سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالجزائر في حديث إلى "المساء":

العلاقات الثنائية تسير بخطى ثابتة

العلاقات الثنائية تسير بخطى ثابتة
  • القراءات: 1351
حوار: مليكة خلاف  حوار: مليكة خلاف
  أكد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالجزائر السيد رضا عامري، أن العلاقات الثنائية تسير بخطى ثابتة، مضيفا أنه تم تنفيذ الكثير من الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين في ظل الإرادة السياسية المتوفرة؛ من أجل الارتقاء بالعلاقات الجزائرية الإيرانية إلى أعلى مستوياتها، خاصة في الجانب الاقتصادي. كما أشار السفير في حديث خص به "المساء"، إلى أن الجزائر تحظى بمكانة مرموقة في السياسة الخارجية الإيرانية، نظير مواقفها مع طهران.

^ س: تحتفل إيران بالذكرى السادسة والثلاثين لثورتها، كيف تقيّم طهران إنجازاتها في ظل التحولات والتحديات الدولية الراهنة؟
^^ ج: في مستهل حديثي، أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لجريدة "المساء" الغراء، وأتمنى لكم ولجميع العاملين فيها الصحة والتوفيق. كما تعرفون، فإن الشعب الإيراني كتب في اليوم الحادي عشر من فبراير عام 1979، نهاية حاسمة لحكومة الشاه الدكتاتورية، من خلال ثورة شعبية إسلامية رفضت الاستسلام للظلم والاستبداد الذي ظل يمارسه النظام الملكي البائد، قلبت الموازين الإقليمية والعالمية، الثورة التي نحتفل اليوم بالذكرى السادسة والثلاثين لانتصارها بقيادة القائد الراحل المقيم في قلوبنا ووجداننا الإمام الخميني (رحمه الله).. فمنذ انتصار الثورة وحتى الآن وهي تواجه التحديات والمشاكسات الغربية ضد مصالح الشعب الإيراني وتوجهاته الديمقراطية؛ من عقوبات ظالمة بذرائع واهية، واغتيال رجال الثورة، وتفجيرات إرهابية، وحرب مفروضة، وترهيب إعلامي وسياسي والتشديد على سياسة إيرانفوبيا... لكن كل هذه الضغوطات والتحديات باءت بالفشل.

^ س: كيف تقيّم طهران الأوضاع بالمنطقة العربية على ضوء ما يُعرف بثورات الربيع العربي؟
^^ ج: الشعوب في بعض البلدان العربية أرادت إنعاش الوضع الاقتصادي وتحسين المعيشة  لمواطنيها، لكنها سرعان ما صودرت ثوراتها وتطلعاتها المحقة من قبل بعض اللاعبين في الساحة العالمية وكذلك الحركات والجماعات الظلامية والإرهابية.. فكانت النتيجة هي انتشار الفوضى والإرهاب، وتدمير البنى التحتية، وتغيير أولويات الأمة الإسلامية من مواجهة العدو الصهيوني الحاقد إلى مواجهات بينية وداخلية لاستنزاف طاقات الأمة وتآكل قدراتها وإمكاناتها. ولا يمكن الخروج من هذا الوضع إلا بالوعي وإدراك حقيقة الأهداف الخبيثة للذين يتربصون بهذه الأمة، ونبذ العنف والإرهاب والتطرف، وتجفيف مصادر التمويل والتسليح للمجموعات المسلحة المتطرفة التي عبثت بأمن المواطن، وشوّهت سمعة الإسلام والمسلمين والإنسانية.

^  س: أين وصل الملف النووي الإيراني؟
 ^^ ج: بعد عشر سنوات من المفاوضات السياسية المستمرة والمكثفة، وصلت هذه المحادثات بين إيران والمجموعة السداسية إلى مرحلة حاسمة وحساسة، نأمل أن تصل إلى الاتفاق النهائي خلال الفترة الزمنية المتبقية من المفاوضات. لقد قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بخطوات مهمة في سبيل إزالة الشبهات والاستفهامات حول برنامجها النووي السلمي؛ من خلال تعاونها الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والسماح للخبراء والمفتشين الدوليين بزيارة مواقعها النووية، والحصول على إجابات وافية حول الملابسات بين فترة وأخرى؛ فأصبحت الكرة الآن في ملعب الطرف الآخر.
 إيران لها إرادة سیاسیة جادة للتوصل إلى اتفاق جید وشامل، ترفع بموجبه کافة العقوبات بدون استثناء؛ لأنها أوفت بالتزاماتها وفقا لاتفاق جنیف، حسب التقاریر الصادرة عن الوکالة الدولیة للطاقة الذریة. وینبغي حالیا علی الطرف الأمريكي أن یتخلی عن المطالب المبالغ فیها، وأن یتخذ القرار النهائي بعد تغلّبه علی مشاکله الداخلیة والتخلص من الإملاءات التي تمنعه من اتخاذ قرار مستقل بهذا الشأن.

