موازاة مع تحريك دعوى قضائية عن الجرائم النووية

"ايكان الجزائر" يُقنع البولونيزيين بمقاضاة فرنسا دوليا

"ايكان الجزائر" يُقنع البولونيزيين بمقاضاة فرنسا دوليا
  • القراءات: 508
مليكة.خ مليكة.خ

المحامي مشري لـ "المساء": انتهى عهد السكوت على جرائم المستعمر

نجح مكتب "ايكان الجزائر" الذي يعد فرعا للمنظمة غير الحكومية لإلغاء الاسلحة النووية، في الاتصال خلال الاشهر الماضية ببعض الجمعيات وتنظيمات من المجتمع المدني في "بولونيزيا الفرنسية"، من أجل إقناعها بتحريك دعوى قضائية ضد فرنسا، بخصوص الجرائم النووية التي ارتكبتها في حق الانسان والطبيعة.

واغتنم مكتب "ايكان الجزائر" التابع للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبولونيزيا، أول أمس، والتي تدوم أربعة أيام، لرفع دعوى قضائية ضد فرنسا أمام محكمة الجنايات الدولية، بخصوص ملف الجرائم النووية التي قامت بها فرنسا من سنة 1966 إلى غاية 1996.

وتطرقت يومية "لوموند" الفرنسية في عددها الصادر أول أمس، فضلا عن بعض القنوات الفرنسية الأخرى، إلى زيارة الرئيس ماكرون التي تتزامن ورفع جمعيات ببولينزيا لملف الجرائم المرتكبة في المنطقة والتي يقدر عددها بـ193 تجربة نووية.

ويرى المحامي بشير مشري الذي أوكل له مكتب "ايكان الجزائر" مهمة تحريك دعوى قضائية ضد فرنسا عن الجرائم النووية الفرنسية في الجزائر، أن مكتب الجزائر نجح في إيصال صداه إلى خارج الحدود لفضح الممارسات الاستعمارية في حق الشعوب.

وأضاف مشري في اتصال مع "المساء" أن الجهود منصبة على ملاحقة فرنسا في المحاكم الدولية، بسبب الجرائم المرتكبة والتي لم يسبق لها مثيل في التاريخ القديم والحديث، مشيرا إلى ضرورة الخروج عن الصمت المطبق الذي لازم هذه الجرائم لعقود من الزمن.

وأعرب محدثنا عن ثقته في الوصول إلى الاهداف المنشودة بهدوء وروية بفضل الجهود التي يقوم بها مكتب "ايكان الجزائر"، من أجل الحصول على الإحصائيات الدقيقة لهذه الجرائم والوقوف عند حجم الضرر، مضيفا بالقول "إذا كان فيروس كوفيد 19 يشكل خطرا يمكن صده بالوقاية والتلقيح، فإن مجرد الذهاب إلى منطقة التجارب النووية برقان هو خطر بعينه لأن الشخص معرض للموت المحتوم بالنظر إلى خطورة الاشعاعات المنبعثة من هناك والتي مازالت تهدد البيئة والإنسان".

المحامي مشري: عناصر من الجيش الفرنسي مستعدة لتزويدنا بمعلومات

وقال المحامي مشري إنه لا يمكن حصر حجم الجرائم الفرنسية في التجارب النووية، بل تتعداها إلى عمليات التقتيل والنهب التي طالت المداشر في عديد مدن وقرى الجزائر.

وبخصوص علاقات مكتب "ايكان الجزائر" بمكتب "ايكان فرنسا" وإمكانية وجود تنسيق بينهما لكشف المزيد من الحقائق فيما يتعلق بالتجارب النووية، أشار محدثنا إلى عدم وجود توافق الرؤى بين الجانبين، من منطلق أن مكتب الجزائر يسعى لكشف الجرائم الفرنسية بدقة، في حين أن مكتب باريس يسعى للتخفيف من وطأة هذه الجرائم.

وأعرب محدثنا عن أمله في أن تسير الجهود بشكل إيجابي، مراهنا في هذا الصدد على وقوف المواطنين والاعلام إلى جانب هذه القضية التي بدأت تستقطب اهتمام الرأي العام الوطني والفرنسي، مشيرا إلى الحصول على معلومات بخصوص حيثيات هذه الجرائم من قبل بعض عناصر الجيش الفرنسي التي كانت شاهدة على هذه الجرائم رغم عدم موافقتها لإجرائها.

وأوضح المحامي أنه بعد الصمت المفروض عليهم طيلة عقود، قرر هؤلاء أخيرا تبرئة ذممهم، حيث أبدوا استعدادهم لتزويد المكتب بصور ومعلومات حول هذه الجرائم.

للإشارة، تعد التفجيرات النووية للمستعمر الفرنسي من المسائل العالقة التي مازالت تنغص ملف الذاكرة بين البلدين، بسبب رفض باريس تسليم خرائط طبوغرافية تسمح بتحديد مناطق دفن النفايات الملوثة المشعة أو الكيمياوية غير المكتشفة لغاية اليوم، حيث أجرى المستعمر سلسلة من التجارب، بينها 4 تجارب فوق الأرض و13 تحت الأرض، وذلك في الفترة ما بين 1960-1966.

ولم تقم فرنسا بأي مبادرة لتطهير المواقع الملوثة من الناحية التقنية أو بأدنى عمل إنساني لتعويض المتضررين، في الوقت الذي يجمع فيه مؤرخون بأن التفجيرات النووية الاستعمارية تعد من الأدلة الدامغة على الجرائم المقترفة التي لا تزال إشعاعاتها تؤثر على الإنسان والبيئة والمحيط.

وظل هذا الملف موضوع مطالب رسمية وأخرى من جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، من أجل الكشف عن أماكن النفايات النووية وتعويض ضحاياها والمتضررين منها جراء الإشعاعات، فبينما ترى الجزائر أن ما جرى هو تفجيرات نووية، تعتبر فرنسا أنها مجرد تجارب.