جامعة "محمد الشريف مساعدية" بسوق أهراس

البحث في المحاضن التاريخيّة والسّوسيوثقافيّة للتراث الأدبي

البحث في المحاضن التاريخيّة والسّوسيوثقافيّة للتراث الأدبي
  • القراءات: 388
نوال جاوت نوال جاوت

تستعد كلية الآداب واللغات بجامعة "محمد الشريف مساعدية" بسوق أهراس، لتنظيم المؤتمر الافتراضي الدولي "التراث الأدبي العربي في محاضن العقلانية"، يوم 11 نوفمبر القادم، من خلال ستة محاور أساسية، تحاول الإجابة على عدد من الإشكاليات، على غرار "كيف تمكنت النزعة العقلانية الفلسفية والاعتزالية من اختراق الخطاب الأدبي الشعري والسردي؟".

من بين الإشكاليات المطروحة أيضا للتفكيك "ما هي الشروط الابستيمية لهذا الاختراق؟"، "كيف تجلت صور وأشكال العقلانية في الكتابة التراثية الأدبية؟"، و"ما هي حدود تلقي المؤسسة النقدية هذه النزعة العقلانية؟"، حيث سيعكف المشاركون في هذا المؤتمر الافتراضي على مناقشة "مسألة العقلانية: مقاربات نظرية في المفهوم وتاريخيته في المجالين الغربي والعربي"، "التراث الشعري وحدود الاختراقات العقلانية"، ناهيك عن "تشكلات النزعة العقلانية في كبرى النصوص السردية العربية القديمة."، "التراث الصوفي الأدبي وصور الصراع بين العقل والإشراق"، وأيضا "المؤسسة النقدية وابستيمولوجيا صناعة المفاهيم" و"التراث اللغوي ومظاهر تأسيس العقلانية".

وانطلق القائمون على هذا الموعد الأكاديمي، من فكرة أن النزعة العقلانية في أبعادها الفلسفية والكلامية خصوصا، شكلت إحدى أهم تيارات التراث الفكري العربي. وقد حمل لواءَها متكلمُو المعتزلة والفلاسفة وأقطاب النزعة الإنسانية العربية، من الجاحـظ إلى التوحيـدي ومسكويه وغيرهم. كما عرف هذا التراث، محاولات تأسيس العقلانية الإسلامية ضمن سياقات ابستيمية، شهدت بروز الخطاب السِّجالي، متمظهرا في سلسة من الثنائيات التي امتدت إلى مجالات التفكير المختلفة، وهكذا، تبلور سجالُ العقل والنقل في سياق علم الكلام، والرأي والمأثور في حقل التفسير، والقديم والمحدث في النقـد الأدبي.

أشارت ديباجة الملتلقى، إلى أن التراث الأدبي لم يكن بمنأى عن هذه التحولات التاريخية والمعرفية، فقد عرف اختراقات عقلانية بنيوية، استطاعت أن تنفذ إلى الجوهر والطبيعة التكوينية، بما في ذلك الأجناس الأدبية، التي ظل ينُظر إليها أنها أكثر تحصينا ضد هذه النزعات، ونعني بذلك الشعر. فقد تشكل خطاب شعري مناهض لمنظومة المؤسسة النقدية، حمل عبء المقاومة الشعرية، في سياق تاريخي وثقافي خاص، وأوضحت "لكن الحال مع التراث النثري كان مختلفا إلى حد ما، فقد احتضن النص السردي خصوصا موجة الفكر العقلاني، وغدت المدونة السردية العربية مِهادًا وأرضية غنية لهذا المشروع الصاعد، مستفيدة من هامش تحررها من السلطة النقدية".

وتوقفت المقدمة عند ما شهدته العقلانية العربية، في صعودها وتمدد أصدائها إلى مجالات الفكر والأدب المختلفة، من أشكال المقاومة، تولت كبرَها تيارات أسست مشروعها على مفهوم القديم، باعتباره رأسَ مالٍ رمزي تستند إليه في معاركها الفكرية. كما شكل الفكر الصوفي والإشراقي أحد أهم المتاريس في وجه هذه العقلانية المتنامية، وقالت "إذا كانت مسألة العقل قد لاقت اهتماما لافتا في أطرها الفكرية والفلسفية والكلامية، فإنها تظل في حاجة أكثر إلى البحث والدرس في أبعادها الأدبية. ومن هنا تأتي هذه المبادرة لإعادة قراءة الموروث الأدبي في ضوء هذه التحولات المعرفيـة الكبرى".

وتأسيسا على ذلك، تسعى هذه المحاولة إلى البحث في المحاضن التاريخية والسوسيوثقافية والحضارية، التي تكونت فيها كبرى المدونات النصي والاتجاهات الأدبية العربية القديمة، في ظلِّ تلقيها وتفاعلها مع موجات الحركة الفكرية العقلانية، ومن ثم التساؤل "كيف تأسس خطاب العقل في خصوصيته الأدبية؟" و"إلى أي حدٍّ استطاع أن يتحرر من الإكراهات الفلسفية والفكر التجريدي عموما، ويعيد تشكيلها ضمن مقتضيات الهوية الأدبية؟".