رغم البرامج التنموية الهادفة لتغيير واقع المدينة

غليزان تغرق في المياه القذرة والنفايات

غليزان تغرق في المياه القذرة والنفايات
  • القراءات: 487

لم تكن البرامج التنموية تجدي نفعا، لتغيير واقع ولاية غليزان عامة وعاصمة مقرها بصفة خاصة، والتي عجز مسؤولوها عن التكفل بمشكل النفايات، الذي لطالما شوهت المناطق العمرانية بالولاية، وأصبحت النفايات مرادف للواقع اليومي المعيش. ورغم ما تبذله الدولة من مجهودات لتحسين الواقع البيئي، إلا أن مدينة غليزان على وجه الخصوص تبقى مرادف لمناظر انتشار مخلفات المنازل والورشات في كل مكان، ناهيك عن تسرّب المياه القذرة ببعض الأحياء، وما تشكله من خطورة خاصة في فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة.

يتساءل العديد من المواطنين بغليزان، عن المقاييس والمعايير التي تم اعتمادها في حقبة مضت لاختيار بلدية غليزان ضمن المشروع الوطني "البلديات الخضراء،" وهي البلدية التي تميزت بانتشار النفايات منذ سنين مضت، بعد أن اختارت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بلدية غليزان في السنوات الماضية، من ضمن الأربع بلديات نموذجية في المشروع الوطني المذكور، والذي سيتم بالتعاون مع وزارة التضامن الألمانية.

وجاء هذا الاختيار، بعد أن قدمت بلدية غليزان عرضا حول استهلاك الطاقة الكهربائية بالبلدية، خلال مشاركتها في ورشة إطلاق مشروع بالجزائر العاصمة، بالتعاون بين وزارة الداخلية والجماعات المحلية، ووكالة التعاون الألمانية بخصوص "البلديات الخضراء".

وقد اختارت الوزارة الوصية آنذاك، أربع بلديات وهي غليزان، بشار، الجلفة، وسوق أهراس، حيث سيمكن هذا المشروع الهادف من كسب خبرات في هذا المجال، خاصة في ظل، معاناة عاصمة مقر الولاية، من الانتشار الواسع للنفايات، على مستوى 13 نقطة سوداء.

كما تعاني العديد من أحياء الولاية، من مشكل آخر ظهر في الآونة الأخيرة يتمثل في تسرب المياه القذرة ببعض أحياء عاصمة مقر الولاية، وهو ما يشكل عاملا لانتشار الأمراض المتنقلة عبر المياه وسط السكان، خاصة وأن المنطقة معروفة بارتفاع درجات بحرارة، في فصل الصيف.

 مفرغات شوائية بكل حي رغم حملات التنظيف

يشتكى قاطنو أغلب أحياء عاصمة الولاية غليزان، التي تعدّ أكثر من300 ألف نسمة، من الانتشار الرهيب للمفرغات العشوائية للنفايات والمخلفات التجارية، التي زادت خلال شهر رمضان، حيث أصبحت هذه النفايات ترمى حتى أمام المؤسسات العمومية بما فيها التربوية، ويعد سكان الأحياء الشرقية الشعبية على غرار شميريك، النجاح، وسطال وبالجهة المقابلة قرية سنافير، بوشليل، والزراعية، بالإضافة الى زغلول و"سي أن ميطال"، وحي 42 مسكن، أكثر المتضررين من ظاهرة الانتشار الرهيب للقمامة المنزلية، حيث تحولت الأوعية العقارية المهملة والمساحات الفارغة، وحتى الحديقة العمومية "حديدوان" الى أماكن عشوائية لرمي مختلف أنواع الأكياس البلاستيكية، ويزيد الوضع خطورة، حين يقدم بعض المواطنين على حرقها خاصة ليلا، وهو ما يدفع السكان إلى مغادرة مساكنهم، ناهيك عن تضرّر الأطفال الصغار، والمصابين بالربو والحساسية.

وأوضح عدد من السكان، أنهم يضطرون في بعض الأحياء إلى توجيه مرضاهم إلى المستشفيات أين يمكثون لساعات هناك حتى يتحسن وضعهم الصحيّ.

