بمنهج واضح ومقاربة شاملة

الجزائر في العمق الإفريقي

الجزائر في العمق الإفريقي
  • القراءات: 1025
مليكة. خ مليكة. خ

❊ ثقل استراتيجي وحرص على الارتقاء بالوضع الاقتصادي للقارة السمراء

❊ مشاريع حقيقية تسمح بتحقيق التكامل وتفعيل الشراكة البينية الإفريقية

❊ إشادة بإمكانيات الجزائر وإجماع إفريقي على دورها الفاعل سياسيا واقتصاديا

❊ استراتيجية واضحة لتجنيب القارة الانقلابات العسكرية والتدخلات الخارجية

تلتزم الجزائر بالدفع بعمقها الإفريقي بالنظر إلى الوزن الاستراتيجي الذي تحظى به في المنطقة، فبالإضافة إلى تاريخها السياسي الثري مع القارة، خاصة فيما يتعلق بدعم الحركات التحررية ما جعلها تلقب بـ"قبلة الثوار"، مازالت الجزائر تعطي مواعيد جديدة للارتقاء بالوضع الاقتصادي لإفريقيا التي تزخر بالكثير من الثروات الطبيعية، عبر إبرام شراكات اقتصادية فعالة تتكيف واحتياجات شعوب القارة

يعكس احتضان الجزائر للطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية في سبتمبر 2025، الثقة التي تحظى بها البلاد على مستوى الدول الإفريقية بالنظر إلى المؤشرات الاقتصادية التي حققتها خلال السنوات الاخيرة، فضلا عن تحركاتها الأخيرة لاستحداث تصور جديد لتفعيل الشراكة البينية الإفريقية موازاة مع جهودها لإشاعة الأمن والسلم والاستقرار من خلال التكامل الاقتصادي. 

ورغم أن المعرض يحمل الصبغة الاقتصادية، إلا أنه يحمل في طياته أبعادا سياسية وتاريخية وثقافية، من منطلق حرص الجزائر على تسبيق الأمن والسلم عبر ربوع القارة لتمهيد الارضية لتحقيق الانطلاقة الاقتصادية الحقيقية وفق ركائز صلبة.

وسبق لرئيس الجمهورية أن أكد في تدخلاته، أن منهج الجزائر في التعامل مع عمقها الإفريقي منهج واضح وثابت يستند إلى مقاربة شاملة متعددة الأبعاد تقوم على ثلاثية الأمن ،السلم والتنمية، مع الأخذ بعين الاعتبار الأسباب الحقيقية لمختلف التهديدات التي تواجهها القارة وتؤكد سيادة البلدان وترفض التدخل في شؤونها الداخلية تحت أي مبرر.

وفي هذا الإطار، نفذت الجزائر العديد من المبادرات والاستراتيجيات لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا ترجمتها استثمارات عديدة في شتى الميادين، حيث رصدت لأجل ذلك في سنة 2023 مبلغ مليار دولار لفائدة مشاريع تنموية في إفريقيا من خلال الوكالة الوطنية للتعاون الدولي التي أنشأتها عام 2020، وذلك قصد المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة الإفريقية.

ونذكر من بين المشاريع التي تراهن عليها الجزائر مشروع أنبوب الغاز الطبيعي العابر للصحراء الذي ينقل الغاز من نيجيريا إلى أوروبا، مرورا بالجزائر والنيجر والميناء الكبير بالحمدانية وكذا المشروع الضخم للألياف البصرية الرابط بين الجزائر ونيجيريا.

وتأتي هذه الخطوات في إطار تمسك الرئيس تبون، بضرورة تعزيز الوجود الاقتصادي للجزائر في إفريقيا، من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة مع دول القارة، حيث تراهن أيضا بعد انضمامها إلى منطقة التجارة الحرة الإفريقية، على إطلاق مشاريع اقتصادية ضخمة، على غرار تموين إفريقيا بالكهرباء وإقامة مشاريع سكك حديدية تربط دول القارة التي ليس لديها سواحل، فضلا عن العمل على تدارك التأخر المسجل في خطوط النقل بالدول الإفريقية، من أجل تشجيع رجال الأعمال على الاستثمار في القارة.

ولعل ذلك ما جعل دول القارة تراهن على الجزائر بحكم موقعها الجغرافي لتسهيل ولوجها بعض الأسواق الإفريقية، فضلا عن كونها تتمتع بعلاقات جيدة مع العديد من الشركاء سياسيا واقتصاديا، فضلا عن توظيفها للعديد من الاستراتيجيات للترويج للفرص الاقتصادية في إفريقيا، ومن ضمنها الاستثمار في البنية التحتية والطاقة والزراعة والتكنولوجيا.

وسبق للجزائر في إطار التضامن مع القارة، مسح ديون 14 دولة أفريقية أغلبها من دول الساحل بقيمة 902 مليون دولار، في إطار تجسيد استراتيجية بعيدة المدى تتمثل في تطوير البنية التحتية المتقدمة للمساهمة في ربط أفريقيا بأوروبا اقتصاديا وتجاريا عبر البحر المتوسط، بشكل يجعل الجزائر حلقة وصل أساسية بين القارتين، لإشباع الحاجات المتبادلة.

وعليه تتحدد الرؤية الاستراتيجية للجزائر تجاه القارة في حماية الروابط الاجتماعية والسياسية للمجتمعات الأفريقية من التآكل، بفعل مصادر التهديدات الأمنية المختلفة مثل الإرهاب والحروب الأهلية والانقلابات العسكرية والتدخلات الخارجية والفقر والهجرة والعوامل المناخية القاسية.