الباحث عبد الرحمن خليفة ضيف مكتبة "شايب دزاير":

اكتبوا عن التراث وحافظوا عليه

اكتبوا عن التراث وحافظوا عليه
الباحث عبد الرحمن خليفة
  • 145
لطيفة داريب لطيفة داريب

دعا الباحث عبد الرحمن خليفة، المختصين المشرفين على الحفريات بكتابة تقارير حول أعمالهم لكي يساهموا في التعريف والحفاظ على تاريخ بلدهم. كما عبرّ عن حزنه الشديد إثر انهيار مسجد سيدي محمد الشريف بالقصبة والذي شبهه بتمزق جزء من البطاقة التعريفية لكل جزائري وحتى بتهالك عضو من جسده.

استضافت مكتبة شايب دزاير، أول أمس، الكاتب الباحث عبد الرحمن خليفة للحديث عن كتابه الجديد الموسوم بـ«مساجد ومزارات في الجزائر" الصادر حديثا عن المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار.

ابتدأ الباحث مداخلته بالحديث عن انهيار مسجد سيد محمد شريف في الفترة الأخيرة وهو ما أحزنه جدا معتبرا أن هذه الحادثة لم تمس المسجد وحسب بل أجسادنا وهويتنا، ليؤكد أهمية الحفاظ على تراثنا ونقله للأجيال القادمة مثلما فعله الأجداد.

قدمّ خليفة بعدها، تفاصيل عن كتابه الجديد الذي خصّه للمساجد والمزارات العتيقة في الجزائر مثل مسجد بالطاسيلي الذي بقي منه إلا المحراب، مشيرا إلى شرط وجود 11 شخصا في مكان واحد لبناء مسجد عند التوارق. قال خليفة أيضا إن المسجد هو مكان للعبادة والجامع هو الفضاء الذي يقدم فيه الامام الخطبة، علاوة على تميّز البعض منها بمرافقة لزاوية وضريح مثلما هو عليه الأمر مع مسجد وزاوية سيدي أحمد بن يوسف بمليانة. وتابع أن أغلب المساجد تفتقد إلى الزينة عكس الكنائس فهي أماكن للعبادة والروحانيات، حتى أن هناك مسجد بمنطقة روقيعة بالبيض بُني في نفق على يدي امام عام 1940، وقد تم سجنه من طرف المحتل الفرنسي جراء فعلته هذه.

وعرض الباحث على الحضور مجموعة من الصور عن مساجد ومزارات الجزائر العتيقة مثل مسجد ميلة الذي قال عنه خليفة إنه ليس أول مسجد بالجزائر، يضم عدة أعمدة مختلفة عن بعضها البعض حتى أن من بينها من تحمل كتابات لاتينية، دليل أن المساجد كانت تبنى من أعمدة بعضها استعمل سابقا وأخرى شيّدت على أنقاض بنايات أخرى مثل الكنائس. ايضا مسجد أغادير بتلمسان التي اشرف فيها الباحث على حفريتها، والذي يعود تشييده الى عام 789 ميلادي.

وعرّف الباحث بعدة مساجد عتيقة مثل مئذنة مسجد سيدي عقبة ومسجد علي بتشين، ومسجد الجامع الكبير (1096)، ومسجد قلعة بني حماد الذي بنيت مقصورته بالشكل الذي يحمي فيه السلطان من الغدر ومسجد سيدي بومروان ومسجد بن تومرت ومسجد سيدي بلحسن الذي يضم محرابا في غاية الجمال والرقيّ، وكذا مسجد سيدي رمضان الذي يعد المسجد الوحيد رفقة الجامع العتيق بالأغواط، وضع محبرهما أعلى من المنبر. بالمقابل، أكد الباحث أهمية الكتابة عن كل عملية حفرية وترميم تحدث على مستوى كل معلم تراثي جزائري، مضيفا أن الجزائريين لا يكتبون كثيرا وهو ما تأسف له، مشيرا الى سهولة عمليتيّ الحفر والتنقيب  لكن الكتابة عنها  ليست باليسيرة وفي نفس الوقت ضرورة جدا لحفظ تراثنا.

وأشار الباحث على وجود ديانات أخرى بالجزائر قبل الإسلام مثل الديانة المسيحية، فقال إن الجزائر كانت تضم أكبر كنيسة في العالم في فترة القديس أوغسطين الذي كُتب عنه ما لا يقل عن 60 ألف كتاب وهو ما لم يحدث مع أي شخصية أخرى. كما ذكر بأن الاسلام لم يترسخ في الجزائر إلا بعد مرور 70سنة من الفتوحات التي مست هذه المنطقة عكس الدول المجاورة لكنه  تميّز بكونه اكثر عمقا وروحانية.

للإشارة، جاء في بعض مقدمة كتاب "مساجد ومزارات في الجزائر" إن ظهور الإسلام في شمال أفريقيا يُعدّ نهاية العهد القديم لهذه المنطقة. وقد ترك هذا الحدث أثرا دائما على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. غير أنّ تاريخ انتشار الإسلام هناك غير معروف بدقة، لأننا لا نملك مؤرخين محليين يوضحون لنا كيف استقر الإسلام تحديدا في المغرب الأوسط. وقد تناولت هذه الفترة عدة مدارس تاريخية: مدرسة مشرقية، ومدرسة إفريقية (إفريقية/تونس)، ومدرسة مغربية-أندلسية. وقد تلت بناء أول مسجد في القيروان سنة 670م مساجدُ أخرى، كلما تقدّم الفتح الإسلامي نحو الغرب واعتنقت الشعوب الدين الجديد، وكانت لهذه المساجد خصائص متشابهة إلى حدّ ما، تختلف باختلاف المناطق والدول التي تعاقبت.