في انتظـــار منعهــــــا نهــــائيـــــا واستبــدالهــا بـالأكيـاس الورقيــــة

تحـديـد المواصــفات التقنية لأكـياس التسوق

تحـديـد المواصــفات التقنية لأكـياس التسوق
  • القراءات: 786
محمد / ب  محمد / ب
ارتأت الحكومة إتباع مسار تدريجي للقضاء نهائيا على الأكياس البلاستيكية التي تتسبب في تلوث المحيط والبيئة، وذلك من خلال ضبط مواصفات تقنية وإلزام مصنعي هذه الأكياس الموجهة لرزم المواد الاستهلاكية بتدوين البيانات الخاصة، وذلك بغرض ضبط هوية الشخص المسؤول عن إنتاجها واتخاذ الإجراءات الردعية في حال مخالفاته معايير السلامة الصحية والبيئية.
ففي هذا الإطار، جاء القرار الوزاري المشترك بين وزارات التهيئة العمرانية والبيئة، التجارة والصناعة والمناجم، الذي ينص على استبدال الأكياس البلاستيكية السوداء بأكياس بيضاء اللون وغير شفافة، بداية من شهر جوان 2015، ليقلص من آثار تأثير الأكياس البلاستيكية السوداء على صحة الإنسان وعلى البيئة، حيث يبرر القرار اللجوء إلى ضبط مواصفات تقنية محددة للأكياس التي يستعملها التجار لرزم المواد الاستهلاكية، بالحاجة الماسة إلى تجنب تدهور الأوساط الطبيعية والمناظر والمناطق الحضارية والريفية ومكافحة التلف البصري الناتج عن تطاير وانتشار الكيس البلاستيكي المستعمل في الطبيعة، فضلا عن الحد من انبعاث الغازات ذات الاحتباس الحراري الناتجة عن احتراق هذه الأكياس، والمحافظة على الأنظمة البيئية والبحرية والبرية.
وقد ذكر القرار بالأخطار المترتبة عن الاستعمال الواسع للأكياس البلاستيكية غير محددة المعالم التقنية، مشيرا إلى تركيبته الهشة وسهولة تمزقه وانتشاره بفعل الرياح في كل الفضاءات، والذي يتسبب في تدهور الإطار المعيشي والأوساط الطبيعية التي تشوه المواقع والمناظر، إضافة إلى ما تتسبب فيه من فيضانات بفعل سدها للبالوعات والمجاري المائية، وكذا ما تثيره من تلوث للهواء عند احتراقها.
وإذ سبق للحكومة أن أعلنت عن اعتزامها المنع النهائي لاستعمال الأكياس البلاستيكية، لما لها من تأثيرات سلبية متجلية في تناثر هذه الأكياس وانتشارها بشكل عشوائي عبر محيط المدن والأرياف الجزائرية، فضلا عما ثبت عنها من أضرار مباشرة على صحة المستهلك، إلا أن الحاجة إلى مراعاة عدم الإضرار بالنشاط الصناعي لوحدات إنتاج هذه الأكياس، والبالغ عددها طبقا لتصريحات وزيرة تهيئة العمرانية والبيئة، دليلة بوجمعة، 600 وحدة صناعية أنشئت غالبيتها في إطار آليات دعم تشغيل الشباب، دفع بالجهاز التنفيذي إلى اعتماد مسار تدريجي للتقليص من استعمال الأكياس المصنعة من مادة البلاستيك، من خلال إلزام التجار والمنتجين والمستوردين باحترام جملة من الإجراءات والمعايير التقنية المحددة، وفي مقدمتها ضرورة تقديم المنتج لإثباتات المطابقة المتمثلة في محضر التجارب الصادر عن مخبر معتمد يشهد على مطابقة المنتوج، أو إشهاد صادر عن هيئة ثالثة معتمدة ومعترف بكفاءتها تضمن كتابيا أن المنتوج مطابق للمتطلبات الخاصة، فضلا عن احترام مواصفات شكلية مضبوطة تشمل أبعاد محددة تقنيا واللون الأبيض غير الشفاف، إلى جانب التعيين والسمك ووضع علامة المنتج لتتبع المنتوج..
ويهدف هذا الإجراء الأخير إلى تمكين الهيئات الرقابية من تحديد مسؤوليات منتجي أو مستوردي هذه الأكياس الذين يخالفون المعايير التقنية التي ينبغي أن تتوفر في المنتوج، وذلك من خلال البيانات التي يلزم المنتجون والمستوردون بوضعها على الأكياس، لإظهار اسم صاحب المنتوج ومقره الاجتماعي والعلامة المسجلة وعنوان الشخص المسؤول عن إنتاجه، مع وضع الشروط الخاصة للاستخدام، لا سيما عند استعمال الكيس البلاستيكي من طرف الأطفال. كما يلزم القرار المنتجين والمستوردين بضمان تتبع مسار المنتوج من خلال استظهار كل مراحل الانتاج والتحويل والتوزيع.
ويأتي تنظيم نشاط إنتاج واستيراد هذه الأكياس البلاستيكية الموجهة لرزم المنتوجات الاستهلاكية، ـ حسب مصادر مسؤولة ـ كإجراء وسيط يستبق مرحلة استبدال نشاط الوحدات الصناعية المنتجة لها بنشاط إنتاج الأكياس الورقية، كما يشمل هذا التنظيم في هذه المرحلة أيضا تنسيق العمل بين الوحدات الصناعية المنتجة ووحدات الرسكلة وتثمين النفايات، في إطار ترقية نشاط الاسترجاع في الجزائر.وضمن مسعى التقليص التدريجي لاستعمال الأكياس البلاستيكية، كانت الحكومة قد أعلنت عزمها استبدال أكياس الحليب المستعملة حاليا، بالعلب الورقية التي تضمن صحة وسلامة أفضل للمستهلك وللمنتوج، حيث سبق للوزير الأول عبد الملك سلال أن أعلن عن هذا القرار الذي أوعز لأجله للهيئات المتخصصة التفكير في كيفيات تطبيق هذا الإجراء بشكل مدروس ودقيق.
وبالرغم مما أثاره مثل هذا القرار من جدل واحتجاج في أوساط التنظيمات الممثلة للتجار، والتي أعربت عن انشغالها بخصوص تبعات تطبيق قرار استبدال أكياس الحليب البلاستيكية بعلب ورقية، وفي مقدمتها انعكاس هذا الإجراء على الأسعار المعتمدة حاليا، إلا أن التوجه نحو القضاء على استعمال الأكياس البلاستيكية لرزم المواد الاستهلاكية يعتبر مسعى دوليا، تسعى إلى تجسيده الكثير من دول العالم، على غرار فرنسا التي أعلنت مؤخرا منع استعمال الأكياس البلاستكية بشكل نهائي في سنة 2016.