تكريم الفنان سليمان عازم

جبل من الأقلام وبحر من الحبر

جبل من الأقلام وبحر من الحبر �
  • القراءات: 887
دليلة مالك � دليلة مالك

كرّمت وزارة الثقافة، الفنان الكبير والشاعر المبدع سليمان عازم، نظير الأعمال الفنية القيّمة التي وشّحت مساره الفني ونضاله من أجل القضية الوطنية إبّان الاحتلال الفرنسي، وذلك في حفل فني نظّمه الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، سهرة أوّل أمس، بقاعة "ابن زيدون" بديوان رياض الفتح، بحضور عدد كبير من الفنانين وبعض من أسرة الفقيد.

بعد عرض شريط فيديو قديم يروي مسيرة وحياة الفنان، ضمّت شهادات أخويه بوجمعة وعلي عازم، وكذا أصدقائه ومن عرفوه عن قرب، أخذ سعيد عباس، الكلمة باسم الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ليشيد بالحفل التاريخي الذي نظّم من أجل سيد الأغنية القبائلية سليمان عازم، وقال إنّه تميّز بأغاني الحنين للوطن وآلام الغربة، حتى أنّ أوّل أغنية له عنوانها "أغريب ذا براني" وتتناول موضوع الاشتياق لبلده التي تمنى في آخر عمره أن تكون له ولو نافذة صغيرة يطلّ عليها ويشاهد قريته ومسقط رأسه بأغني قغران بتيزي وزو.

وبحضور ملفت لجمهور غصّت به قاعة "بن زيدون"، ونجوم الأغنية القبائلية لأداء أجمل وأشهر أغاني الراحل سليمان عازم، استهل الفنان رشيد كسيلة، الحفل بتقديم أغنيتين وهما "أ ناكر لحسان" (يا ناكر المعروف) و"محند أوقاسي"، ثم صعدت الفنانة نورية، التي قدّمت "أيفروخ إفرللس" (يا طائر السنونو)، و"أكي لوقث أغدار" (هكذا حال الوقت غدار)، ثم صعد النجم تاكفريناس، ليرفع من درجة النشوة والاستمتاع بروائع سليمان عازم، وأدى باحترافية كبيرة أغنية "أموح أموح"، وبعد طلب ملحّ للجمهور قدّم أغنية ثانية عنوانها "أوين يلان ذالفاهم" (من فيكم فهم).

وبعد وصلته أعرب تاكفاريناس ، عن فخره بالمشاركة في الحفل التكريمي لعميد الأغنية القبائلية، وواعتبر أنّ الحظ حالفه أن التقى بسليمان عازم، وأهداه ريشة قيثارة، وأضاف أنّ سليمان عازم، يعدّ جبلا من الأقلام وبحرا من المداد.

من جهته، شارك عبد النور عمور، في الحفل بإحياء أغنيتين للراحل، ويتعلّق الأمر بكلّ من "اثمورثيو أعزيزن" (بلادي العزيزة)، و"أغريب ذا فراني" (المنفي الغريب)، وسجّل الفنان حضورا قويا على الخشبة تفاعل معه الجمهور بقوّة وردّد معه الأغاني بكلّ حماس.      

وعلى هامش الحفل، اقتربت "المساء" من سعيد زعنون، صديق الراحل ليدلي بشهادته، فقال "يوجد سليمان عازم واحد، وأشهد أنّه كان مناضلا بقيثارته، طالبه المحتل بالغناء لديغول مقابل 500 ألف فرنك فرنسي سنة 1958، فألّف "يظهرد واغور ايتفعيثيد ايثري" (ظهر الهلال ولحقه النجم)، وهو يعكس العلم الجزائري وهي الحيلة التي استعان بها سليمان عازم، لأخذ المال ويمجّد الجزائر عبر رايتها".

وأضاف أنّه قام بالشيء نفسه بأغنية "ايناس إيلفلاني" (قل لفلان)، وكسب منها المال كذلك وهي أغنية تشيد بالمجاهدين لكن سليمان تمكن من استغفالهم، وأكّد أنّ سليمان عازم، كان قويا وذكيا جدا، ومجاهدا كبيرا وهو من غنى "أفغ أيا جراذ نتمورثيوي"، (أخرج يا جراد من بلدي)، ويقصد الجراد بالمحتل الفرنسي، وختم قوله "لا أعتقد أنّه سيبرز شخص مثل سليمان عازم".

أمّا كمال حمادي، فأفضى لـ"المساء"، أنه لو كان هناك شخص يستحق التكريم فهو بالتأكيد سليمان عازم، ولو لا سليمان عازم، ما كان ليدخل عالم الغناء، فهو فنان كبير جدا يستمد أغانيه من الأسطورة وهو شاعر وإنساني ويحبّ الفن ويحبّ بلاده، عرفه صغيرا وعملا معا، وقال "أنا معجب بأعماله وأحبّ أغانيه وأشعاره هو إنسان طيّب ويحب كثيرا وطنه رغم ما قيل عنه".

وأشار كمال حمادي، إلى أنّ الراحل غنى كلّ المواضيع، ويستعين بالأساطير، ويحبّ الشعر، غنى الفكاهة والدين والسياسة والوطن والغربة، وقدّم أعماله في أحسن حلّة، ويحسن الكتابة جيدا لأنّه كان يطالع ويحبّ الشعراء الكبار على غرار ناظم حكمت وموليير ولامارتين وسي محند اومحند، وختم "مهما كرّموه فهو قليل بالنسبة لقامته الفنية".

من جانبه، أكّد سامي بن شيخ الحسين، المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، أنّ تكريم سليمان عازم هو الأّول من نوعه لهذه الطفرة الفنية الجزائرية، وأقيم الحفل التكريمي كذلك بمناسبة اليوم العالمي للملكية الفكرية.

وبالمناسبة نفسها تدعّم الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بمركز إعلامي بديوان رياض الفتح، متخصّص في خدمة الفنانين ودعمهم إذ بإمكانهم التوجّه لهذا المركز حتى ينخرطوا ويقوموا بكلّ إجراءات الانخراط وإيداع الشكاوى وتسلّم بطاقات المؤلف والفنان.

ووضع الديوان كذلك برنامجا ثقافيا يتمثّل في صالون للموسيقى وبرنامج "موسيقيات الديوان" الذي يستمر إلى غاية 2 ماي المقبل، وبرمجة فرق موسيقية من النخبة الجديدة كـ"الإمزاد" و"أوس ذوفوس"، و"فريكلان" و"كاميليون" و"الدزاير" و"الداي"، حيث أنّ المنظمة العالمية للملكية الفكرية اختارت لهذه السنة شعار "كلنا من أجل الموسيقى".