^ س: ما هو تقييمكم للعلاقات الإيرانية ـ الجزائرية؟
^^ ج: احتفلنا، العام الماضي، بالذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الإيرانية ـ الجزائرية، التي تعتمد على أسس متينة، وتسير الآن بخطى ثابتة نحو المزيد من التقدم والازدهار. وقد كانت هناك محطات مهمة وتاريخية قد مرت بهذه العلاقات التاريخية، منها في عام 1975؛ حيث استطاعت الحكمة الجزائرية وضع حد للنزاع بين إيران والعراق قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران. وبعد انتصار الثورة في 11 فبراير عام 1979 ونشوب الأزمة الدبلوماسية بين إيران الثورة والولايات المتحدة الأمريكية واستيلاء الطلبة الإيرانيين على مبنى السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز العاملين فيها، قامت الجزائر بجهد دبلوماسي مميَّز، ساعد على إنهاء هذه الأزمة التي أدت إلى إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين. وأثناء حرب العراق ضد إيران فقدت الجزائر وزير خارجيتها حينها؛ حيث كان في طريقه إلينا في إطار الجهود التي كان يبذلها لإنهاء الحرب بين البلدين.. فقاموا بمهاجمة طائرته وأسقطوها.
  هنا تجب الإشارة إلى أن الجزائر لها مكانة مرموقة في أولويات السياسة الخارجية الإيرانية. ويحظى هذا البلد العظيم وشعبه الأبي الذي قدّم كل غال ونفيس من أجل الحرية والاستقلال، باحترام كبير لدى القيادة والشعب الإيراني؛ حيث لقي انتصار الثورة الإسلامية في إيران ترحيبا حارا من الجزائريين الأشقاء، الذين عاشوا تجربة ثورة تحريرية مجيدة. وخلال الأعوام التي مضت تكثفت الاتصالات، واتسعت آفاق التعاون بين البلدين، خاصة بعد إتمام زيارات رسمية لأصحاب الفخامة رؤساء الجمهورية لكلا البلدين إلى البلد الآخر، وما تعاقب ذلك من تبادل الوفود السياسية والاقتصادية والثقافية على مختلف الأصعدة والمستويات.

^ س: ما هي فرص التعاون القائمة بين البلدين، علما أنه تم إلى حد الآن، التوقيع على 54 اتفاقية ومذكرة تفاهم؟
^^ ج: إن هذه الاتفاقيات قد تم تنفيذ الكثير منها، وبعضها في قيد التنفيذ، ولا ننكر وجود بعض المشاكل التنفيذية والبيروقراطية، ولكن المهم في هذا الصدد وجود إرادة سياسية قوية لدى القيادتين، للرقيّ بهذه العلاقة إلى أعلى مستوياتها، خاصة في العلاقات الاقتصادية التي لا ترقى إلى مستوى الإرادة السياسية العليا في البلدين. ونسعى في سبيل رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، إلى مستوى يليق بإرادة ورغبة القيادتين والشعبين. وهناك فرص متاحة ومهمة وإمكانيات كامنة، يمكنها أن تعمّق وتوسّع في هذه العلاقات التاريخية بين البلدين وفي مجالات متعددة، خاصة في مجال البترول والغاز والبتروكيماويات والفلاحة والصناعة والمناجم والمشاريع العمرانية وتبادل الخبرات والخبراء. نحن لا نعترف بأي سقف وحدود لتوسيع التعاون وتطوير العلاقات مع الجزائر. وندعو كل الجزائريين إلى زيارة إيران، ليتعرفوا عن كثب على مدى تقدمها وتطورها والفرص المتاحة للتعامل المربح معها.   

^ س: تشاطر طهران مواقف الجزائر إزاء قضايا دولية، من بينها قضية الصحراء الغربية، ما هي قراءتكم بخصوص الانسداد الذي مازال يعتري القضية الصحراوية؟
^^ ج: نحن نتفق مع الجزائر الشقيقة في أمور كثيرة؛ فإيران تدعّم جهود الجزائر من أجل حماية الأمن والاستقرار في منطقة الساحل ومساعيها لتحقيق التنمية والازدهار. كما تدعّم الجزائر إيران في قضاياها العادلة ومواقفها الإقليمية والدولية. ونحن على ثقة بأن هذا التوجه يتكرس ويتطور يوما بعد يوم ليشمل المزيد من مجالات التعاون والتآزر.
وبالنسبة لقضية الصحراء، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعّم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل مقبول لهذه القضية، عن طريق الحوار وبالطرق السلمية، ونتمنى أن تتكلَّل هذه الجهود بالنجاح.