يرتكـــز على الوسطــية ويعتمد أحدث التقنيات

"جامع الجزائر".. منارة بمعالم الهوية ومآثر السلف

"جامع الجزائر".. منارة بمعالم الهوية ومآثر السلف
  • القراءات: 860
مريم . ن مريم . ن

أصبح جامع الجزائر الأعظم منذ افتتاحه الرسمي مؤخرا، من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مقصدا للزوّار من كلّ صوب وحدب، ليس لكونه مركّبا دينيا فقط بل يضاف لذلك بعده الثقافي الحضاري والسياحي الذي تتجسّد فيه معالم الهوية وذاكرة السلف، يجسّد الاستعادة المعنوية للأبعاد الروحية التي حاول المستعمر بكلّ وسائله طمسها وإلغاءها من حياة الأمة الجزائرية.. "المساء" طافت عبر مختلف فضاءات هذا المعلم الشامخ بمئذنته، الثريّ بنشاطه المتمكّن من حوار الآخر، المساهم بلا شكّ في بناء مشهد ثقافي وفكري وحضاري يتجاوز حدود أسواره ممتدا لآفاق بعيدة تحتاج اليوم أكثر من أيّ وقت إلى معرفة الإسلام وثقافته وتاريخه بجلاء ودون تشويش. 

يضمّ المسجد 12 بناية منفصلة في موقع يمتد على 20 هكتارا بمساحة تزيد على 400 ألف متر مربع، ومن معالمه دار القرآن، وهي معهد للعلوم الإسلامية لدراسات ما بعد التدرّج، تستقبل طلبة طور الدكتوراه، وتسع لـ300 طالب تأويهم 300 غرفة فخمة مع 15 غرفة مخصّصة لإيواء الأساتذة المدرّسين، وتعتبر هذه الدار الهيكل العلمي للجامع، وتضمّ أيضا قاعات تدريس وقاعة محاضرات، إضافة إلى أماكن للراحة.

كما يحوي "جامع الجزائر" على العديد من المرافق الدينية والعلمية، فبالإضافة إلى صحن المسجد وقاعة الصلاة التي تتّسع لـ120 ألف مصل، ومدرسة عليا للعلوم الإسلامية للدكتوراه، ومركزا ثقافيا إسلاميا، إضافة إلى مكتبة تتّسع لألفي طالب بها مليون كتاب، وقاعة محاضرات ومتحف للفن والتاريخ الإسلامي، ومركز للبحث في تاريخ الجزائر، وما يشدّ الزوّار أيضا هو البوابات الضخمة والأعمدة المرفوعة. يهدف "جامع الجزائر" من خلال نشاطاته الدينية والثقافية كمركز إشعاع ديني وفكري إلى تحصين المرجعية الدينية، ملتزما أيضا بنشر خطاب الاعتدال والقيم السمحة، ناهيك عن دوره السياحي.

هياكل في خدمة الفكر والتراث والهوية

تعلو المسجد مئذنة سامقة شامخة بارتفاع 265 متر، تحمل 43 طابقا علويا وطابقين أرضيين، تضمّ متحفا وفضاء للراحة وصومعة زجاجية.

دخلت المساء صحن المسجد وهو ساحة عملاقة مرصّعة بالأعمدة الشاهقة، ومنها يتم الدخول عبر بوابة نحاسية منقوشة وعملاقة إلى ساحة المنارة التي بها عدّة مبان، إذ توجد فيها البنوك والمصارف البريدية والمطاعم ومحلات الحرفيين ورياض الأطفال وغيرها، وبالساحة مبنى المنارة التي لم يفتتح منها سوى طابقها الأرضي، بينما يتم تجهيز باقي الطوابق منها طوابق المتحف، كما توجد طوابق لمنصات المشاهدة ومركز بحوث وغيرها.

مرورا بالحديقة الغنّاء، اتّجهت "المساء" إلى المركز الثقافي لجامع الجزائر الذي يوجد في الجهة الجنوبية للمسجد، به قاعة للمحاضرات ذات 1500 مقعد، تحتضن الملتقيات والندوات العلمية والفكرية، ثم توجد المكتبة الضخمة والمقسّمة على ثلاثة مبان، منها مبنى للإدارة ومبنيان لاستقبال الطلبة وتستقبل 3400 زائر.

قاعات كبرى ومتاحف

بالمناسبة، التقت "المساء" بالدكتور أحمد الزين مستشار عميد مسجد الجزائر الذي أكّد أنّ هذا الصرح هو مؤسّسة عمومية منفصلة تابع لعمادة المسجد به قاعة كبرى بـ1500 مقعد وأخرى بـ250 مقعد وكذا 4 قاعات كبرى للورشات و6 أخرى مخصّصة للحرفيين، كما توجد قاعة أخرى لفصول الدراسة والترفيه تتماشى وطبيعة المكان، كما يقدم المركز الثقافي خدماته الخاصة بالملتقيات الكبرى منها الدولية، إضافة للقاءات والندوات العلمية والدينية وهو ما يعكس النشاط الفكري والثقافي للجامع.

