بين التحضير الروحي والمادي تفاصيل أخرى جميلة

هكذا تستقبل العائلات السكيكدية شهر الصيام

هكذا تستقبل العائلات السكيكدية شهر الصيام
  • القراءات: 1144
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

حوّلت جل الأسر السكيكدية منازلها مع حلول شهر شعبان، إلى شبه ورشة استعدادا لاستقبال شهر رمضان الكريم، في تحضيرات تليق بمقامه الديني والاجتماعي، إذ ترى الحرائر أنّ التحضير للشهر الكريم يكون قبل مجيئه بشهر، كما أشارت إليه السيدة سهام بوترعة، القاطنة ببلدية عزابة شرق سكيكدة لـ"المساء"، مؤكدة أنها تشرع في تنظيف المنزل تنظيفا كليا، مع قيامها بتغيير الأفرشة والستائر، وحتى الأواني، موضحة بأنها تقوم بذلك بدافع المكانة الخاصّة التي يحتلها هذا الشهر، بما يليق به كضيف سنوي ننعم طيلة شهر بنفحاته الإيمانية الروحية. 

أشارت المتحدثة الى أنّ الاستعداد لهذا الشهر يمتد حتى إلى خارج البيت، من خلال القيام بجولة استطلاعية بالسوق، إمّا من أجل اقتناء أهم الحاجيات الضرورية التي تحتاجها خلال رمضان، لاسيما تلك التي تدخل في تحضير الحلويات والأطعمة التقليدية المتميّزة على عادة الآباء، إلى جانب اقتناء بعض الحاجيات المنزلية الجديدة كالصحون والملاعق والأكواب، كما دأبت على ذلك أسرتها التي تعلّمت منها كيفية الحفاظ على بعض العادات التي تعكس بصدق وبعفوية مدى قداسة شهر رمضان، الذي يتطلّب إلى جانب تجديد بعض لوازم البيت، أيضا تجديد الإيمان وتقويته.

فاستقبال رمضان بالنسبة إليها يعدّ أولوية الأولويات، من إعادة تنظيم ديكور البيت، وإخراج الزرابي الجديدة، وإعادة بثها في قاعة الاستقبال، التي ستخصص طيلة الشهر الفضيل، لتناول وجبة الإفطار والسحور. أمّا بالنسبة للسيدة وردة بوعفار، فإنّها تستقبل شهر رمضان المبارك، بالاستعداد الروحي له، وذلك بداية من شهر شعبان الذي تركّز فيه أكثر على الصوم والتقرّب إلى الله بالصدقات والأعمال الخيرية وقيام الليل والدعاء، معتبرة أنّ الاستعداد المادي للشهر الفضيل هو كسائر الأيام.

من جهتها، قالت السيدة حياة دريدح، من القل، بأنّ الاستعداد لشهر رمضان بالنسبة إليها وككل الأسر الجزائرية، تستعدّ له باقتناء ولو شيئا واحدا جديدا من أدوات المطبخ، مع القيام طيلة شهر شعبان بتنظيف البيت وتحضير بعض الأطعمة من المعجنات التي تدخل في الأطباق الشعبية التقليدية التي تتزين بها الموائد، كالشخشوخة والمقرطفة محليا أو كما تعرف بالثريدة، أما من الجانب الروحي، فتلخّصه بالصوم بعض الأيام من شهر شعبان، وقيام الليل وقراءة القرآن الكريم قدر المستطاع استعدادا لشهر الصيام.

وترى السيدة غنية شكريط، إطار بمديرية الثقافة للولاية مهتمّة بالتراث، أن التحضير لشهر رمضان المبارك عند المرأة السكيكدية، يتم بالبحث عن الفريك الجيّد الذي يعطي ذوقا مميّزا لشربة "الجاري" التي تعدّ من الأطباق الحاضرة في موائد السكيكديين، طيلة شهر رمضان، حيث تقوم باقتناء الفريك الدقيق أو الرقيق حسب الذوق، مع كمية صغيرة من الفريك الخشن، لتقوم بعدها بتنقيته من الشوائب، ومن ثمّة وضعه في علبة خاصّة.

إلى جانب نزولها إلى السوق من أجل اقتناء كل مستلزمات بعض الأطباق الأخرى التقليدية التي تفتح بها مائدة الإفطار لأول يوم من الصوم، كعين بقرة، الزبيب، التفّاح المجفف وكذا ما يعرف أيضا بـ "شباح الصفرا" والقرفة، وكذا اقتناء مختلف التوابل إلى جانب الفرينة والعسل من أجل تحضير بعض الحلويات التقليدية التي يجب أن تكون هي الأخرى حاضرة في الموائد، خاصة خلال اليوم الأول من الصوم، إلى جانب ذلك تقوم بتنظيف البيت، وتجديد بعض الأواني باقتناء الجديدة منها، مع تخصيص غرفة تكون مكانا مخصّصا للسهر بعد الإفطار.

إنزال كبير بمحلات الأواني والأفرشة

وتشهد العديد من المحلات التجارية كما وقفنا على ذلك بمدينة سكيكدة، إنزالا كبيرا من العائلات، رغبة منها في التسوق واقتناء ما يجب اقتناؤه لهذا الشهر الفضيل، خاصّة منها محلات بيع الأواني والأفرشة، كما تشهد المساحات الكبرى هي الأخرى، ازدحاما كبيرا من العائلات، لاقتناء ما تحتاجه خلال شهر رمضان، كشراء زيت المائدة، السميد، الفرينة، السكّر، مختلف التوابل والفريك الذي يُستعمل في إعداد طبق الشوربة، كما أكد أصحاب المحلات التجارية والمساحات الكبرى، في حديثهم لنا، عن توفر كل المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، مؤكدين لنا بأن رمضان هذه السنة لن يشهد أي ندرة، اللهم إن كانت مفتعلة من قبل بعض المتطفلين.

تحضير "العولة" استعدادا لرمضان

ما تزال بعض العادات على الرغم من اندثارها، تفرض وجودها لدى العائلات السكيكدية المحافظة على عادات الآباء، خصوصا على مستوى الأرياف وبعض المدن، كتخزين المؤونة أو كما تسمى محليا بـ "العولة"، قبل رمضان وبداية من شهر شعبان، تتشكل، بالأساس، من السميد المفتول أو السميد المجفف بالطريقة التقليدية، وكذا القمح المطحون أو كما يُعرف بـ "الفريك"، وزيت الزيتون، والزيتون الذي يحضَّر بالطريقة التقليدية.

ويبقى الحديث هذه الأيام بسكيكدة، داخل الأسر، عن شهر الصيام، الذي تنتظره العائلات السكيكدية بشغف كبير، لأنه شهر له نكهة خاصة ومميزة، تطبعه نفحات إيمانية خالصة وعادات الاجتماع، والسهرات العائلية التي تستمّر إلى غاية السحور.