اختتام معرض ”تعابير فنية نسوية” بقصر الثقافة

ألوان وأطياف وأسرار معطَّرة

ألوان وأطياف وأسرار معطَّرة
  • 707
مريم. ن مريم. ن

تُختتم بقصر الثقافة ”مفدي زكريا”، مساء اليوم، فعاليات معرض ”تعابير فنية نسوية”، احتفالا بعيد المرأة، حيث تناثرت عطور المسك والعنبر والريحان على مدار أربعة أيام، مشكّلة عوالم خفية وعلنية من حياة حواء وأسرارها، وخيالها الممتد إلى آفاق لا حصر لها. ولم يَخل المعرض من قضايا ظلّت مرتبطة بالمرأة ماضيا وحاضرا.

وقّع هذا المعرض أزيد من 50 فنانة تشكيلية، وهو من تنظيم ”الجمعية الوطنية الفنية للنساء الجزائريات”. ويهدف إلى طرح اهتمامات وقضايا المرأة في إطار فني راق وملوّن، يجذب بأنواره الزائرين، ليقفوا على ما تعلنه تلك الفنانات وغيرهن من أحاسيس وآمال وآلام.

وتنوعت اللوحات المعروض مشتملة على العديد من الأساليب والمدارس الفنية، كالتجريدي والواقعي والتصويري والخط العربي والمنمنمات والزخرفة، إضافة إلى النحت والتركيب، تناولت كلها وبإتقان وإحساس مرهف، أحوال المرأة في الماضي والحاضر، والتحديات التي تقف أمامها للوصول إلى وضع أفضل، ولنيل حقوقها المشروعة. وتستقبل لوحات ياسمينة سعدون الداخلين إلى المعرض، ومنها لوحة كبيرة جذابة بألوانها الصارخة، خاصة منها البرتقالي الفاقع، وتبدو فيها امرأة ذات ملامح باهتة وبدون فم، مطأطئة رأسها كدليل على القهر. وتتناثر في الجوانب بعض الرموز، منها رمز ”الحرز”، الذي يوحي بالجهل، والتخلف الذي عاشته المرأة.

وفي اللوحة الثانية تبدو امرأة أخرى بدون فم بلباس بال، تمتد قطعه حتى خارج جسمها، كدليل على البؤس. وفي لوحة مجاورة تبدو المرأة مرسومة بآثار الزمن، من خلال التجاعيد والخطوط التي تقسم وجهها البائس.

وعلى عكس ذلك، تبدو لوحات الفنانة بابا عمور فيروز أكثر بهجة وجمالا وانطلاقا، حيث الألوان الزاهية، والجلسات النسوية الحميمية باللباس التقليدي الجميل، والمطرّز بالأشكال والألوان. وبالجوار تقف لوحات ويزة عشاب ذات الظلال الناعمة، التي تبرز فيها العمارة الإسلامية خاصة منها الأقواس، وكذا المدن القديمة التي تسكنها أطياف شخوص تطلّ من الماضي.  واعتمدت الفنانة أحلام كوردوغلي الأسلوب التجريدي بألوانه المتداخلة من كل صوب وطيف، لتبدو الأشكال وكأنها مجرات تجمع المتناقضات؛ كأن يكسو العشب الفضاء الممتد. وينبت فيه وكأنه بعث وحياة تولد من جديد. وفي لوحة أخرى هناك الكوكب المنشطر نصفين، كدليل على العالم المقسَّم بين الشمال الغني، والجنوب الفقير.

وأبدعت الفنانة خليصة سويسي في التجريدي واللعب بالألوان المتدرجة، لتبدو كأنها معادن، فيما تبدو أخرى صورة لأعماق المحيطات، ما يجلب هدوء وطمأنينة نفسية لا مثيل لهما. كما اختارت الفنانة هانية محنديد الأزرق بكل أطيافه، لتحاكي أمواج البحر العملاقة، ولتبدو الموجة كالمرأة الواقفة بطموحها وشخصيتها.

واستوقفت لوحة وقّعتها باية قسوسي الناظرين، حيث رسمت وجه امرأة نائمة وحالمة ومبتسمة، تبدو مخلوقة من ماء. وفي لوحة أخرى بها قصاصات تتضمن أسلاكا شائكة من زمن الحرب.

لوحات أخرى تكاد لا تنتهي، منها ما شاركت بها سهام قصيرة في الطبيعة الميتة، وأخرى في الطبيعة الحية ذات الاخضرار ورقرقة الجداول والوديان، على اعتبار أن المرأة لا يروقها إلا الجمال، ولأن هذا الأخير، كما يقول الفلاسفة، ”ابن المرأة والطبيعة”.

وحضرت، أيضا، المرأة الأندلسية بتاجها القديم مع جميلة عباسية، وامرأة أخرى من عهد الاحتلال مع فايزة بايو.

وبدورها، قدّمت باية زموش لوحات في الخط العربي والمنمنمات المستمدة من المدرسة الفنية الجزائرية الكلاسيكية. وكذلك الحال مع جازية شريح، التي رسمت في قلب المنمنمات حماما تقليديا تظهر به العادات والتقاليد النسوية. ورسمت في لوحة مجاورة امرأة قروية بجرّتها قرب النهر، تتحدث إلى فارس بزيه التقليدي. كما اختارت سليمة حدرباش أسلوب التزهير التقليدي، لتنجز العديد من اللوحات، زيادة على المنمنمات التي تتضمّن صور أسماك وفراشات وغيرها. واستحضرت زهية قاسي تراث الحايك، فرسمت امرأتين بالحايك تدخلان بوابة مفتوحة على البحر، وتغادران كدليل على اندثار هذا الموروث.

كما شاركت في هذا المعرض الفنانة المتألقة جهيدة هوادف، بلوحتها عن العصافير والطيور المستوحاة من أسلوب باية، لتُظهر الألوان الأنثوية الزاهية، التي تشعّ بالحياة والفطرة الربانية التي لا يشوبها التلوث.

واعتمدت الفنانة عفاف حمران تقنية الرسم على الزجاج. واختارت الطبيعة في مشهدها المطلق، وبعطورها المعبّقة.

لوحات أخرة ممتدة على مدى المعرض، بها الكثير من الإبداعات واللوحات والجداريات والقطع الفنية، التي تبرز ارتباط المرأة بهذا العالم الملوّن الجميل.