الفنّان الشعبي نبيل طوبال لـ "المساء":

الأعراس هي ما ينعش القصيد الشعبي

الأعراس هي ما ينعش القصيد الشعبي
  • 1583
حاوره كريم.ب حاوره كريم.ب

الفنان نبيل طوبال ابن مدينة دلس العريقة وابن عائلة فنية تعشق الفن الشعبي حتى النخاع، تشبّع بالقصائد الشعبية ودندنة العود من أبيه. لم يكن الفن الشعبي اختياره الأول، بل اتجه أولا إلى الدراسة الجامعية، ومن ثم عالم الشغل، لكنه عاد إلى الفن  بكل موهبة وحب. "المساء" التقت نبيل طوبال وأجرت معه هذا الحوار:

كيف كانت بدايتك في الفن الشعبي؟

بداية، عشقي للموسيقى كانت في الكشافة الإسلامية عبر فوج "الإحسان"، ثم انخرطت في جمعية "الازدهار" التي وفرت لي كل الظروف لتعلم موسيقى الأندلسي والشعبي، وكانت فرصة لأحتكّ ببعض المشايخ والأصدقاء الموسيقيين، خاصة الأستاذ علي حوش، ومن ثم قررت أن أخوض تجربة الفن الشعبي، وهو القرار الذي غيّر مسار حياتي، وجعلني أولي اهتماما في البحث عن خبايا الفن الشعبي من ناحية الموسيقى والأشعار وقصائد الملحون. بالمقابل، لا أنكر أنني تشبعت بالفن الشعبي في كنف الوالد "علي طوبال" الذي يُعد من بين أقدم فناني الشعبي بمدينة دلس. 

إلى أي مدى تأثرت بالمحيط الذي ترعرعت فيه؟ 

ولدتُ وترعرعت في وسط فني محض، والدليل كل الآلات الموسيقية التي تغمر البيت، كذلك طبيعة مدينة دلس وسكانها المحبون للفن الشعبي، كل هذا شكّل بالنسبة لي دافعا لاكتشاف أسرار هذا الفن. كما أن والدي بصفته فنانا مؤديا وشاعرا وملحنا، شكّل لي دافعا لا يستهان به لولوجي هذا الفن، خاصة بعدما أصبحت أؤدي القصائد التي كتبها ولحنها، فكنت أرى أنه من الواجب عليّ أن أقدم كلماته على أحسن وجه وفي أفضل حلة. كما كانت لي تجربة في تلحين قصائده واكتساب بعض الخبرة في هذا الميدان. 

كيف ترى مستوى الفن الشعبي حاليا؟ 

الحقيقة أن فن الشعبي هو فن أصيل وله طابعه الخاص كما له جمهوره الخاص أيضا، لكن اليوم أصبح الفنان الشعبي مرغما على أن يقدم ما يود الجمهور سماعه، وهذا قد ينعكس سلبا على هذا الفن، فأصبحت بعض أغاني الشعبي غير مطلوبة كما كانت عليه الحال سابقا، مثل قصائد "بيت وصياح" وقصائد التراث الطويلة وقصائد "الحوازة" في الطابع الحوزي، فالجمهور أصبح يبحث اليوم عن الأغنية الخفيفة والقصيرة، وهذا المطلب لا ينحصر فقط عنده، بل حتى من قبل المنتجين، لكن تبقى حفلات الأعراس هي التي تعطي الصورة الكاملة لهذا الفن، لأننا نقدم فيها الأغنية الشعبية بكل أبعادها. بالمقابل يجد الفنان نفسه مجبرا على الإبداع وتقديم الأغاني الجديدة التي تشكل إضافة للفن الشعبي الأصيل في ظل هذا التنوع الموسيقي الحاصل حاليا.

- بالنسبة لـ "القصيد"، هل هناك قصائد جديدة يتم تدوينها، أم تلجأون لإعادة القديم وبنفس التوزيع الموسيقي؟ 

كما يقال "الجديد حبو، والقديم لا تفرّط فيه"، القصائد القديمة موروث لا نستغني عليه، لكن، الحمد لله، يوجد فنانون يكتبون ويلحنون. شخصيا أنا أؤدي قصائد من التراث وقصائد للوالد أيضا. أما فيما يخص الموسيقى فأحاول دائما أن أقدمها في حلة موسيقية جديدة.

مدينة دلس الشهيرة بعشقها للفن الشعبي الأصيل وهي التي أنجبت من قبل الشيخ "الناموس"، لماذا مدينة كهذه لا تملك أي جمعية تهتم بهذا الفن؟ 

حقيقة شيء مؤسف أن مدينة مثل دلس بسكانها المحبين لهذا الفن، لا تملك أي جمعية تهتم بهذا الفن! المشكل أن ثقافة الفن الشعبي والأندلسي لا تولَى أي اهتمام من قبل المسؤولين، كما أن فناني مدينة دلس لا يجدون آذانا صاغية ولا تشجيعا للعمل على الاهتمام بهذا الفن.

هل من مشاريع فنية؟ ربما تنوي تسجيل ألبوم خاص بك؟ 

في الحقيقة لدي عدة أعمال وأغان جديدة من كلمات وتلحين الوالد وبعضها من تأليفي، والتي قمت بتلحينها، لكن لا أدري، ربما لم يحن الوقت كي أقوم بتسجيلها، إن شاء الله في المستقبل القريب سأفعل.

كيف توفَّق بين عملك في الإدارة وبين فنك الذي تهواه منذ صغرك؟ 

صراحة، التفرغ للفن صعب جدا في الجزائر، أنا أراه مغامرة لا رجعة فيها، الفن أهواه وأعشقه حتى النخاع، فأنا تربيت في وسط فني منذ الصغر، لكن الظروف تحتّم عليّ هذا الوضع. وأنا أقوم بعملي اليومي من جهة، وأتفرغ أحيانا للفن خارج أوقات العمل رفقة أصدقائي الفنانين والموسيقيين.

ما هي أهم العراقيل التي قد يواجهها الفنان الشعبي؟

أمام الفنان الشعبي تحدٍّ كبير بالنظر إلى التنوع الموسيقي الحاصل حاليا. وكما ذكرت سالفا، فإن الفنان الشعبي يجد صعوبة في الوصول إلى الجمهور خاصة في الساحة الإعلامية، كذلك قلة الحفلات المبرمجة والتي تُعد نقطة وصل هامة بين الفنان وجمهوره، حيث يستطيع الجمهور من خلالها سماع واكتشاف خصوصية الفنانين وموسيقاهم وأسلوبهم، وتكون بمثابة ترويج للفن الشعبي بطريقة ممتعة للجمهور.

أتمنى أن يولى هذا الفن باهتمام أكبر من قبل المسؤولين؛ لأن فن الشعبي الأصيل هو الذي يبقى في وجدان الجمهور لسنوات طويلة، بعكس الأغاني المنتشرة حاليا التي تُحدث ضجة وقتية، ثم تختفي بعد ذلك.