المتحف الوطني البحري

استحضار أيقونة التراث مولاي بلحميسي

استحضار أيقونة التراث مولاي بلحميسي
  • القراءات: 791
نوال جاوت نوال جاوت

تفعيلا للنشاطات الأكاديمية الخاصة بالمتحف الوطني البحري، تحتضن "أقبية محيي الدين" بأميرالية الجزائر، الثلاثاء القادم 10 ماي، يوما تكريميا للفقيد الكاتب والباحث في تاريخ الجزائر في الفترة العثمانية ورائد دراسة تاريخ البحرية الجزائرية، الحاج مولاي بلحميسي. اليوم التكريمي يحمل عنوان "أيقونة التراث البحري.. مولاي بلحميسي"، سيعرف حضور مجموعة من المهتمين والفاعلين بالمجال الثقافي والتراثي، للحديث عن هذا المؤرخ والكاتب الفذّ الذي خلّف كما هائلا من النتاجات الفكرية والأبحاث التاريخية، والمساهمات الأكاديمية التي أثرى بها المكتبات.

ويُعدّ الفقيد مولاي بلحميسي من مواليد 17 جانفي 1930 بمنطقة مازونة. وتَدرّج بتفوّق في مختلف مراحل التعليم قبل أن ينال شهادة عليا في الأدب من جامعة إكس-أون- بروفانس الفرنسية عام 1963، وكذا على شهادة الكفاءة المهنية للتعليم الثانوي، ومبرز في الأدب العربي سنة 1966. كما حاز على شهادة الدكتوراه سنة 1972. وحصل على شهادة دكتوراه دولة من جامعة بوردو سنة 1986. وكرّس الفقيد جزءا كبيرا من حياته للتكوين والتعليم، حيث شهدت فترة ما بين 1955 و2000، اشتغاله كأستاذ في التعليم الثانوي، ثم بالجامعة، حيث شغل في البداية منصب أستاذ مساعد (1966- 1969)، ومكلّف بالدروس (1969- 1986)، وأستاذ محاضر (1986- 2000). وانتُخب الراحل عضوا شرفيا بمعهد أتاتورك بأنقرة سنة 1986، ونائب رئيس الجمعية الدولية لمؤرخي المتوسط. وكان مولاي بلحميسي كاتبا مميّزا، لا سيما في ميدان التاريخ، حيث أنجز العديد من المؤلفات، على غرار "الجزائر من خلال رحلات المغاربة في العهد العثماني" (1979)، و"تاريخ مازونة" (1981)، و"تاريخ مستغانم" (1981)، و"الجزائر من خلال مياهها" (1994)، و"العرب والبحر في التاريخ والأدب" (2003)، و"الأسطول البحري الجزائري "1516- 1830".

وينتمي بلحميسي إلى الجيل الثاني من مدرسة المؤرخين الجزائريين المعاصرين، بمعنى مؤرخي القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرين. أما الجيل الأول أمثال عبد الرحمان الجيلالي ومبارك الميلي وتوفيق المدني وغيرهم، فقد التزموا بتحقيق مهمة إثبات انتماء الجزائر إلى فضاء الحضارة العربية الإسلامية، ودحض أطروحة الاستعمار الفرنسي التي روّجت لفكرة انتماء هذا البلد للحضارة الأوربية المسيحية منذ فترة الاحتلال الروماني. وكانت كثيرا ما تمتزج الدوافع الوجدانية والأحكام العاطفية على الأدلة التاريخية التوثيقية والبراهين الفكرية والمنطقية، على الكتابات التاريخية لهذا الجيل. هذا الجيل الذي عمل كثيرا من أجل إثبات هوية الجزائر الجزائرية بدلا من فكرة الجزائر الفرنسية. وعلى الرغم من كل النقائص فإن القيم العديدة لبحوثهم وأعمالهم من الناحية الموضوعية والمنهجية والتحليلية وحتى الإنسانية، لا يمكن إنكارها.