في مقاربة طرحتها المنظمة الوطنية للمحافظة على الذاكرة

هذه أوجه التشابه بين الثورة الجزائرية والمقاومة الفلسطينية

هذه أوجه التشابه بين الثورة الجزائرية والمقاومة الفلسطينية
  • القراءات: 691
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

نظمت المنظمة الوطنية للمحافظة على الذاكرة وتبليغ رسالة الشهداء، ندوة موسومة بـ"مقاربة سوسيولوجية بين الثورة الجزائرية والمقاومة الفلسطينية" احتضنتها دار الثقافة المجاهد محمد إسياخم بغليزان، مؤخرا، وجاءت هذه السنة استثنائية، نظرا للظروف الصعبة والمريرة التي يمر بها سكان غزة من عدوان همجي بغيض، وقد شهدت مداخلات المختصين من بينهم الأستاذ والمؤرخ محمد غرتيل، الذي أكد في تصريح لـ"المساء" أن الثورة الجزائرية مصدر إلهام للشعوب المضطهدة في العالم الثالث، إذ ساهمت كتجربة حاسمة في تحرر عدة بلدان.

أشار المؤرخ الى أن إحياء الشعب الجزائري لذكرى يوم الشهيد هو تذكير بالدم الذي أريق في سبيل تحرير الوطن، وهو نفس الدم الذي يدفعه الفلسطينيون اليوم لتحرير الأرض من المحتل الصهيوني، معتبرا أن "الهدف الأسمى، هو استرجاع السيادة على الأرض والحرية المسلوبة"، مردفا بقوله: "الاحتلال وإن اختلفت جنسيته فطبيعته واحدة وصفاته القتل والتهجير والتجويع" .

أضاف المؤرخ غرتيل، أن الفلسطينيون أكثر الشعوب العربية إعجابا وتعلقا بالثورة الجزائرية وأشدهم متابعة لأخبارها، فهي بالنسبة لهم تجربة مثمرة وجب الاقتباس منها والأخذ بأسلوبها لتوظيفه قبل وأثناء إطلاق شرارة كفاحهم المسلح في الأول من جانفي 1965، وقال في هذا السياق: "الثورة الجزائرية بالنسبة لهم هي أول رد فعل عربي شعبي غاضب على نكبة 1948م، ما جعلهم يقرّرون متابعة أخبارها ومساندتها ودعمها وكما ألهمتهم تجارب الثوار الجزائريين في الكفاح الثوري وحرب العصابات، ألهمتهم مواثيق النضال السياسي الجزائري حتى بعد الاستقلال، فمثلت بذلك الثورة الجزائرية مصدر إلهام للكفاح الفلسطيني، وقد اعتبروا انتصارها انتصارا لهم وقرروا مساندتها بكل ما يملكون فوقائع التاريخ والجغرافيا تفرض على فلسطين والجزائر التآزر والتضامن، فدعموها ماديا ومعنويا وكتبوا فيها أشعارا عن الجزائر، مثلما كتب محمود درويش قصيدة (عن قيد الضياء) مخاطبا فيها ثوار الجزائر".

مقاربات وأوجه تشابه كثيرة

قدم المؤرخ عدة مقاربات في هذا السياق، موضحا بقوله: "إذا تفحصنا أسلوب ووسائل الكفاح الفلسطيني، فسنجده رافدا من روافد كفاح الشعب الجزائري، فما أشبه البارحة باليوم، وكإسقاط تاريخي لأوجه الشبه في الكفاحين، فكلاهما كان حركة تحررية ضد أخطر وأعتى شكل من أشكال الإستدمار، وهو الإستعمار الإستيطاني، الذي جثم على الأرض وعاث فيها تدميرا وهجر أصحابها وشتتهم في دول العالم.

