المخرج سالم براهيمي لـ«المساء»:

«يمكنهم الرجوع الآن» إدانة مباشرة لمرحلة الإرهاب

«يمكنهم الرجوع الآن» إدانة مباشرة لمرحلة الإرهاب
  • القراءات: 1503
حاورته: مريم . ن حاورته: مريم . ن

يحرص المخرج سالم براهيمي على توضيح فكرة فيلمه الأخير «الآن يمكنهم المجيء» لتتّضح الرؤية أكثر، حتى لا تكون هناك أحكام مسبقة وقاسية على هذا العمل الذي هو تنديد بظاهرة العنف وليس تشويها للإسلام كدين وثقافة وهوية. المخرج يتحدث لـ«المساء»، عن أسباب انتشار الفيلم على المستوى العالمي، ويؤكد أنه فيلم روائي أكثر منه طرح سياسي محض.

❊ لا يخلو الفيلم من بصمة السياسة، فما تعليقكم؟

❊❊ لا يعدو ذلك سوى حضور أملاه السياق الفني وسيرورة الأحداث، على اعتبار أنّ موضوع الفيلم متعلّق بالعشرية السوداء في بلادنا، ومنه تجلى حضور السياسة إلى حد ما، لأن هناك ركن من السياسة داخل ظاهرة الإرهاب، لكن عموما فإنّ الفيلم يتناول في أساسه علاقة بين زوجين عاشا هذه المرحلة الصعبة ولا يتناول موضوع إرهاب أو سياسة بشكل مباشر.

أعتقد أنّ ما يهم هو أن يكون الفيلم جيدا، ولا يتأتى ذلك إلاّ إذا كان موضوعه جيدا، علما أنّ تناول مثل هذه المواضيع أمر في بالغ الحساسية ولا يسمح بأي تهاون.

❊ كيف ترون حضور السينما في مثل هذه المواضيع، وما هي الإضافة التي قد تقدّمها؟ 

❊❊ السينما فن وإبداع وفكر، وعلينا أن لا نحمّلها مهمة بعينها لتطلقها أو تؤديها ميكانيكيا أو بالمباشر، لكن يأتي دور السينما في مثل هذه المواضيع، حينما تعجز السياسة وتترك بعضا من الأداء للسينما، شرط أن لا تحوّل هذه السينما إلى منبر سياسي، بل كي تؤدي خطابا مقنعا اتّجاه جمهورها وتقدّم وجهة نظر لا أكثر، بعيدا عن أية خطابات سياسية.

❊ يعد فيلمك تأريخا لمرحلة عاشتها الجزائر، فما ردكم؟

❊❊ فيلمي ليس تاريخا وليس تأريخا، بل يتناول حياة إنسان جزائري عادي عاش في زمن الإرهاب، بمعنى أنني أتناول جانبا من هذه المرحلة، وستتناول أفلام أخرى جوانب أخرى من نفس الفترة، كل هذه الأعمال في تركيبها العام، ستكون صورة مكتملة عن هذه العشرية السوداء، ومن جهة أخرى فأنا لست بالناطق الرسمي باسم 200 ألف ضحية سقطت في هذه المرحلة، ولا أملك سوى أن أنحني أمام ذكراهم الطاهرة وأعطي فرصة لقراءة هذا التاريخ وليس أكثر.

❊ يعتبر البعض هذا الفيلم موقفا سلبيا من الإسلام وتشويها لصورة المسلمين؟

❊❊ أبدا، فالأمر غير ذلك تماما، وأنا لست ضدّ الإسلام الذي هو ديننا ولا ضدّ المسلمين، وأنا لا أكره أحدا بل أنا ضد العنف والإرهاب، وأعود لأذكر أنّ الفيلم هو وجهة نظر اتّجاه ظاهرة أضرت ببلادي، وأكيد أنّه يحمل قناعاتي أيضا، فلا يمكن أن تحمل عدّة قناعات في فيلم واحد، أي أن تكون رماديا وأبيضا وورديا في آن واحد، حينها ستكون مشتّتا وغير مقنع، فالفيلم لا بد له أن يحمل لون المخرج، لكن إذا حصل الاختلاف، وهو أمر وارد، فعلى كلّ من يحمل وجهة نظر، مخافة أن ينجز فيلمه لتتبارز بعدها الرؤى والأفكار من خلال العديد من الأفلام وهذا إثراء وقراءة متعدّدة لتلك المرحلة .

عموما كنت أدين الإرهاب في أساسه وتغلغله في المجتمع وضربه للوعي العام، ولم أقتصر فقط على اعتماده القتل والعنف، وطبعا بلد مثل الجزائر المعروف بسماحته  والبعيد عن هذا العنف، تعرّض لضربة قاصمة في تاريخه المعاصر.

أؤكد أن الإرهاب ظاهرة لا علاقة لها بالإسلام، على الرغم من أن البعض ممن انتهجوا طريق العنف مسلمون، والصدمة هو أنّ إرهابيين ولدوا في أوروبا منها فرنسا، وترعرعوا هناك، ولا علاقة لهم بأرض الجزائر ولا بعائلاتها، وهم من يحاربون اليوم في ساحات المعارك ببعض البلدان العربية، منها سوريا.

❊ كيف عاش الجمهور الأجنبي هذه المرحلة، وما هي إسقاطاتها على أحداث الراهن؟

❊❊ سافر الفيلم عبر العالم منه أمريكا وأوروبا، وأحدث صدمة لدى الجمهور الغربي، ولم تكن مهمتي صعبة في أن أشير ضمنيا وأشرح لهم بأنّنا كنا نحن الضحايا الأوائل للإرهاب، وعدد قتلانا كان الأكثر، بالتالي نحترم ضحايا 11 سبتمبر الذين سقطوا بأكثر من عقد من الزمن بعد ضحايا الجزائر، في حين كان يردّد العالم كله في 12 سبتمبر 2001 «كلنا أمريكيون»، لكن الجزائريين لم يلقوا الدعم من العالم وكان يوصف الإرهاب بأنه حرب أهلية أو إثارة «من يقتل من؟»، وهكذا إلى أن لسعت الظاهرة كل العالم ولم يسلم منها أحد، لذلك كان التجاوب مع الفيلم كبيرا وكان الذعر حين تعرض لقطات مرعبة.

❊ هل ترى أن أبطال فيلمك أدوا المهمة كاملة؟ 

❊❊ وضعت كامل ثقتي فيهم ولم يخيبوا ظني، وكان منهم أمازيغ كاتب ورشيدة براكني وقد كنت أعرفهم من قبل، وبالنسبة لأمازيغ، فقد شارك بصوته في فيلمي عن الأمير عبد القادر (سرد) والممثلان البطلان مختلفان فرشيدة ممثلة محترفة، وزاولت المسرح والسينما، أما أمازيغ فهو مغن لكنه سريع الحفظ ويدرك تجليات الإيقاع، وهو ملتزم في عمله يتقن قراءة النص، مما سهّل عليه التمثيل والاندماج فيه، بالتالي تبادل البطلان المواهب وتناقحا حتى أصبحا ثنائيا في العمل وأديا دور زوجين تعرضا لصعوبات أفرزتها تلك المرحلة.