ويستقبل المركز أيضا طلبات من عدّة جهات منها المؤسّسات لعقد مؤتمراتها به، علما أنّ قاعته الكبرى هي اليوم أكبر قاعة بالعاصمة بعد قاعة المركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحال"، كما أنّ بالمركز تجهيزات دقيقة منها 8 كاميرات على أحدث طراز، ويوجد أيضا مركز لتسجيل الحصص به فضاء كبير للإطعام و4 مقاهي وقاعة كبرى للمحاضرات، أشار المتحدّث أيضا إلى أنّ المركز الثقافي موجود بجوار المنارة، ما يسمح برواج حركة المؤتمرين في السياحة والأعمال.

المركز، حسب متحدث "المساء"، به متحف مصغّر يستقبل عروضا خاصة وبه مخطوطات ومجموعة متحفية مرتبطة بالفكر والحضارة الإسلامية، كما توجد ورشات ينشّطها حرفيون مختصون في الزخرفة والخط العربي، وبالنسبة للمنارة قال الدكتور الزين إنّ بها متحفا للحضارة الإسلامية يمتدّ عبر 15 طابقا مع 3 منصات مشاهدة بأحدث التجهيزات، وهو يخصّ كلّ ما يتعلّق بالحضارة الإسلامية عبر تاريخها بالجزائر، هناك أيضا المخطوطات والمصحف الشريف والمسكوكات والعمارة الإسلامية والخطّ العربي زيادة على المعارض المؤقتة ذات الصلة وبأحدث تقنيات العرض عبر العالم منها نظام الخرائط وغيرها، والزائر سيتمكّن من التمتّع بمنصة المشاهدة وكذا بمشاهدة العاصمة من 4 جهات أي بـ360 درجة.

تحدّث الدكتور الزين عن أهم متحف في افريقيا بالمنارة الممتد عبر 20 طابقا، علما أنّه عبر كلّ 5 طوابق تكون هناك استراحة.

زخرفة من صميم التراث المعماري الجزائري

بالنسبة للزخرفة، قال المتحدث إنّه تم الاستعانة فيها بكبار الخطّاطين الجزائريين الذين ساهموا في كلّ الفضاءات بآيات القرآن والأحاديث الشريفة، منها أيضا مساهمة النقّاشين على الحجر ذوي السمعة العالمية، كما تمّ الاستعانة في هذا المجال بأساتذة التاريخ وعلم الآثار ضمن لجنة فنية لوضع تصوّر خاص لإنجاز وتصميم الزخرفة في الجامع، مع الاستعانة بالمخطوطات التاريخية وبالتراث الفني منها المنمنمات والزخرفة المستمدة من النصوص الفنية والثقافية الجزائرية، وهنا ذكر المتحدّث ورقة التين كرمز ثقافي وضعت على شكل منمنمة ووضعت أيضا في شعار الجامع الرسمي.

للإشارة، وقفت "المساء" عند معالم هذه الزخرفة خاصة في القاعة الكبرى للصلاة بالفضاء المسجدي حيث الألوان الزاهية منها الأزرق الفاتح وكذا بعض النقوش والتزهير في شكله المخفّف، مع الالتزام بالقواعد الفنية والهندسية التي تعكس ثراء المعمار الجزائري.

بالنسبة لنشاط المركز في رمضان فقد أشار الدكتور الزين إلى أنّ محاضرات مبرمجة كلّ أسبوع في مضامين وشؤون مختلفة تعكس مدى دور الجامع في تنشيط الحركة الفكرية والثقافية.

أعوان الأمن والمرشدون في مستوى المهمة

دور آخر يمارسه أعوان الأمن الداخلي (300 عون من شركة أمن خاصة) منهم رؤساء الفوج ورؤساء الموقع والمنسقون في 4 أفواج عمل حيث يتم الوقوف على حفظ الأمن والسلامة والانضباط وتوجيه الزوّار، إضافة لدور المرشدات المكلفات بالنساء والتي أكدت إحداهن وهي السيدة "جميلة .م" أنّ توافدا كبيرا يعرفه الجامع خاصة بين صلاتي المغرب والعشاء وفي صلاة الجمعة وفي أيام العطل، ما يستوجب المرافقة، مؤكّدة أنّ الزوّار يأتون من عدّة مناطق بالعاصمة ومن شتى الولايات للصلاة والتمتّع بهذا الصرح الجميل.. مفخرة الجزائر.