وأيضا المقاومة الوطنية الشعبية قادها أبناء الجزائر وفلسطين ولا دخل لقوى أجنبية فيها، أما الإصرار والتضحية كلاهما وقف الند للند في وجه آلة الإجرام من أجل التحرر وقدموا قوافل من الشهداء، فارتكب جيش الاحتلال مجازر بشعة راح ضحيتها أطفال ونساء وشيوخ مثل مجزرة جباليا ودير ياسين ومجزرة مخيم النصيرات في فلسطين، تقابلها مجازر الجيش الفرنسي في الجزائر، مثل محرقة أولاد رياح ومذبحة واحة الزعاطشة وإبادة سكان مدينة الأغواط ومجزرة الثامن ماي 1945 ومجزرة ملعب سكيكدة 20 أوت 1955".

وأضاف المؤرخ قائلا: "استعمال الأسلحة المحرمة دوليا من طرف جيش الاحتلال، كقنابل النبالم الحارقة وحقول الألغام المضادة للأفراد في الجزائر، واستخدام الفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية في فلسطين، وكذا اعتماد تكتيك حرب العصابات أو حرب الكر والفر، فهذا الأسلوب الذي أعتمد عليه ثوار الجزائر، تعتمد عليه اليوم الفصائل الفلسطينية ضد قوات العدو الصهيوني، وهذا نتيجة الفرق الكبير في موازين القوى من حيث العدة والعتاد.

وكذا تكالب القوى الغربية على الشعب الفلسطيني ودعم أمريكا للكيان الصهيوني وما يرتكبه من عدوان على غزة، هو نفس ما عاشه الشعب الجزائري، خلال العدوان الفرنسي، حيث قدم الحلف الأطلسي دعما ماديا ومعنويا للجيش الفرنسي من أجل إبادة الجزائريين وإذا كانت فرنسا قد جلبت لفيفا أجنبيا مشكلا من الأفارقة لسفك دماء الجزائريين، فإن الكيان الصهيوني اعتمد على المرتزقة من كل دول العالم".

الدعاية الإعلامية: المجاهد الرمز عيسى مسعودي والملثم أبو عبيدة

يواصل المؤرخ في عرض الأوجه والمقاربات قائلا: "حق الفيتو لتعطيل أي قرار يخدم القضية أو يناقشها، كما فعل الفيتو الفرنسي الذي منع مناقشة القضية الجزائرية والفيتو الأمريكي الذي يحمي اليوم الابن المدلل لأمريكا، ضد أي ملاحقة أو متابعة جنائية تدينه، كما أن جبهة التحرير الوطني، هي الممثل الشرعي للشعب الجزائري والثورة، أما في فلسطين فكانت حركة التحرير الفلسطينية (فتح) التي أعلنت الثورة سنة 1965 واليوم هي من تقود السلطة الفلسطينية لتواصل فصائل فلسطينية أخرى الكفاح كحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية".

ومن جانب الدعاية الإعلامية قال: "كان صوت المجاهد الرمز عيسى مسعودي الذي يصدح من إذاعة صوت العرب بالقاهرة وإذاعة الجزائر السرية مثل صوت المقاوم الفلسطيني الملثم أبوعبيدة، الذي يزلزل أركان الكيان وكلاهما ساهم في رفع المعنويات وكشف جرائم العدو وتكذيب ادعاءاته ونشر اخبار المعارك والبطولات. الى جانب الدعاية المغرضة المتمثلة في تشويه صورة المقاومين والثوار، فقد نعتت فرنسا ثوار الجزائر بأقبح الصفات باللصوص، والفلاقة، وقطاع الطرق وسارت الدعاية الصهيونية على نفس النهج بوصف المقاومين الفلسطينيين بالإرهابيين، والمجرمين، والدمويين وغيرها".

وعرج المؤرخ على الثبات والصبر والتمسك بالأرض قائلا: "فقد كان الشعب الجزائري رغم سياسة التجويع والتقتيل والترهيب والتدمير متمسكا بأرضه لا يفارقها، كما يفعل اليوم إخواننا في فلسطين الذين وقفوا في وجه الآلة الإجرامية الصهيونية لإجهاض مؤامرة صفقة القرن والتهجير القصري ليسطروا ملحمة بطولية في الثبات والتضحية".