بنك الجزائر يحذّر من استمرار انخفاض أسعار البترول:

القدرة المالية للجزائر لا تقاوم الصدمات لمدة طويلة

القدرة المالية للجزائر لا تقاوم الصدمات لمدة طويلة
  • القراءات: 808
زولا سومر زولا سومر
لم يستبعد السيد محمد لكصاسي محافظ بنك الجزائر، خطر تضرر الوضعية المالية للجزائر في حال استمرار انخفاض أسعار النفط، التي عرفت تراجعا في المدة الأخيرة، موضحا أن قدرة الجزائر المالية حاليا على مواجهة الصدمات، قد تتآكل بسرعة لو يبقى سعر البرميل على مستويات منخفضة لمدة طويلة.
وأكد السيد لكصاسي أن الاحتياطيات المالية الحالية كافية، وتسمح للجزائر بمواجهة الصدمات على ميزان المدفوعات الخارجية في مدة قصيرة لا تتجاوز 35 شهرا، غير أن استمرار الانخفاض قد يؤثر سلبا، ويجعل الدولة عاجزة عن مواجهة الأزمة التي قد تنجرّ عن ذلك بسبب اعتماد الاقتصاد الوطني على عائدات البترول، ملحّا على ضرورة الرفع من فعالية الاستثمارات العمومية في ظل هشاشة ميزان المدفوعات.
وأشار السيد لكصاسي لدى عرضه للتطورات الاقتصادية والنقدية لسنة 2013 والتوجهات المالية للسداسي الأول من سنة 2014، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني أمس، إلى أنه ينبغي على دور النفقات العمومية الموجهة للاستثمار كمحفز للنشاط الاقتصادي، أن يتوافق مع مستوى مساهمتها في الإمكانات الحقيقية لنمو القطاعات خارج المحروقات؛ كون قدرة التمويل للخزينة العمومية المكونة طوال 14 سنة، تمنح فرصة لتحضير مخطط يهدف إلى تخفيف هشاشة المالية العامة للبلاد تجاه تقلبات أسعار النفط، وذلك من خلال مواصلة مشروع تحسين فعالية الاستثمارات العمومية المدرجة في الميزانية، وإصلاح تدريجي لنظام الدعم.
وفي هذا السياق، أضاف السيد لكصاسي أن ميزان المدفوعات الخارجية سجل عجزا خلال السداسي الأول للسنة الجارية بـ 32ر1 مليار دولار، مما تسبب في تراجع احتياطات الصرف إلى 269ر193 مليار دولار في نهاية جوان، بعد أن سجلت هذه الاحتياطات ارتفاعا في السنة الماضية.
ورافق تراجع إيرادات صادرات المحروقات، حسب محافظ بنك الجزائر، تزايد معتبر في الإيرادات من صادرات خارج المحروقات، والتي بلغت 757 مليون دولار خلال السداسي الأول من السنة. وبالموازة مع ذلك واصلت الواردات من السلع تزايدها لتبلغ 29.83 مليار دولار خلال نفس الفترة.
وأشار تقرير بنك الجزائر إلى أن واردات مواد التجهيز الصناعية والمنتجات نصف المصنّعة والمواد الغذائية، عرفت ارتفاعا محسوسا في الوقت الذي سجلت واردات المواد الاستهلاكية غير الغذائية، انخفاضا خلال السداسي الأول من 2014. كما أدى ارتفاع واردات السلع الذي تزامن مع تراجع الصادرات، إلى تقلص الفائض التجاري لميزان المدفوعات إلى 2.756 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2014. وعرف الحساب الجاري لميزان المدفوعات خلال الفترة المذكورة، عجزا متأثرا بتقلص فائض الرصيد التجاري، وتفاقم عجز بنود الخدمات والدخل؛ حيث قُدر هذا العجز بـ 2.3 مليار دولار.
ومن جهته، سجل حساب رأس المال في هذه الفترة فائضا قدره 0.976 مليار دولار مقابل 1.235 مليار دولار في السداسي الأول من 2013، وأدى إلى وضع استقرار للتدفق بموجب صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة عند 0.75 مليار دولار، علما أن هذا الفائض لم يغطّ إلا جزءا من عجز الحساب الجاري، وعليه سجل إجمالي ميزان المدفوعات الخارجية عجزا بـ 1.32 مليار دولار؛ مما أدى إلى تقلص الاحتياطات الرسمية للصرف، حسب تقرير بنك الجزائر.
