مهرجان ”صيف الزرقاء المسرحي” السابع عشر

أبو الشعر تستحضر ”القدس في عيون المبدعين”

أبو الشعر تستحضر ”القدس في عيون المبدعين”
الدكتورة هند أبو شعر، من جامعة عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية
  • القراءات: 874
❊ الأردن: وردة زرقين ❊ الأردن: وردة زرقين

قالت الدكتورة هند أبو الشعر، من جامعة عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية، إن مصير القدس مرهون بالعرب الذين من واجبهم تأكيد عروبة هذه المدينة التي تتعرض للمصادرة، وأوضحت أن الوقت مناسب لنشر واستعادة ذاكرة القدس المهددة بالمصادرة والتغييب، من خلال ذاكرة غريبة يتم زرعها في المدينة المقدسة وجوارها، في محاولة للتهويد المدروس منذ بداية نشوء الحركة الصهيونية.   

في مداخلتها بعنوان ”القدس في عيون المبدعين”، تم تنظيمها بالمركز الثقافي الملكي ”عبد الله الثاني”، في إطار مهرجان ”صيف الزرقاء المسرحي” السابع عشر، تحدثت الدكتورة هند أبو الشعر عن الجانب التاريخي والحياة الثقافية والنشاط المسرحي في مدينة القدس بين سنتي 1908 و1917 في محورين من الجانب الأكاديمي والإبداعي.

بخصوص الجانب الأكاديمي، اعتمدت المتحدثة على دراسة تتمثل في استعادة تاريخ القدس بين 1908 و1914، واستنادا لصحيفة مقدسية صدرت عام 1908 بالحرف العربي، لصاحبها المقدسي جورجي حبيب حمانية، قالت؛ إنه في هذه الفترة أثناء الحكم العثماني، كان هناك تأكيد على تغييب اللغة العربية، ولم تكن هناك إلا جريدة واحدة رسمية تصدر في القدس بالعربية، وتقدم الحياة اليومية والسياسية والإدارية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، واستخدمت الدكتورة هند الجريدة كمصدر للتاريخ، وقدمت تصور القدس في عيون الأكاديميين في هذه الفترة من خلال هذا المصدر الصحفي، مبرزة أن هناك من المصادر التي يمكن من خلالها، قراءة تاريخ القدس العثمانية من 1516 حتى خروج العثمانيين من القدس سنة 1917، وأضافت أن الدولة العثمانية أول ما دخلت القدس، سجلت كل ما وجدته على أرضها من القرى والمدن والأهالي وبالأسماء، كما كان يتم تسجيل أعداد غير المسلمين واليهود بأسمائهم، وقالت؛ حسب أول مصدر من خلال سجلات التحقيق، إنه بالإمكان إثبات عروبة هذه المدينة، وكمصدر ثاني، سجلات المحاكم الشرعية من خلال كل أحداث أهالي القدس بما فيها الزواج، المهور، الطلاق، النفقة، التركات، البيع والشراء والأسواق، ناهيك عن سجلات الوقف، وهي مصادر رائعة ومضبوطة، وهنا وجهت أصابع الاتهام للأكاديميين والباحثين، للوقوف في هذه المعركة التي تصادر إسرائيل وهوية المكان.

من أهم المصادر التي توقفت عندها المتحدثة كذلك، الصحافة، وتطرقت للمظاهر الثقافية من خلال المدارس والتعليم، عدد الجمعيات الثقافية الكبير ووجود دار السينما ومسرح القدس في 1908، بالنسبة للتعليم، وحسب السيرة التاريخية المعروفة لمدينة القدس في العهد الأيوبي والمملوكي، قالت إنه كان للقدس مركز للعديد من المدارس، وكان يأتيها معلمون من مصر ومن كل أنحاء بلاد الشام وبأسمائهم، وفي عام 1908، كانت فقط مدرسة واحدة في القدس تُدرس باللغة التركية، مقابل وجود عشرات المدارس للطوائف وللأجانب تدرس بلغات مختلفة، الإنجليزية، اليونانية، الفرنسية، الإيطالية، الألمانية والروسية، وكان على الطالب المقدسي أن يعرف اللغات، لوجود عدد كبير من القنصليات الأجنبية وزيارة السياح للقدس.

أما الجمعيات الثقافية، فقد كانت تقدم محاضرات، كما كان الكثير من الشعراء والأدباء والمفكرين المقادسة قادرين على إلقاء المحاضرات، وفيما يتعلق بدار السينما، كانت في القدس سينما تقدم صورا متحركة، تمثل أشهر الوقائع التاريخية والمواقع الحربية والألعاب المختلفة، إلى جانب الأفلام والوثائقية، حيث ورد في جريدة ”القدس”، حسبها، أن دار السينما كانت تعرض الأفلام ونشرها في كل أسبوع، وتفاجأت الدكتورة في بحثها، أن المخترع الأمريكي طوماس إديسون جاء إلى القدس سنة 1911، وعرض في دار السينما ”امنيستي” اختراعاته.

من الجانب المسرحي، أكدت المحاضرة أن جريدة ”القدس” كانت ترصد كل مسرحية تقام في القدس، من نشاط مسرحي في المدارس التي تتنافس على تقديم المسرحيات، ونشاط مسرحي تقوده جمعيات ثقافية في القدس، يذهب ريعها إلى المشاريع الخيرية، منها تدعيم مدرسة باللغة العربية، تم تأسيسها تحت اسم المدرسة الدستورية الوطنية، أو مساعدة منكوبي فيضانات حمص بسوريا. كما تم تدعيم أسر فرنسية هدمها فيضان نهر السين في باريس، إلى جانب نشاط آخر للمسرح قادم من مصر. وأشادت هند أبو الشعر بالثقافة الفائقة لأهل القدس في التصور، من مسرح زائد موسيقى عسكرية وعالمية، وأكثر ما لفت انتباهها في جريدة ”القدس”، حسب تعبيرها، أن الشبيبة المقدسية، وهم طلاب المدارس، كانوا يشاركون في المسرحيات، حيث وثقت الجريدة أسماءهم وعددهم 31، من بينهم طالبتان. ووصفت كل فصل للمسرحية. 

إلى جانب هذا، أكدت الدكتورة هند أبو الشعر أن القدس كانت فيها قنصليات أجنبية، مما أثر في تنوع النشاط الثقافي، والتركيبة السكانية المتنوعة من عرب، أرمن، يونان، أتراك، أرناؤوط وأجناس أخرى، حيث كل أسمائهم مسجلة في سجلات، فكان تنوع اللغات خدمة للسكان واستقبال السياح والحجاج المحصين بأعدادهم وأسمائهم.