اختتمت منافسة "المحترف 15"

"التافهون".. حياة زائفة

"التافهون".. حياة زائفة
  • 762
دليلة مالك دليلة مالك

قدّم مسرح عنابة الجهوي "عز الدين مجوبي"، مساء أول أمس، مسرحية "التافهون" للمخرج أحمد رزاق، ضمن مشاركته في منافسة المهرجان الوطني للمسرح المحترف 15. ويتناول العمل جنوح المجتمعات نحو شبكات التواصل الاجتماعي بشكل فج، فقدت تواصلها في الحياة، وتعيش في عالم مزيَّف افتراضي. المسرحية التي كتبها وأخرجها أحمد رزاق، تشبه الكثير من أعماله السابقة التي تنتقد الأنظمة. ويفعل الشيء نفسه في قالب ساخر في عرض "التافهون"؛ من خلال قصة مهدي (رمزي عاشور)، الذي شُيّع شهيدا في حرائق الغابات؛ كونه ضحية نشوب النيران في بلدته أثناء تأدية عمله؛ فهو رجل إطفاء، لكن سرعان ما يظهر حيا، ويعود إلى أسرته بعد سنة ونصف سنة، فيصطدم لهول ما يراه؛ فزوجته تزوجت برجل دين وهي حامل، ثم إن سكان بلدته نكروه، وقالوا إن الرجل العائد شبيه بالمرحوم، لكن زوجته تصر على أنه هو، ليجد نفسه في حالة من النفور.

ويكتشف مهدي بعد حين، أن صديقه "لخديم" (شاكر بولمدايس) استثمر في موته، على أساس أنه ذهب لنجدته، وأنه من أخمد النيران، فيكرَم بوسام الأبطال، لكن كل هذه الادعاءات باطلة. وتذكّرنا هذه الجزئية من المسرحية، بقضية الشهداء المزيّفين، وتحريف التاريخ. والأكثر من ذلك، فقد أقحم المخرج أحمد رزاق، حيوان وحيد القرن على الخشبة، ليتناول قضية المسخ الذي تعيشه الإنسانية اليوم.عودة مهدي أخلطت أوراق المسؤولين، بمن فيهم رئيس البلدية (الهاني محفوظ)؛ فنجاحه السياسي كان بفضل اغتنامه قصة المغدور مهدي، فجسّد له تمثالا وسط المدينة، لترضى عنه السلطات العليا، وتشيد بالتفاتته. أما الشيخ مروان إمام القرية (كمال زازا)، فيحاول أن يحتفظ بزوجته "البتول"، التي هي في الأصل، زوجة مهدي. واستند العمل على أزياء وأكسسوارات تعكس كل شخصية، وديكور منوع ومتحرك؛ فالعمل يجمع خمس لوحات منفصلة، وفواصلها متراصة في البناء الدرامي للحكاية ككل. تقوم أنيسة هجرسي بأداء مقاطع أغان، لتنتقل بين الأحداث، مما أعطى جمالية للعرض ككل، عززته الإضاءة، وتنوع الوضعيات بالنسبة للممثلين، فضلا عن لوحات كوريغرافية من أداء أمين كينوار، وسناء شامي التي كانت بمثابة فواصل أيضا، من شأنها خلق توازن على الخشبة، ثم العودة إلى مضامين الهاجس الذي تعيشه البلدة.