الرسام الكاريكاتوري عبد الغني بن حريزة لـ’’المساء":

الفنان الكاريكاتوري زخم من التصورات

الفنان الكاريكاتوري زخم من التصورات
  • القراءات: 1028
 حاوره: ع. بزاعي حاوره: ع. بزاعي
منذ نعومة أظافره وهو يداعب الريشة، فبحث في مدلولات الرسم الذي ليس له حدود جغرافية من أجل التزوّد بما عشقه في فن الكاريكاتور  وابتكار الأساليب المتنوعة، حتى أصبح من المشجعين لهذا اللون، ومن البديهي أن يستلهم الفنان عبد الغني بن حريزة أحاسيسه من محيطه ويخلق لنفسه فضاءات يتقاطع فيها الإبداع لونا، شكلا ومضمونا مع طموح كل مبدع.. حقيقة وقفنا عندها ونحن نحاوره.
❊ لماذا وقع اختيارك على الرسم الكاريكاتوري دون غيره من الفنون الأخرى؟ 
— مارست في البداية الرسم العادي وتمرنت على قلم الرصاص والألوان المائية والترابية وحتى الزيتية، ومع مرور الوقت، زاد اهتمامي بالكاريكاتور الذي وقعت عليه عيناي لأول مرة  في إحدى اليوميات الوطنية للفنان فاتح بارة، حيث راودتني فكرة إعادة الرسم وكنت ساعاتها أجول بتصوراتي في مرعى بقر في سهول بلزمة بمروانة، ومنذ ذلك الوقت زاد اهتمامي بالرسم الكاريكاتوري.
- أيهما يدعم الفكرة الساخرة في الكاريكاتور الخط واللون والظل لبناء هيكله، أم التعليقات الأدبية؟
— في اعتقادي، يتوقف نجاح الرسم الكاريكاتوري الساخر على ذلك الرسم الذي يجتمع فيه الرسم من خطوط وألوان وظل وتعليق أدبي ملائم للفكر، ولكل رسام طابعه الخاصة لنقل الفكرة، فهناك من يعتمد رسم ويتجاهل التعليق، والعكس صحيح، وهناك من يعتمد على الرسم الصامت وفي كلتا الحالتين يعتبر الرسم ناجحا، فالمهم توصيل الفكرة من جمالية أو تعليق أدبي.
❊ هل يمكن للكاريكاتوري الاستغناء عن الكلمة والاكتفاء بالرسمة الواضحة لتبليغ الرسالة؟
— أكيد، يمكن الاستغناء نهائيا عن الكلمة والاحتفاظ بالرسم فقط، وهنا حسب رأيي الخاص، يكون الكاريكاتير أكثر نجاحا، إلا أن الرسام يبقى في هذه الحالة مقيدا في طرح فكرته، لأنه ملزم بتوجيه الرسالة بالرسم فقط، ولابد أن تلقى صداها عند المستقبل، وينطوي ذلك على مدى قدرات الرسام الكاريكاتوري في توصيل الفكرة.
❊ ما هي الأساليب التي يعتمدها الكاريكاتوري في تبليغ الفكرة دون الحياد عن الغاية من طرحها؟
— لكل رسام طريقته الخاصة في كيفية طرح أفكاره وطريقة تبليغه للرسالة، فالرسام يخاطب عينتين من الجمهور المستقبل؛ طبقة مثقفة وجمهورا واسعا من شرائح المجتمع، على اختلاف مستوياتها، وحسب رأيي الخاص، طبعا، الرسام الذي يتابع الحدث يوميا يكون أقرب إلى تبليغ رسالته.
❊ هل للاحترافية دور في تحديد توجه الرسام الكاريكاتوري، أم هناك أمور أخرى لها علاقة بمستوى التفكير والإلمام بالثقافة الواسعة؟
— بالطبع، تحدد الاحترافية بنسب كبيرة توجّه الرسام  الكاريكاتوري،  بحيث تمكّن المواظبة من كسب مهارات إضافية لتجسيد الإبداع وتأكيد التألّق بهدف إضفاء روتوشات فنية على الفكرة المراد إيصالها.
❊ هل تضم صوتك لرافضي النص الذين ينطلقون من واقع أن الكاريكاتور فن تشكيلي، يجب ألا يعتمد على أدوات غير تشكيلية لإيصال مضمونه إلى الناس؟
— أنا من بين الرسامين الذين يعتمدون على التعليق والنص الأدبي، وهي طريقة تجعل الرسام الكاريكاتوري على صلة بكل فئات الناس والرد بالطريقة المثلى على كل أنواع الأذواق، وأركز في أعمالي على السهل الممتنع، إدراكا مني بأن الكاريكاتوري صديق الجميع، عملت طوال مشواري من أجل خلق العلاقة الحميمية مع من يتصفحون رسوماتي دون اعتماد الأساليب التي تجهد القارئ. 
❊ ما هو الطابع الذي يغلب على أعمالك؟
— الطابع واضح لمن يتتبع أعمالي، فأنا ميال كثيرا إلى الرسم الذي يتناول القضايا الاجتماعية، بصفتي مواطنا أعيش يوميا ظواهر إجتماعية، ورسالتي هي الدفاع عن المواطن ونقل انشغالاته للسلطات المحلية وما يواجهه يوميا من متاعب في قضاء حاجياته اليومية.
