"البطحة 2" للمخرج وليد بوشباح

عودة كوميدية درامية بسيناريو مدهش وأداء احترافي

عودة كوميدية درامية بسيناريو مدهش وأداء احترافي
  • القراءات: 719
دليلة مالك دليلة مالك

منح نجاح المسلسل الكوميدي "البطحة" الثقة للمخرج وليد بوشباح كي يقدّم موسما ثانيا له، يُعرض حاليا ضمن الشبكة الرمضانية، التي تقترحها قناة "الشروق" على المشاهد الجزائري، بسيناريو يتمتّع بعنصر التشويق، والسخرية اللطيفة، عكف على كتابته الثنائي نبيل عسلي ونسيم حدوش بحسّ فكاهي مدروس.

ليس السيناريو والإخراج العاملان الوحيدان في صنع الدهشة في الجزء الثاني من "البطحة"، فريق التمثيل، سواء أبطالا أو ضيوفا، أو أصحاب أدوار ثانوية، كلّهم كانوا في مستوى احترافي في الأداء، وتمكّنوا بحقّ من كسب قطاع كبير من محبة جمهور التلفزيون، وأضحى موعدا لا يُفوّت على الشاشة، ولا تُملّ مقاطع الفيديو المُقتطعة من حلقاته لتُضحك روّاد شبكات التواصل الاجتماعي، في مشاهد لافتة مختارة.

بساطة بوشباح في بعث الدهشة

اتكأ المخرج وليد بوشباح في أسلوب إخراجه على البساطة في الطرح، وفي تصوير قصة المسلسل لا يخوض في تعقيدات تقنية، وأعطى المجال للممثلين لإبراز طاقاتهم أمام الكاميرا بهدوء، لكن بفعالية عالية.

وقدّم المخرج تصوّره لأحداث "البطحة 2" بسرد متباين من حيث الشكل، في مشاهد بجمل طويلة، خفّفها بتقطيعها، بكادرات مقرّبة، ومنها التي قدّمها بجمل قصيرة، سريعة ومؤدية لبلاغتها الدرامية. وجاءت اختيارات المخرج للممثلين في الجزء الثاني من "البطحة" كما في الجزء الأوّل موفّقة جدّا، ليؤكّد أنّ المسرح خزّان غزير بالممثلين الجيّدين، ومن المهم الاعتماد عليهم أيضا في الشاشة، دراما أو كوميديا.

صراع الأحياء في قالب كاريكاتوري

تتناول "البطحة" موضوع صراع الأحياء بشكل كاريكاتوري هزلي، يتميّز بالعبثية في كثير الأحيان، لكنّه لا يفارق الواقع المعيش، إنّه يقدّم نقدا ضمنيا لبعض الظواهر الاجتماعية، بمتعة السخرية، ضمن ديكور يعكس حقيقة بعض الأحياء الشعبية.

صراع "اللاز" (نبيل عسلي) و"بونار" (نسيم حدوش) يتواصل في الجزء الثاني من العمل، لكن عن طريق العودة إلى ماضي هذا الخلاف، عمن سيكون زعيما على البطحة، وهو فضاء تجاري عشوائي شعبي يجمع ثلاثة أحياء، فإلى جانب "اللاز" و"بونار"، يتواجد فريق "الفراطس" كطرف ثالث متأرجح في مواقفه.

والمسلسل يعتمد على "اللاز" كشخصية محورية لأحداث القصة، فهو صاحب أكبر عدد من الأحكام القضائية، وإلى جانبه خطيبته "ربيعة" (ياسمين عبد المومن) التي أكّدت في هذا الجزء، كما في الجزء الأول، براعتها في الكوميديا، وعلاقتهما تواجه محاولات "سيد أحمد" (حكيم زلوم)، وهو رجل ثريّ، ليتزوّج ابنة خاله "ربيعة"، غير أنّ "اللاز" يمنعه من التقرّب.

سيناريو كوميدي درامي

اعتمد الثنائي نبيل عسلي ونسيم حدوش في كتابة سيناريو الجزء الثاني لـ"البطحة" على السخرية، وقاما بإضافات درامية مدهشة، هادفة، لكن بذكاء فني لم نشاهده في الأعمال الكوميدية السابقة، ذلك بعد أن استحسن المشاهدون فكرة تضمين الدراما، أو المشاهد الجدية، تخلّلت القصة بشكل عام، وهي الطريقة التي استعانا بها في الموسم الأوّل، لما لها من قوّة في إثارة مشاعر المتفرّج.

فالصراعات الكاريكاتورية التي بناها النص، بفضل الشخصيات المرسومة بدقة، لا يظهر فيها العنف بصورة صريحة، هي صراعات كلامية توحي بسذاجتها، ذلك أنّ الأطراف المتنازعة سرعان ما تتّفق، أو يحدث أمر آخر يلغي أساس الاختلاف من أصله، وقد وُفّق كاتبا السيناريو إلى حدّ بعيد في ذلك، وعزّزه المخرج وليد بوشباح ضمن رؤية كلاسيكية فعالة.

ديكور وظيفي

استعان العمل على ديكور مدروس ودقيق، يعكس شكل الأحياء الشعبية، بيوتهم، ومحلاتهم، ورسومات وكتابات على جدران أبنيتهم، تضم أسماء فرق كرة القدم، كما أنّ الفضاء الفوضوي لمكان البطحة، مثّل صور الفقر، وبذلك أدى غرضه في دعم قصص "اللاز" و"بونار" وصراعهما المتواصل.

كما أنّ أزياء الممثلين، كانت مختارة بعناية لتكون أكثر وظيفية وعاكسة لحالة من الوضع الاجتماعي المتردي.