شهر رمضان فرصة لإحيائها

عادات تصاحب تصويم الأطفال لأول مرة في البليدة

عادات تصاحب تصويم الأطفال لأول مرة في البليدة
  • القراءات: 414
رشيدة بلال رشيدة بلال

يشكل حلول شهر رمضان بالنسبة لبعض العائلات فرصة سانحة لإحياء بعض العادات والتقاليد التي تسير في طريق الاندثار، ولعل من بين هذه العادات التي لا تزال بعض العائلات القليلة بولاية البليدة متمسكة بها، تلك المرتبطة باستقبال شهر رمضان وتصويم الأطفال لأول مرة، والتي حدثنا حولها المختص في التراث الأستاذ يوسف أوراغي، وعبر من خلال ذلك عن أسفه لتراجع الكثير من العادات التي لطالما انفردت بها مدينة الورود مرجعا ذلك إلى التغيرات التي يعرفها المجتمع.

قال الباحث في التراث البليدي الأستاذ يوسف أوراغي في تصريح خص به "المساء" بأن ولاية البليدة، كغيرها من ولايات الوطن، تولي أهمية كبيرة لاستقبال شهر رمضان، حيث تعد العدة الخاصة بعولة المطبخ في شهر شعبان، وتحرص ربات البيوت على تنظيف المنازل، لأن العادة تتطلب استقبال هذا الضيف بالنظافة. مردفا: "نجد الكثيرين من سكان البليدة، يعيدون دهن منازلهم أو على الأقل المطبخ، وعندما لا يبقى على حلول شهر رمضان إلا ثلاثة أيام يتوجه الرجال والنساء إلى الحمامات الشعبية لأخذ (تحميمة شعبان) ومنه التحضير الروحي والمعنوي لاستقبال شهر الطاعات".

من أكثر العادات التي كانت تحرص عليها العائلات البليدية في اليوم الأول من شهر رمضان حسب المتحدث، "الحرص على تصويم الأطفال لأول مرة"، حيث يتم تجهيزهم وتهيئتهم خلال شهر شعبان للصيام في رمضان، وبمجرد حلول اليوم الأول يتم تصويمهم ويكون ذلك وفق المعتقد المتداول كأن الطفل بصيامه قد أثبت دخوله في الإسلام الذي يبدأ أولا بالختان عند ولادته وينتهي بالصيام"، مشيرا الى إن كان الطفل ذكر، يتم إلباسه لباسا جديدا ويمنع من الخروج خارج المنزل لمراقبته ولحمايته من احتمال الإصابة بالإعياء أو الجوع والعطش، وعند حلول موعد آذان المغرب، يتم وضعه في أعلى مكان في المنزل بالاعتماد على السلّم، ويقدم له كأس من الشربات توضع فيه قطع ذهبية سواء أكانت اللويزة أو أي حلي أخرى، وتكون الشاربات، وهي مزيج بين عصير الليمون وماء الزهر والسكر، أول ما يفطر عليه حتى يستعيد جسمه النشاط"، لافتا الى أن العبرة من وضع "الويزة" المصنوعة من الذهب في الكأس تفاؤلا بأن يكون إسلامه صافي ونقي كنقاء الذهب.

الفتاة تحضر أول شوربة مقطفة لها

أما إن كانت الفتاة هي التي تصوم لأول مرة، فإن العادات تختلف حسب الباحث اوراغي، حيث يتم شراء بعض المعدات من أواني صغيرة، ويطلب إليها مرافقة أمها في المطبخ، وتقليدها، بحيث تحضر بنفسها وتحت إشراف والدتها شوربة المقطفة، التي تعد أول شوربة يتم استقبال رمضان بها في البليدة، ويكون إشراك الفتاة في إشارة لتعليمها الطبخ وتهيئتها لتكون ربة بيت ناجحة.

وذكر المتحدث، أن من العادات عند حلول وقت الإفطار "يعلق الأب بالقول: بأن شريبة ابنته أفضل من شريبة ربة البيت"، مشيرا إلى أن الفتاة عند حلول موعد الإفطار تلبس لباسا تقليديا ويتم أيضا تفطيرها على كوب الشاربات الذي يحتوي هو الآخر على "اللويزة الذهبية"، وبعد الإفطار والثناء على الطفل بالصيام، يتم أيضا تنظيم سهرة على شرفه تحضر فيها الحلويات التقليدية الرمضانية التي تشتهر بها البليدة، والتي لا يتم شراؤها وإنما تحضر بالبيت مثل "خبزة المحنشة" و«الصامصة" و«السيقار" و«القطايف".

وحول ما إذا كانت العائلات البليدية لا تزال متمسكة بهذه العادات، أوضح لوراغي في الختام بأن العديد من العادات والتقاليد تسير نحو الاندثار، لأن العائلات لم تعد تولي أهمية لمثل هذه التفاصيل مثل "البوقالات"، أو إحياء بعض العادات عند تصويم الأطفال كإلباسهم اللباس التقليدي أو وضع قطعة "اللويزة" في كأس الشربات، رغم أنها تعتبر جزءا من تراث المنطقة وتعكس عراقته.