والغريب في الأمر، أن الرّمي العشوائي للنفايات لا يستثني أي مكان، حيث امتد إلى المؤسسات التربوية مثل ما يحدث بإحدى المدارس الابتدائية بحي زغلول، حيث يعاني المتمدرسون بها من انتشار الروائح الكريهة المنبعثة من النفايات، والتي تصل الى حجرات التدريس.

وقد قامت جمعية محلية في العديد من المرات، بمراسلات رفعت للسلطات المحلية لحملها على احتواء الوضع، وتحويل الحاوية الحديدية التي لا تبعد إلاّ أمتار قليلة عن الجدار الخارجي للمدرسة، ولكن دون جدوى، أين يتم رمي مئات الأطنان من النفايات، في وضع يزداد سوءا كل يوم، خاصة خلال التأخر في رفع الحاوية وإفراغها.

ويمتد واقع الانتشار الرّهيب للنفايات، إلى أحياء تصنف مجازا ضمن الرّاقية، والغريب في الظاهرة، أن السلطات الولائية السابقة قامت بإطلاق عملية توزيع حاويات بلاستيكية كبيرة شملت كل أحياء عاصمة الولاية، بما فيها حي برمادية الذي يتميز بكثافة سكانية كبيرة، نحو 30 ألف نسمة، حيث سارت الأمور وانخرط السكان في العملية، إلا أن تأخر رفعها من قبل عمال النظافة، عجل بإقدام بعض المواطنين على رمي هذه الحاويات بعيدا عن سكناتهم باعتبار أنها كانت تمتلئ عن آخرها وترمى "الأكياس" خارجها، وهو ما أفرز انتشارا كبيرا للروائح الكريهة، ومختلف أنواع الحشرات التي وجدت محيطا عفنا مساعدا على تكاثرها، بالإضافة إلى الكلاب المتشردة خاصة بالأحياء الشعبية وحي برمادية.

وأمام هذا الوضع الكارثي، حاولت السلطات الولائية سابقا، في نسخة طبق الأصل لما قام به الولاة السابقون، تنظيم حملات نظافة، ومنها التي اختيرت لها شعار "صيف السنا صيف الهنا"، أين مسّت عددا من الأحياء لاسيما الواقعة منها بمداخل المدينة، ولكن دون أن يكون لها وقعا في تغيير الصورة السوداوية لواقع البيئة، خاصة وأن المواطنين لم يستجيبوا للحملات ما عدا بعض الجمعيات التي لم يكن حضورها عمليا مؤثرا.  وفي غضون ذلك، أكد عدد من المواطنين، أن هذا الوضع لا تتحمله مصلحة النظافة وعمالها، حيث يلقى جانب كبير من المسؤولية على المواطنين الذين يقومون بإخراج النفايات بعد مرور شاحنات الجمع، أو رميها في أي مكان، وهو ما أفرز في العديد من المرات مشاحنات وشجارات بين سكان الأحياء، وصل بعضها إلى أروقة العدالة. 

مخلفات أشغال البناء وبقايا الردوم... ولا أحد تحرك

عبّر العديد من قاطني الأحياء التي تشكلت بها جبال من الرودوم، الناتجة عن رمي الشاحنات لمخلفات إنجاز مشاريع إيصال المياه الصالحة للشرب، أو تعبيد الطرق ومختلف الشبكات الأخرى، بأحياء 5جويلية، عيسات ايدير، زغلول، سطال وشميريك، عن استيائهم الكبير من الوضع الكارثي الذي أصبح يميّز أحياءهم، وقالوا إن مظاهر التمدّن تلاشت على جبال أشغال الردوم وعمليات هدم المساكن الفوضوية.

وأكد بعض سكان حي سكان زغلول أنّ وعاء ما كان يعرف سابقا بـ"حي الخضّارة" الفوضوي، الذي هدّم ورحلّ سكانه إلى حي 630 سكن بحي شميريك، تحوّل إلى مكان مفضل لرمي مختلف مخلفات البناء والردوم من قبل أصحاب الشاحنات وهذا ربحا للوقت، وما عفّن الوضع، تشكل مفرغة عشوائية شملت حتى محلات رئيس الجمهورية التي مازالت مغلقة منذ تاريخ استلامها، بعد رفض تجار طريق "الرّكابة" استغلالها والنّشاط بها، ومن بعدهم مجموعة من الشباب التي استفادت هي الأخرى، بعد إلغاء قرارات الاستفادة للمستفيدين الأوائل.

