المركز الوسيط لمعالجة المدمنين بالشلف

فرصة جديدة لحياة صحية

فرصة جديدة لحياة صحية
  • القراءات: 342
دنيا. م دنيا. م

يمنح المركز الوسيط لمعالجة المدمنين بالشلف، الذي افتتح سنة 2010، فرصة أخرى للانطلاق في حياة صحية للأشخاص الراغبين في العلاج من الإدمان على المواد المخدرة، بمختلف أنواعها، أو على بعض السلوكات المضرة، على غرار القرصنة والألعاب الإلكترونية وإدمان الشاشات وإدمان العمل والأكل والتسوق.

يشهد هذا الهيكل الصحي الذي يتوفر على أخصائيين في الأمراض العصبية والنفسية والإدمان، خلال السنتين الأخيرتين، إقبالا معتبرا للأشخاص من مختلف الفئات العمرية، بالنظر لنوعية الخدمات المقدمة في هذا المجال، ونجاح عدد معتبر من الحالات في التخلص من الإدمان واستئناف حياتهم بشكل طبيعي في المجتمع.

وفي هذا الصدد، أوضحت مديرة المؤسسة العمومية للصحة الجوارية أولاد فارس، هجيرة قرماح، أن مصالحها أحصت خلال سنة 2023، استقبال أزيد من 770 حالة إدمان، من بينها 50 امرأة، و470 حالة خلال سنة 2022، فيما شهدت سنة 2021 استقبال 288 حالة فقط، من بينها 8 نساء.

وأشارت قرماح، إلى أن الارتفاع في الإقبال على العلاج بالمركز يعود إلى انتشار الوعي بضرورة مكافحة الإدمان وإعادة الاندماج بصفة طبيعية في المجتمع، وكذا توفر طواقم طبية مؤهلة وضبط برنامج خاص لمتابعة ومرافقة كل حالة نفسيا واجتماعيا.

وتزامنا مع فعاليات الأسبوع الوطني للوقاية (15-21 أبريل الجاري)، الذي تنظمه وزارة الصحة عبر ولايات الوطن، لاحظنا الحركية والإقبال الكبير للأشخاص على المركز الوسيط لمعالجة المدمنين، إذ يستقبل ما لا يقل عن 60 شخصا يوميا لمتابعة حالاتهم النفسية وتشخيصها وتوجيههم للعلاج، وفقا لرئيسة مصلحة بالمركز، الدكتورة جبارة سعاد.

وأبرزت المتحدثة أن المركز يستقبل المدمنين من كافة الفئات العمرية، كما يوفر تخصص الأمراض العصبية للأطفال، ويستقبل عائلات المرضى للتنسيق مع محيط كل حالة، وتحسيس وتوعية كافة شرائح المجتمع، فيما يخص متابعة العلاج، والحيلولة دون انتكاسة المدمن.

للإشارة، يتوفر المركز الوسيط لمعالجة المدمنين على أربعة أطباء مختصين في الأمراض العقلية، وطبيبين نفسانيين اثنين وطبيب عام مختص في الإدمان ومساعدة إجتماعية وممرضين، بالإضافة إلى طاقم إداري.

العلاج المتكامل والإرادة لمكافحة الإدمان

استنادا للأخصائية النفسانية، الدكتورة رزيقة شناوي، يوفر المركز الوسيط مراحل علاج "متكاملة تساهم بنسبة كبيرة في مكافحة الإدمان، الذي تزايد بشكل ملحوظ لدى مختلف فئات المجتمع"، بالإضافة إلى إرادة الأشخاص في التخلي عن عادات سلوكية غير صحية والابتعاد عن تناول المواد المخدرة الخطيرة.

يعمل الأطباء الأخصائيون في البداية، على استقبال الأشخاص وتشخيص العوامل التي أدت إلى إدمانهم، سواء تعلق الأمر بالعامل الوراثي أو الاستعداد النفسي أو المحيط، ومن ثم، توجيههم نحو طبيب الأمراض النفسية والعصبية وإجراء تحاليل عامة أو الشروع مباشرة في جلسات مع الأخصائيين النفسانيين، بمعدل جلسة كل عشرة أيام لمدة تتراوح ما بين 30-40 دقيقة، وفق مواعيد محددة مسبقا، مثلما أوضحت ذات المتحدثة.

ومواصلة لبرنامج العلاج، يخضع المرضى لمرحلة تأهيل، يشرف عليها ممرض معالج بالشغل للصحة العمومية، من خلال تلقين المدمنين لمعارف وتقنيات عدد من الحرف والمهن والأنشطة التي تهيئهم للانخراط في عالم الشغل مستقبلا، ثم يأتي دور المساعدة الاجتماعية التي تبسط لهم الإجراءات الإدارية، وتساعدهم على التوظيف في الأوساط المهنية من أجل اندماجهم مجددا في المجتمع.

يعد سليم (27 سنة) من ولاية الشلف، أحد الأشخاص الذين خضعوا لبرنامج علاج بالمركز الوسيط، بعد معاناته من الإدمان على المواد المخدرة منذ سنة 2018، عقب تعرضه لصدمة نفسية نتيجة شجاره مع أحد أقرانه ودخوله السجن لمدة ستة أشهر، بعد أن كان طالبا جامعيا تسير حياته بصفة عادية.

قصة هذا الشاب في مكافحة الإدمان بدأت بصفة منفردة، عندما أقلع عن استهلاك هذه الممنوعات لمدة سنة كاملة،  قبل أن تحدث له الانتكاسة الأولى، ويعود مجددا لتناول الأقراص المهلوسة، ويقرر بعدها الاتصال بالقائمين على هذا الهيكل الصحي.

ورغم حدوث انتكاسة ثانية في مسار علاج سليم، إلا أن إرادته القوية كانت له حافزا لاتباع برنامج علاج لتخفيض كمية المواد المخدرة المستهلكة تدريجيا، إلى غاية الإقلاع عنها نهائيا، ليخضع بعدها لجلسات فردية توجت بانتصاره على الإدمان واستعادة حياته الطبيعية، حسب الطبيبة المختصة الدكتورة شناوي.

يستقبل المركز الوسيط لمعالجة المدمنين حالات متنوعة للإدمان الذي لم يعد محصورا في المشروبات الكحولية والمخدرات، بل تعداها إلى الإدمان على الشاشات والمخدرات الرقمية وبعض السلوكات المتعلقة بالنظام الغذائي والنمط المعيشي وكذا التسوق.

ويؤكد القائمون على المركز على أهمية تكثيف العمل التحسيسي والتوعوي، الذي يستهدف كافة الفئات العمرية، بمشاركة مختلف الفاعلين، لاسيما الجمعيات والنوادي الشبانية.