وصرح السيد لكصاسي بأن التقلبات التي عاشتها أسواق الصرف العالمية في ماي وجوان 2013 وفي جانفي 2014، تسببت في انعكاسات سلبية على عملات عدة بلدان، منها الجزائر؛ حيث انخفض متوسط سعر العملة الوطنية بـ 4.32 بالمائة خلال السداسي الأول من 2014، مشيرا إلى أن هذا الانخفاض يبقى طفيفا مقارنة بالانخفاضات التي عرفتها عملات بعض الدول الناشئة أمام الأورو. غير أن المتحدث أكد أنه بالرغم من العجز في ميزان المدفوعات الخارجية، يبقى سعر الصرف الفعلي الحقيقي للدينار مرتفعا مقارنة بمستواه التوازني المحدد، وفق أساسيات الاقتصاد.
كما تُظهر الوضعية النقدية تقلصا في صافي مستحقات الدولة على النظام المصرفي تحت أثر تراجع موارد صندوق ضبط الإيرادات، إلى 51ر4773 مليار دينار بنهاية شهر جوان الماضي. وسجل هذا السداسي ارتفاعا في وتيرة التوسع النقدي إلى 7.68 بالمائة بعد عامين من التباطؤ، حيث عرفت الكتلة النقدية خارج ودائع المحروقات، ارتفاعا بـ 6.71 بالمائة.
وأضاف محافظ بنك الجزائر أن الوضعية النقدية تبين تقلصا في صافي مستحقات الدولة على النظام المصرفي، تحت أثر تراجع موارد صندوق ضبط الإيرادات إلى 4773.51 مليار دينار في نهاية جوان الماضي.
وفي شق آخر، ذكر المسؤول بأن القروض البنكية سجلت وتيرة نمو مرتفعة؛ حيث بلغت القروض المصرفية الممنوحة للاقتصاد 5760.61 مليار دينار في نهاية شهر جوان الأخير. بفضل تسهيل حصول المؤسسات الخاصة على القرض المصرفي؛ إذ بلغت حصة القروض الممنوحة لهذه المؤسسات قيمة 2591.06 مليار دينار؛ بارتفاع نسبته 19.33 بالمائة مقارنة بسنة 2013.
وأشار التقرير إلى أنه خلال الستة أشهر الأولى من السنة، استمر تراجع التضخم، وانتقل الارتفاع في المتوسط السنوي لمؤشر الأسعار عند الاستهلاك، من 1.98 بالمائة في شهر مارس إلى 1.51 في جوان، في حين بلغ الوسط السنوي للتضخم الأساسي خارج المنتجات الغذائية الطازجة، 1.74 بالمائة في جوان.
وأفاد بنك الجزائر بأنه في إطار الحفاظ على الاستقرار النقدي، يقوم بامتصاص فائض السيولة على مستوى السوق النقدية، ويساهم في التحكم في التضخم بواسطة أدوات السياسة النقدية الملائمة.
وصبت جل تدخلات نواب المجلس الشعبي الوطني عقب عرض هذا التقرير، حول التخوف من تداعيات انهيار أسعار النفط واستمرار انخفاضها، مطالبين باتخاذ تدابير استعجالية للدفع بعجلة الاقتصاد والاستثمار في قطاعات الفلاحة والصيد والسياحة، لمواجهة العجز المالي الذي قد يترتب عن نقص مداخيل الدولة، التي تعتمد على عائدات تصدير المحروقات. كما داعوا بنك الجزائر لتقديم استراتيجيته الإنقاذية لمواجهة حدوث هذه الأزمة لتفادي تكرار كارثة الثمانينات التي عصفت بالاقتصاد الوطني؛ جراء انخفاض سعر البترول.
من جهة أخرى، استغل النواب فرصة حضور محافظ بنك الجزائر للمطالبة برفع منحة السياحة السنوية التي تقدَّر حاليا بـ 135 أورو، والتي تبقى غير كافية حتى لقضاء ليلة بفندق في الخارج، مشيرين إلى أن الإبقاء على هذا المبلغ هو مساس بكرامة المواطن. كما اقترحوا وضع آليات رقابة صارمة لتشديد الرقابة على حركة رؤوس الأموال، لمنع تحويل وتهريب الأموال إلى الخارج، وإقامة مكاتب صرف العملة معتمدة لتحويل العملة الصعبة ومحاربة السوق السوداء التي تضر بالاقتصاد الوطني.