يُعد مضادا حيويا بامتياز

"طبق الببوش"... شفاء للأمراض بوصفات تقليدية وأخرى سرية

"طبق الببوش"... شفاء للأمراض بوصفات تقليدية وأخرى سرية
  • القراءات: 499
رضوان. ق رضوان. ق

يُعد طبق الحلزون أو كما يحلو لغالبية الجزائريين تسميته "الببوش" أو "ليسكارقو" لدى سكان مدينة وهران، من الأطباق القديمة والتقليدية التي لاتزال تجد مكانا لها على موائد ولمّة العائلات، خاصة خلال موسم الشتاء وانتشار الأنفلونزا؛ باعتباره مضادا حيويا طبيعيا بامتياز، تتفنن العائلات في تحضيره بتقنيات وإضافات يبقى بعضها سريّا، ويعرضه بعض الحرفيين بمحلات مختصة. 

لايزال سوق لاباستي أو الأوراسي بقلب مدينة وهران، السوق الوحيد الذي يحافظ على نشاط بيع الحلزون أو "الببوش" في شكله الطبيعي، وعلى شكل طبق للأكل؛ ما جعل عددا من الباعة المعروفين رغم تراجع عدد ممارسي الحرفة، يتشبثون ببيع الحلزون، ومن بينهم السيد عثمان، الذي يُعد أحد أقدم ممارسي المهنة رغم صعوبتها، خاصة بعد دخوله مجال تحضير طبق الحلزون، الذي يتطلب مجهودا كبيرا، وحرفة يدوية خاصة ومتقنة.

وتحدّث عثمان إلى "المساء" التي زارته بمحله المتواضع داخل سوق لاباستي، وهو المعروف بكرمه ومحبة الزبائن له القادمين من مختلف نواحي الولاية، ومن خارجها، وحتى المهاجرون والأجانب يقبلون على اقتناء "الببوش" الطبيعي والمطهوّ؛ إذ يوضح عثمان أنه يمارس المهنة منذ 20 سنة بدون ملل. وقد احترف بيع الحلزون بعد تعلقه بالمهنة، والذي يتم جلبه من مختلف ولايات الوطن، ويكثر عليه الطلب في موسم الشتاء، وتقابله وفرة في المنتوج؛ حيث يبقى متوفرا بتوفر الأمطار.

وذكر المتحدث أن الحلزون يوجد في الطبيعة بشكل تلقائي. ويقوم محترفو بيعه بجمعه، ونقله للمتاجرة به، مضيفا أنه لا يمكن تربية الحلزون عكس ما يروَّج له؛ لأنه يبقى مرتبطا بتواجد الماء.

وعن موسم الجفاف وقلة الأمطار، كشف عثمان أنه يتم جلب الحلزون من مدينة مغنية؛ على اعتبار تواجد الحلزون بالمنطقة طيلة السنة بسبب تواجد الماء بها. كما كشف عثمان أنه خلال فترة الصيف يتم جلب الحلزون "الصائم" الذي يكون فوق الأشجار؛ حيث يبقى الحلزون ـ بسبب انعدام الماء ـ في سبات لمدة طويلة هناك.

كما أوضح عثمان أن ثمن الحلزون يختلف حسب الفترات والمواسم؛ فيتراجع خلال فصل الشتاء، ويرتفع صيفا، مؤكدا تراجع إنتاج الحلزون حاليا بالموازاة مع وجود إقبال كبير، خاصة على الطبق الذي يتم تحضيره.

خلطة أعشاب بـ "الببوش" شافية للأمراض

وعن تحضير طبق الحلزون يكشف عثمان أنه طبق مفضل خلال فصل الشتاء، وحتى خلال شهر رمضان؛ إذ يقبل الزبائن على اقتنائه من مختلف الولايات؛ كونه مضادا حيويا، وفيه شفاء لبعض الأمراض. ويقول عثمان إن زبونة من العاصمة تقوم دوريا باقتناء طبق الببوش من أجل والدها المريض، الذي تحسن كثيرا بعد أكله، إلى جانب إقبال المواطنين عليه، واستعماله في علاج الأنفلونزا، والروماتيزم، وأمراض المعدة، إلى جانب كونه أكلة طبيعية متكاملة.

ويضيف عثمان أنه يقوم في أول خطوة، بجلب الببوش، وتركه يصوم؛ أي بدون أكل لمدة 24 ساعة بعد إغراقه في طحين "التشيشة" ؛ من أجل تنظيف بطن الحلزون من كل ما هو موجود بداخلها، ليتم غسله 3 مرات متتالية. وبعدها يضاف "الزعتر "و"النوخة " و"الرند" و"البصل" و"عرق سوس" و "قشور البرتقال" و"الفلفل الحار".  وأكد عثمان أنه من منطلق أمانته وإتقانه المهنة، لا يقوم بإضافة الزيت في تحضير الببوش؛ كونه دواءً للمرضى، والزيت قد يفقده فعاليته، أو ينعكس على صحة من يأكله.

عائلات تتفنّن في تحضير أكلات الببوش

وعن "الببوش" الطبيعي كشف عثمان أنه معروض للبيع بمبلغ 700 دج للكيلوغرام. والعائلات تقبل عليه كثيرا، وهو في الغالب يحضَّر بنفس الطريقة. غير أن بعض ربات البيوت يقدمنه بطرق مختلفة.

وتوضح السيدة هوارية أنها تقتني الببوش منذ مدة طويلة؛ كونه "دواء" ، حسب وصفها. وتحضيره يختلف من عائلة لأخرى. وبعضها يبقى سرا في كيفية التحضير؛ حيث يتم ترك الببوش في السميد أو التشيشة طيلة الليل لتنظيفه وإخراج القاذورات من بطنه، وهو ما يُعرف بـ "التصويم".

ثم يُغسل بالماء البارد، ويوضَع في الإناء المخصص للطهي، مع إضافة بعض التوابل كـ "الكمون" و"الحرور" و"الرند" و"الزعيترة" . وقد يتم إضافة الليمون. وكل ربة بيت تضيف ما يحلو لها من توابل حسب الحاجة. كما يتم تقديم الببوش كطبق مع الأرز أو كطبق بالطماطم المطبوخة، وهو من الأطباق القديمة التي لاتزال باقية، وتتعلمها الفتيات بالمنازل، ويتفننّ فيها.