الطبعة الحادية عشر من مهرجان الإنشاد

الحناجر الذهبية تصدح من جسور سيرتا

الحناجر الذهبية تصدح من جسور سيرتا
  • 241
زبير زهاني زبير زهاني

صدح مسرح قسنطينة الجهوي، ليلة الخميس، بأجمل الأصوات التي تغنت بحب النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، امتزجت فيه الحناجر الجزائرية بنظيرتها العمانية، في افتتاح الطبعة الحادية عشر للمهرجان الدولي للإنشاد، الذي يمتد لـ6 ليالٍ، بمشاركة 9 دول من إفريقيا، أسيا وأوروبا، وتزامن الحدث الفني والثقافي مع احتفال الأمة الإسلامية بالعام الهجري الجديد.

استمتع الجمهور القسنطيني، في افتتاح المهرجان الذي جاء بشعار "حناجر الإنشاد تغني جزائر الأمجاد"، بسهرة فنية مميزة، نشطها اليوتيبر "خبيب"، مازجت بين الماضي، الحاضر والمستقبل، وأحياها حمزة زدام وعبد الرحمان بوحبيلة، اللذان سافرا بالحضور، عبر فيديو بالذكاء الاصطناعي (مدته 12 دقيقة، من إنجاز طالبين من المدرسة العليا للإعلام الألي ببجاية)، إلى الأزمنة الغابرة، من خلال معايشة يوم وصول النبي عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة، فكانت أنشودة "طلع البدر علينا"، بعد هجرة خلدها التاريخ وانطلق منها التأريخ الهجري، وصولا إلى قسنطينة في الوقت الحالي، ثم قسنطينة مستقبلا، في حلم ناطح السحاب، غُرست بين معالم المدينة، على غرار مسجد الأمير عبد القادر، جسور المدينة ومسرح قسنطينة الجهوي وكان الحلم الأكبر تحرير القدس الشريف.

الجزء الثاني من سهرة الافتتاح، امتزجت فيها الحناجر الجزائرية ممثلة في الفنان عبد الرحمان بوحبيلة، مع الحناجر العمانية وفرقة "أريج"، التي عبقت مسرح قسنطينة بعطرها الخاص، فكان البخور وماء الورد العمانيان، اللذان أضفيا أجواء روحانية خاصة، وقدمت الفرقة التي أدت دخولا مميزا لأفرادها بالقمصان البيضاء والعمائم البرتقالية المزركشة بالأخضر، عديد الوصلات المشهورة بسلطنة عمان، في فن المديح أو ما يعرف لدى العمانيين بـ«المالد"، وهو نوع من الهيام في حضرة الله عز وجل، أساسه ذكر المولى، كما أدت الفرقة حركة "الهويمة"، تقليدا لحركات الصياد الذي يرمي شباكه يمينا وشمالا، وكلمة "الهويمة" مقاربة لكلمة الهيام في الحضرة، فكانوا يعيشون وكأنهم في محراب متصل بين الأرض والسماء.

حملت السهرة الثانية من المهرجان فسيفساء فنية راقية، جمع بين المنشد علام عون من تونس والعازف أسامة كمال الدين من بلجيكا، ورافقتهما في السهرة التي استقطبت عددا كبيرا من العائلات القسنطينة بمسرح قسنطينة الجهوي، فرقة "أنوار الإيمان" من جيجل، صاحبة المركز الأول في المهرجان المحلي للإنشاد، المنظم بقالمة.

الحفل الفني استهلته الفرقة الجزائرية، التي قدمت مجموعة من الوصلات في فن الإنشاد التقليدي، تنوعت بين حب الوطن، السلام والابتهاج والتصوف، حيث افتتحت السهرة بأنشودة "الله مولانا والعبد لمولاه"، ثم قدمت "الله الله ولا إله إلا الله" فأنشودة " يا بلد المليون شهيد أهلا يا جزائر".

وعلى ألة القانون، أمتع العازف البلجيكي من الأصول العراقية أسامة كمال الدين، الجمهور، بإطلالة ربطت بين القارة العجوز والقارة السوداء، فخاطب الأرواح قبل الأسماع ودغدغ المشاعر بنوتات أوتاره، بعيدا عن الكلمات والحروف، حيث رافقه الكمان والدف والعود وقدم مقطوعة بعنوان "القيتار السومارية".

ختام السهرة، كانت تونسية بامتياز، من خلال إطلالة الفنان علام عون الذي بصم على سفر بين ضفاف نهار بلاد الرافدين، إلى البحر الأبيض المتوسط، من علو جبال المنارة نثر روحانية شيوخ المنطقة كالندى، ووصل بين الجزائر البيضاء وتونس الخضراء، وقدم رفقة العازف أسامة كمال الدين، مجموعة من الوصلات الإنشادية التونسية، على غرار "حاضر ناضر أنا صنعني صانع"، "راكب على الحمرا يا سيدي يا مسعود"، "أنا ماني فيا والخالق يرزقني" و«زاد النبي وفرحنا بيه"، وختم بوصلة من بحر السولامية المشتركة بين الجزائر وتونس وأنشودة "أنا لمدلل".

بالمناسبة، وصف مدير الكتاب والمطالعة العمومية بوزارة الثقافة والفنون، التجاني تامة، في كلمته التي ألقاها نيابة عن الوزير زهير بللو، هذا المهرجان، بالحدث الفني والروحي، الذي يحمل جمال الكلمة وسمو المعنى ويجمع الجزائريين حول القواسم المشتركة المبنية على التسامح، الصفاء والمحبة. مؤكدا أن المهرجان بات يشكل فسيفساء ثقافية وفنية، تنسج جسور التواصل بين الشعوب وتبرز العمق الروحي للثقافة الجزائرية وانفتاحها على العالم، من جهة، ومن جهة أخرى، تشبثها بجذورها الأصيلة. 

أما محافظ المهرجان، سمير عبد العالي لوهواه، فأشار إلى أن الطبعة الحادية عشر من المهرجان، تعرف مشاركة 9 دول، على غرار سلطنة عمان، الأردن، سوريا وماليزيا من أسيا، بلجيكا والبوسنة من أوروبا، تونس، تنزانيا والسنغال من إفريقيا، يضاف لهم أحسن 7 أصوات إنشادية من الجزائر، سبق لها وأن تألقت في المهرجان الوطني للإنشاد. وأضاف أن المهرجان حاول في طبعته الحادية عشر، تقديم توليفة مميزة، ركزت على فئة الشباب من مختلف أنحاء الوطن، تم جمعهم حول هذا المشروع الذي تبنته وزارة الثقافة والفنون، مضيفا أن هدف المهرجان، وإلى جانب الترفيه، هو التثقيف والتعريف بأجمل صور البلد في خطوة لتشجيع السياحة.