الأدب خندق الديمقراطية

أديب نوبل البيروفي والرئيس الألماني يتحاوران حول الكتابة والجائحة والسياسة

أديب نوبل البيروفي والرئيس الألماني يتحاوران  حول الكتابة والجائحة والسياسة
  • القراءات: 629
الوكالات الوكالات

افتتح الأديب البيروفي ماريو فارغاس يوسا الحائز على جائزة نوبل للآداب، مهرجان برلين الدولي للآداب (ILB) في دورته 20، قائلا إنه يريد أن "يشبع المجتمع بالأدب"، ومؤكدا أن "الأدب صُنع لأوقات عصيبة، مثل تلك التي نمر بها". ورغم أن جائحة كورونا تسببت في إلغاء أو تأجيل مهرجانات أدبية عديدة في جميع أنحاء ألمانيا، إلا أنه لم يتم تأجيل مهرجان الأدب الدولي في برلين الذي يستمر لمدة 10 أيام، بحضور الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير.

وحضرت هذه الفعاليات نخب أدبية عالمية ومؤلفون من جميع أنحاء العالم، مثل الحائزة على جائزة نوبل للآداب أولغا توكارتشوك، والروائي النمساوي دانييل كيلمان، والألماني إنغو شولز، والمصري علاء الأسواني، وهيلاري مانتيل، وغيرهم.

الأدب في زمن الجائحة

تحدّث فارغاس يوسا عن دور الكتاب والمؤلفين منذ العصور القديمة، قائلا: "ألّفنا قصصا تساعدنا على التعبير عن مخاوفنا.. إنها طريقة لمقاومة أوجه القصور في الحياة"، معتبرا أن من الجيد أن يكون هناك أدب في هذه اللحظات غير المتوقعة والخطيرة على الجميع.

الأدب ضد الدكتاتورية

في خطابه، أكد الحائز على جائزة نوبل عام 2010 والبالغ من العمر 84 عاما، على قدرة الأدب على تغيير حياة الناس، معتبرا أن الدكتاتوريات غالبا ما تتوجس بشدة من الأدب؛ "إنهم يعلمون أن الأدب يشكل تهديدا لهم"، على حد قوله. وأضاف الكاتب من أصل بيروفي ومؤلف كتاب "الحرب في نهاية العالم"، "لمدة 300 عام في ظل الأنظمة الاستعمارية في أمريكا اللاتينية، كان هناك صمت يشبه الرواية"، قبل أن تجد الكتب الأولى طريقها في القرن 18. وأردف: "الخيال موجود دائما، ولكن الروايات أكثر من مجرد تسلية، إنها تحتوي على عدم الرغبة في الخضوع، إنها تشير إلى واقع مختلف"وأشار فارغاس يوسا الذي تخلى منذ زمن بعيد عن حماسه الشاب للشيوعية ويعتبر نفسه ليبراليا حاليا، أشار إلى المجتمعات غير الحرة بعبارات عامة فقط، ومع ذلك فقد شدد على الإمكانات الطوباوية للأدب في المجتمعات غير الحرة؛ إذ يعتبر الأدب عنصرا من عناصر النضال، "ويظهر لنا أن المستحيل يمكن أن يكون ممكنا".

الحجر الصحي والسياسة

ويعترف يوسا بأنه شعر ببعض الارتياح من تجربة الحجر الصحي والإغلاق العام؛ إذ تم إلغاء الفعاليات، وتوقف الصحفيون عن الإزعاج، وكان لديه الوقت للعودة إلى الكتب "التي أثرت فيّ بشدة"، مثل "الحرب والسلام" لتولستوي أو "يوليسيس" لجويس؛ حتى إنه أعاد قراءة بعض الكتب، وهو يكتب الآن عن بينيتو بيريث جالدوس، الذي يعتبره ثاني أفضل كاتب إسباني بعد ثربانتس، والذي أبهره في قدرته على الدمج المثمر بين السياسة والأدب.

واقتبس الرئيس الألماني شتاينماير من الكاتب المسرحي الألماني هاينر مولر، قوله إن "السياسة هي فن الممكن، بينما الأدب له علاقة أكبر بالمستحيل"، ليوجه سؤاله إلى يوسا عما إذا كانت السياسة ساعدته في صنع أدب أفضل، ليجيب يوسا: "لا أعرف، لكن لا غنى عنها لكاتب جيد حتى لو كنت تكره ذلك؛ إذ لا يمكنك أن تصنع أدبا جيدا إذا تجاهلت السياسة".

الأدب والديمقراطية

سلّط فارغاس يوسا الضوء على دور الأدب باعتباره بذرة للوعي النقدي والمناقشات الأساسية، وقال: "الأدب يخلق مواطنين أكثر صعوبة في التلاعب بهم، وغير منضبطين، وغير راضين، ويميلون دائما إلى الانتقاد، ويبحثون دائما عن الخطأ". وأضاف يوسا: "قريبا سنقرأ الروايات التي تساعدنا في معالجة هذه الصدمة الجماعية، والتي تعكس العواقب النفسية والاجتماعية للجائحة. وأردف موجها كلامه للرئيس الألماني: "أعتقد أن هذا سيستغرق بعض الوقت.. سيتعين عليك قضاء بعض الوقت في التفكير، ومضغ ما مررت به قبل أن يصبح فيروس كورونا مادة خاما للأدب الجيد. إن أول ما يظهر سيكون بالتأكيد سطحيا وتافها".

واتفق الرجلان على أن الوباء قد غيّر مفهومنا لأنفسنا، وأن البشر كانوا "متغطرسين للغاية". وقال فارغاس يوسا: "كان لدينا شعور بأننا نسيطر على الطبيعة وأنها كانت في خدمتنا، ولم تعد تحتفظ بالأسرار أو التهديدات، وكنا مندهشين للغاية". وأضاف الرئيس الألماني: "نحن نعلم الآن أن الأمر ليس كذلك، وأن هناك حاجة لمزيد من الاستثمار في البحوث العلمية والأنظمة الصحية الأفضل". ودعا إلى استخلاص الدروس، والاستمتاع بالقليل من الحياة الطبيعية التي يمكننا استردادها.