البروفسور بركاهم فرحاتي لـ"المساء":

أكلات وموسيقى بوسعادة تستحق التصنيف

أكلات وموسيقى بوسعادة تستحق التصنيف
البروفسور بركاهم فرحاتي
  • 782
لطيفة داريب لطيفة داريب

أكدت البروفسور بركاهم فرحاتي لـ"المساء"، تعلّقها بمدينتها ومسقط رأسها ومنطقة مولدها "بوسعادة"؛ ما دفعها للبحث عن تراث المنطقة، وتاريخها، وكذا إبراز ثرائها المتنوع. فبعدما تعبت من العيش والعمل في العاصمة بفعل الظروف الأمنية الصعبة في فترة التسعينات، قررت العودة إلى ديارها "بوسعادة"، وهناك تغلغلت في حكاية طالما ردّدها سكان المنطقة، ألا وهي عشق الفنان المستشرق إتيان ديني لبوسعادة.

خلال المحاضرة التي قدمتها فرحاتي في المدرسة العليا لحفظ الممتلكات الثقافية وترميمها بتيبازة وقد سبق لـ"المساء" نشر أجزاء منها، تحدثت عن سعيها لتحويل دار إتيان ديني إلى متحف وطني. وقد تَحقّق حلمها بعد سنوات رغم كل العقبات، وبمساعدة العديد من الشخصيات. أما خلال حديثها إلـى "المساء" فقالت المهندسة إن الدراسة والبحث عن المدينة التي تنحدر منها، زوّداها بالمتعة، ومكّناها من ولوج هذه المدينة من أبواب لا يعرفها إلا أولادها رغم أن كل من يأتي إلى بوسعادة يقع في غرامها، وقد يقطن فيها، مثل ما كان عليه الأمر مع إتيان ديني، الذي أحبّها، وأوصى بالدفن فيها.

وتطرقت فرحاتي لهندسة مدينة بوسعادة التي يعود تأسيسها إلى القرون الوسطى، وكانت عبارة عن مدينة رومانية مشكّلة من منازل مبنية في القمم، ثم تتبعها منازل أخرى في شكل هرم، ثم أصبحت عربية مسلمة بعد قدوم الأندلسيين إليها في القرن الرابع عشر، فكان أغلب سكانها من العرب المسلمين، وكانت تضمّ جالية كبيرة من اليهود، لم يعد لها وجود حاليا، إضافة إلى الرحّل.

وترى الدكتورة أن التنوع في سكان بوسعادة ثراء كبير للمدينة، مشيرة إلى وجود سكان ينحدرون من منطقة القبائل، فروا منها بعد ثورة المقراني، ولجأوا إلى بوسعادة بحثا عن الأمان، علاوة على وجود أطفال الأمير هاشمي ابن الأمير عبد القادر الذي وُضع في الإقامة الإجبارية في بوسعادة، وكان يزوره ابنه الأمير خالد في عشرينيات القرن الماضي، بدون أن ننسى تعلّق البوسعاديين بالزوايا، وبالأخص الزاوية الرحمانية، وبدرجة أقل الزاويتين القادرية وكذا العيساوية.

أما عن تراثها غير المادي فهو، بدوره، ثري جدا، يأتي في مقدّمته رقص أولاد نايل، الذي طالبت الباحثة بضرورة تصنيفه. كما إن بوسعادة هي، أيضا، مدينة الشعر الملحون بجدارة، علاوة على موسيقى "الأي آي" المعروفة بها، والتي لها علاقة ببني هلال. وتابعت الباحثة في التاريخ والأنثروبولوجيا أن الزي التقليدي البوسعادي معروف جدا ومتميز، بينما تُعرف المنطقة بالطبخ التقليدي، خاصة الشخشوخة والزفيطي. هذا الأخير قالت إنّه يُطبخ بالطريقة البوسعادية التي تمنحه ذوقا رائعا، لتطالب بأهمية تصنيفه وطنيا وعالميا.

كما عرّجت على صنع الأجبان بشكل فريد من نوعه، خاصة الذي يصنعه الرحّل من بيت الكحلة وبيت الحمراء؛ باعتبار بوسعادة، أيضا، مدينة الخروف. وعن الرحّل تحدثت بركاهم فرحاتي قائلة إنهم لا يعيشون على هامش المجتمع. كما تراجع عددهم مقارنة بالماضي، مضيفة أن الأسواق مثل سوق الإثنين وسوق الأربعاء، نقطة تلاقي الرحّل مع سكان المدينة.