وأضاف الناقمون من الوضع، أنهم اتصلوا لأكثر من مرّة لحمل المصالح المعنية على ردع المخالفين، ولكن دون أن تحرك هذه الأخيرة ساكنا. ويمتد واقع الحال المزري الذي لا يعد استثناء بالنسبة لسكان حي 5جويلية أو زغلول، ليشمل أكبر وعاء عقاري بحي سطال، أين أقدم منذ سنتين مقاول استفاد من مشروع تنقية وادي الصفا الفوضوي، على رمي مئات الشحنات من التربة العفنة التي تهدد حياة البيئة والسكان به، والغريب في الأمر أن تدخل المواطنين لدى مديرية السكن لبلدية عاصمة الولاية لم يغير شيئا.

وقد حاولت جمعية الحيّ لفت انتباه المسؤولين للمشكل القائم عن طريق مراسلات ولكن دون جدوى، حيث تمتد ظاهرة رمي الرودوم لتشمل أحياء شميريك، والزراعية، وبرمادية. وأجمع الكثير، على ضرورة تكثيف المراقبة لاسيما وأن أحد الأوعية غير بعيد عن جسر برمادية، أصبح ترمى به آلاف الأطنان من الرودوم الهامدة.

الحي الفوضوي وادي الصفا رمز لكل الآفات

يعتبر حي وادي الصفا الفوضوي، الذي يضم حسب بعض الإحصائيات، أكثر من 3000 قاطن، رمزا لكل هاته الآفات من سكنات فوضوية تنعدم بها شروط الحياة كالمياه الصالحة للشرب والكهرباء والإنارة العمومية، إلى شبكة صرف المياه القذرة، يضاف الى ذلك الانتشار الكبير للقامة وسط وبجانب الحي، وكذا عبور الوادي الذي يحمل الحي مجري إسمه المياه القذرة والمستعملة، حيث يرتفع منسوب الوادي وتنتشر الروائح الكريهة في المنطقة سواء حي سطال أو الحي الفوضوي وادي الصفا.

حي 42 مسكن.. صورة معبرة عن واقع المدينة

يضم حي 42 مسكن، الواقع بوسط مدينة غليزان، مؤسسات إدارية على غرار مركز بريدي ومديرية "بريد الجزائر"، والقريب من دار الضيافة لمصالح ولاية غليزان، حيث يقابل الشارع الرئيسي الذي يعبر المدينة، وكان سابقا الطريق الوطني رقم 23، إلا أن الحي يتميز بالانتشار الفوضوي للقمامة طيلة اليوم، حيث ترمى أمام مدخل المركز البريدي، وعبر زوار المركز البريدي، عن استيائهم الكبير من هذه الظاهرة، داعين المصالح المختصة الى التدخل لتدارك الوضع.

ويبقى التدهور البيئي بعاصمة مقر الولاية مستمر، رغم رصد السلطات المحلية في كل مناسبة، مبالغ مالية للتكفل بالوضع، منها رصد مبلغ مالي بقيمة 7 مليار سنتم في حقبة الوالي السابق مولاتي عطاء الله للبلدية، موجه لنظافة المحيط بمدينة غليزان، إلا أن الوضع لا زال على حاله في ظل عدم القيام بمهامها المتعلقة برفع النفايات المنزلية عبر مختلف الأحياء.   ورغم حل مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني وتحويلها إلى "نظيف 48"، لم يغير في الأمر من شيء لرفع النفايات، حيث يعد ذلك بمثابة تخلي واضح من قبل مصالح البلدية عن مهمة أساسية وهي النظافة العمومية.

وأمام هذا الوضع، طالب العديد من المواطنين، بضرورة محاسبة المسؤول عن تدهور الوضع البيئي، وضرورة اتخاذ إجراءات لتحميل كل واحد مسؤوليته.