❊ في نظرك، كيف يتخطى الكاريكاتوري الرقابة لطرح انشغالات لها علاقة بقضايا المجتمع والسياسة والشخصيات؟
— لا يستطيع الرسّام الكاريكاتوري أن يتخطى الرقابة، خاصة لما يكون تحت ضغط خط جريدة ما، لكن بدون مبالغة، وفي اعتقادي ما يمارس على الكاريكاتوري الجزائري ما هو إلا رقابة قانونية، وأقرّ بذلك عن تجربة عشتها منذ سنة 1990، وأدعو الفنان إلى أن يكون كيّسا فطنا ولا يجب أن يرمي بنفسه إلى التهلكة، واعتماد النقد البنّاء دون المساس بالأشياء المقدسة، كالدين ورموز الدولة.  
❊ يقال بأن الكاريكاتوري الناجح هو من يضع لريشته خطوطا حمراء، ما  رأيك؟
— صحيح، هذا ما أشرت إليه سابقا، فمن يضع خطوطا حمراء لنفسه بإمكانه أن ينجح في مجاله الفني، هذا ما استخلصته عن تجربة عشتها 25 سنة، فمن تعدى الخطوط الحمراء، فإنه يجلب إليه خطوطا حمراء أخرى.
❊ هل يمكن أن نصف من تجاوز حدوده وسخر الكاريكاتور للإساءة للناس والأديان بالفنان؟ 
— أنا ضد هذه الأفكار البالية والعينات التي تريد الشهرة على حساب المبادئ والقيم، وأنا ضد الزملاء الذين تسول لهم أنفسهم الإساءة للدين الإسلامي بحثا عن تكريم خاص في أوروبا من أعداء الإسلام، هي عينات موجودة على أرض الواقع ولا داعي لذكر الأسماء، فما يهمني أن الفنان الكاريكاتوري زخم من التصورات في تشكيل الإبداعات، لا علاقة له بكلّ ما لا يرضي الله والإنسان، وأطلب الهداية لكل من تسول له نفسه الإساءة للغير بغطاء الرسم لترويج كل أنواع السموم.  
❊ هل وجدت مساندة لأعمالك، وما هي المشاكل التي تصادفونها في إنجاز أعمالكم؟
— بالطبع، كل رسام يواجه متاعب ومشاكل، خصوصا منها المهنية عن تجربة عشتها بوسائل إعلامية، إلا أن ذلك لن يحد من عزيمتي في بلوغ غاياتي، فأنا دوما مجتهد رغم أنّ الرسم الكاريكاتوري لم يوفني حقوقي المادية، كما أواجه مشكلة بعدي عن العاصمة وحتى عن مدينة باتنة لتجسيد طموحاتي.
❊ إذا كان  الكاريكاتور عالم من الحرية والإبداع ووسيلة لتبليغ رسالة ما، فما هي القنوات المدعمة لذلك؟
— الدعم هو الكفيل بالأساس، سواء المادي أم المعنوي، لتبليغ الرسالة من الرسم الهادف المعبر الباحث في الحلول الممكنة، وعن القنوات فهي معروفة من جرائد يومية ودوريات ومجلات كلّها تساهم في التعريف بالرسام الكاريكاتوري وتبرز قدراته. 
❊ هل يمكن القول بأن الكاريكاتور مهنة ومهارة؟
— أكيد.. هو مهنة ومهارة تتوقّف على مدى قدرات الرسّام التشكيلي في تبليغ الرسالة، شأنه شأن الإعلامي في أداء مهامه.
❊ هل تعتقد أنّ الكاريكاتور في وسائل الإعلام يؤدي رسالته؟
— بالتأكيد يؤدي دوره على أحسن ما يرام، شأنه شأن وظائف الإعلام  في التبليغ، التثقيف والتربية.. كلّها وظائف مكملة لرسالة الرسم الكاريكاتوري.
❊ أيهما تفضل الصحافة أم المعارض للتعريف بأعمالك ؟
— أفضّل الصحافة لأنّها يوميا في تواصل مع القارئ، وهو تحفيز من الصحيفة للكاريكاتوري بهدف تجسيد إبداعاته، أمّا المعارض فتعتبر المنبر الأخير الذي يقيم ما ينجزه الكاريكاتوري في مدة معينة من أعمال عبر الصحف الوطنية، إلا أنه لا يمكن نكران وظيفته في توجيه الفنان الكاريكاتوري.
❊ كلمة أخيرة .
— أوجه ندائي للفنانين الشباب الممارسين للرسم الكاريكاتوري بدعم مهاراتهم ممن سبقوهم في الميدان واعتماد المواضيع الاجتماعية التي لها علاقة بنقل انشغالات المواطنين، كما أدعو إلى التأسيس لمرحلة جديدة تأخذ في الحسبان تفعيل دور المدارس الجهوية للفنون التشكيلية والتركيز على أهمية التكوين بهدف تكوين جديد للمبدعين في شتى أنواع الفنون التشكيلية، وتحية كبيرة للقسم الثقافي في جريدة "المساء" التي أتاحت لي هذا الفضاء، فهي مشكورة على نشاطها في مواكبة الأنشطة الثقافية بولاية باتنة.