعد أن يكتشفه في النظرات والوجوه، وحتى في لحظات الفرح. ويحب أن يلتقط الأمل وسط سواد الحياة، ولهذا يفضّل الفنان أن تكون صوره باللونين الأبيض والأسود؛ فهو يرى الحياة حيادية لا تحتمل كلّ هذا الضجيج الصادر عن الألوان.

ينجذب الجمهور عادة إلى صورة الأبيض والأسود لأنّها مختلفة، لا توجد في أيّ نوع آخر من الصور، فهناك سحر ما وحنين تفتقده الصورة الملوّنة. الأبيض والأسود لا يموت ولا يخرج عن نمطه الأصلي، فهو الملك بلا منازع.

من بين المميزات الجميلة في المعرض بالأبيض والأسود أنّ صوره تنقل المشاعر والأحاسيس الصادقة، وهي أكثر واقعية وأكثر طبيعية؛ فالنظرات بالأبيض والأسود تحكي عن أشياء أكثر من الملوّنة، وصور الأبيض والأسود يطغى عليها الشجن والحنين، وخوالج أخرى تتصاعد من الوجدان، لتصل بسرعة البرق إلى الجمهور، وهو الأمر الذي قد لا تفعله الصورة الملوّنة.

تتناول الصور أهم المعالم التاريخية والسياحية والعمرانية وغيرها بالعاصمة، وكذا بعض الشوارع، ومظاهر الحياة اليومية للعاصميين تشد الانتباه أكثر؛ نظرا لغياب الألوان التي من شأنها أن تعيق قراءة الصورة. كما تناول المصور في أعماله جانبا من القضايا الاجتماعية، منها "الهربة" و«يوميات القصبة" و«الظلام الدامس" بالمدينة، وبعض "وجوه العتمة" يبدو عليها الألم والوحدة؛ وكأنها تشتكي لتسمع نفسها. كما توقف عند معاناة المرأة، التي كثيرا ما تختار العتمة لتنطوي ولا ترى المزيد مما يؤذيها.