ندوة "تحرير العقل"

احتفاء بفكر الأديب الكيني نغوغي وا ثيونغو

احتفاء بفكر الأديب الكيني نغوغي وا ثيونغو
  • 279
د. مالك د. مالك

شهد فضاء روح البناف "فرانز فانون"، ضمن فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، ندوة فكرية خصّصت للاحتفاء بالكاتب والمفكر الكيني الراحل نغوغي وا ثيونغو، أحد أبرز رموز الأدب المناهض للاستعمار في إفريقيا، حملت عنوان "تحرير العقل"،  أدار اللقاء الدكتور عبد الكريم أوزغلة، بمشاركة الروائي عبد الرزاق بوكبة، والأكاديمي بن عودة لبداعي، والمترجم والروائي جيلالي خلاص، بينما تعذّر حضور الكاتبة الكينية مريام مارونغو ميسوناي.

قدّم المترجم جيلالي خلاص عرضا زمنيا لمسار حياة نغوغي وا ثيونغو، منذ تعليمه في المدارس البريطانية ومشاركته في انتفاضة الماو ماو ضدّ الاستعمار، مرورًا بتجربة السجن التي ألّف خلالها أبرز أعماله مثل "شيطان على الصليب"، وصولًا إلى مسيرته في المهجر، حيث حصد جوائز دولية كجائزة نونينو الإيطالية (2001) وغاندي للسلام (2006) وبوكر العالمية (2022)، اعترافًا بإسهامه في تفكيك الخطاب الكولونيالي ومناهضة الاستعمار الثقافي.

من جهته، قدّم الأكاديمي بن عودة لبداعي قراءة فكرية في تحوّل نغوغي من الكتابة بالإنجليزية إلى لغته الأم "كيكويو"، واعتبره تحوّلا في الوعي أكثر منه لغويا، يوازي تجربة كاتب ياسين في توجّهه إلى الدارجة الجزائرية، مشيرًا إلى أنّ كليهما استخدم اللغة كأداة للتحرّر لا كرمز للهيمنة. أما الروائي عبد الرزاق بوكبة فاعتبر هذا الاختيار فعلا شجاعا وموقفا مقاوما ضد التبعية الثقافية، مشيرا إلى مفهوم "القنبلة الثقافية" الذي صاغه نغوغي للتعبير عن أثر الثقافة الاستعمارية المدمّر في وعي الشعوب.

في ختام الندوة، أكّد لبداعي أنّ اللغة ليست محايدة بل تحمل مضامين ثقافية واجتماعية واقتصادية، وتجربة نغوغي وا ثيونغو تمثّل نموذجًا في مقاومة المدرسة الكولونيالية عبر استعادة اللغة الأصلية باعتبارها خطوة أولى نحو تحرير الوعي واستعادة الكرامة الإنسانية. يعدّ نغوغي وا ثيونغو، واسمه الحقيقي جيمس نغوغي، المولود في 5 جانفي 1938 والمتوفى في 28 ماي 2025، من أبرز الكُتّاب والمفكّرين الأفارقة الذين أسّسوا لتيار الأدب الديكولونيالي في القارة. بدأ مسيرته بالكتابة باللغة الإنجليزية قبل أن يتّخذ قرارا حاسما بالتحوّل إلى لغته الأم "الكيكويو"، معتبرًا ذلك فعلًا من أفعال التحرّر الثقافي ومقاومة الإرث الاستعماري.

تنوّعت أعماله بين الرواية والمسرح والقصة والمقال، ومن أشهر رواياته "لا تبكِ أيها الطفل" (1964)، "حبة حنطة" (1967)، "بتلات الدم" (1977)، و«شيطان على الصليب" (1982). بعد اعتقاله في كينيا لأكثر من عام بسبب مواقفه الفكرية، غادر إلى الولايات المتحدة حيث اشتغل أستاذًا للأدب المقارن ودراسات الأداء في عدد من الجامعات المرموقة مثل ييل ونيويورك وكاليفورنيا في إرفاين. وقد نال خلال مسيرته عدة جوائز دولية بينها جائزة لوتس للأدب (1973) وجائزة بارك كيونغ-ني (2016)، كما أدرج اسمه مرارًا ضمن قائمة المرشحين لجائزة نوبل في الآداب.