كبار السن يصرون على الصيام رغم المرض

كبار السن يصرون على الصيام رغم المرض
  • القراءات: 991
رشيدة بلال رشيدة بلال

يشتكي بعض الأبناء خلال شهر رمضان، من صعوبة إقناع أوليائهم المصابين بأمراض مزمنة، بضرورة الإفطار، إذ يصر هؤلاء على الصيام،  رغم المرض، الأمر الذي أدخل الأسرة بأكملها في حالة من الحيرة، بحثا عن بعض الحلول، علها تساهم في إقناع من اشتد به المرض، بضرورة الإفطار حفاظا على حياتهم.

يروي لـ«المساء، عدد من الأبناء، معاناتهم اليومية مع أوليائهم، من أجل إقناعهم بضرورة الأخذ بالرخصة والإفطار بسبب المرض، حيث جاء على لسان مواطنة، بأن والدها تجاوز عتبة الثمانين سنة، ويعاني من ارتفاع في ضغط الدم، ومع هذا يصر على الصيام، رغم أن طبيبه المعالج ألح عليه بضرورة الإفطار، إلا أنه يرفض الاقتناع برأي الطبيب، مردفة بقولها: "مع أنني أخذته إلى الإمام الذي ظل يقنعه بالدليل من الكتاب والسنة، بأهمية الإفطار ووجوب الأخذ بالرخصة"، إلا أنه، تقول: "يرفض مجرد التفكير في الأكل وانتهاك حرمة رمضان"، الأمر الذي دفعها إلى إبقائه تحت الحراسة المشددة، مضيفة: "وبعد الإفطار أسارع من أجل تزويده ببعض الفيتامينات التي تمكنه من كسب بعض الطاقة، خاصة أن شهيته للأكل قليلة، مع الحرص طبعا، على مواعيد أخذ الدواء لتجنب أي مضاعفات قد تحدث".

بينما تؤكد مواطنة أخرى، بأن والدها مصاب بداء السكري، وعلى الرغم من أن طبيبه منع عليه الصيام، وحثه على ضرورة الإفطار والأخذ بالرخصة التي أقرها المولى عز وجل، إلا أنه يرفض رفضا قاطعا الامتثال لرأي الطبيب، ومع أنني تقول: "أطلعته على ما يقول الأئمة والشيوخ في باب الإفطار بسبب المرض، غير أنه يعتبر شهر رمضان من أشهر الله الحرم التي لا يجوز انتهاكها لأي سبب كان"، وأمام هذا تردف: أحاول طيلة اليوم مراقبته خوفا من دخوله في غيبوبة، أو احتمال نزول معدل السكر في الدم، وتعلق: على الرغم من أن المولى عز وجل يحب أن تؤتى رخصه، إلا أن إقناع كبار السن بهذا الحكم صعب، لأنه عندما يتعلق الأمر بالعبادات، فإن كبار السن يرفضون التجاوب معها". حسب ما جاء على لسان بعض العاملين في القطاع الصحي بالبليدة، فإن مصالحهم على مستوى الاستعجالات، تستقبل منذ دخول شهر رمضان بعض الحالات لكبار السن من الذين يرفضون الأخذ برخصة الإفطار، حيث يتم إسعافهم بعد الإفطار مباشرة، خاصة بالنسبة للمصابين بالضغط الدموي وداء السكري، وعلى الرغم من الإلحاح عليهم بضرورة الإفطار، إلا أنهم بمجرد الخروج من الوحدة الصحة، يعاودون الصيام".

ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة...

من جهته، أكد الإمام الأستاذ أكرم شاقور في معرض حديثه مع "المساء"، أن الكثير من العائلات الجزائرية في هذا الشهر الفضيل، لم تستطع إقناع مرضاهم من كبار السن بعدم الصيام، استجابة لنصائح الأطباء، وتأكيدهم أن الصوم يؤثر على صحتهم سلبا، خصوصا الذين يعانون من الضغط والسكري وقصور الكلى.

حسبه، فإن الله سبحانه وتعالى، رخص للمريض الإفطار في شهر رمضان،  حفاظا على حياته وسلامته، فيجب على المريض العمل بهذه الرخصة الإلاهية، لأن المرض يشكل عبئا على جسده، حيث يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة واحسنوا إن الله يحب المحسنين"، وعليه يؤكد المتحدث: "ليس من البر الإصرار على الصوم في حاله المرض، ففي الشريعة الإسلامية، من كان مريضا مرضا مزمنا لا يجوز له الصيام، إنما تجب عليه الفدية، فيطعم عن كل يوم أفطره مسكينا، فإذا كان مريضا نهار رمضان وأفطر، وبعد انقضاء هذا الشهر المبارك شفي من مرضه وتعافى من ألمه، وكان بإمكانه أن يصوم، فيقضي الأيام التي أفطرها ولا حرج ولا إثم عليه، لأن الله عز وجل يقول في كتابه العزيز في سورة البقرة "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر"، وهذا من رحمة الله عز وجل ولطفه وجوده وكرمه بعباده، كما قال الله عز وجل «وما جعل عليكم في الدين من حرج"، والله سبحانه وتعالى ـ كما يقول أهل العلم  ـ إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه".

من جهة أخرى، يرى الإمام أكرم شاقور أنه يجب على كبار السن وأصحاب الأعذار والمصابين بمرض مزمن، الاستجابة لأوامر طبيبهم بعدم الصيام، وأن يلتزموا بتوصياته، نظرا لما في الصوم عليهم من مخاطر وأضرار، وعلى الأبناء الاستمرار في حث ذويهم على الأخذ بالرخصة، فالمسلم لابد أن يحافظ على صحته وسلامة جسمه قبل أن يصاب بمرض يقعده ويلزمه الفراش، والله تعالى إذا مرض المسلم وأفطر في نهار رمضان، يأجره على فطره، كما يأجره لو كان صائما، نظرا لتطبيقه وامتثاله لهذه الرخصة الإلاهية.