ستتدعم بمصنع «بن عمر» وإعادة بعث «مصبرات الجنوب»

قالمة قطب كبير للطماطم الصناعية

قالمة قطب كبير للطماطم الصناعية
  • القراءات: 30761
وردة زرقين/محمد صدوقي وردة زرقين/محمد صدوقي

تحولت ولاية قالمة في السنوات الأخيرة إلى قطب زراعي كبير وقاعدة للصناعات الغذائية، خاصة في إنتاج الطماطم الصناعية، واحتلت المراتب الأولى وطنيا لسنوات عديدة من حيث المردود العام، إذ وصل إلى 800 قنطار في الهكتار، نتيجة الزيادة في المساحات المسقية وفي مساحات الغرس التي كانت مستغلة لإنتاج محاصيل أخرى، وكذا اندماج الفلاحين في هذه الشعبة ونقص الأمراض على مستوى حقول الطماطم. 

بالإضافة إلى الدعم والقروض التي تمنحها الدولة للمصانع التحويلية،  إلى جانب توفر البذور والأسمدة والأدوية، وتعرف قالمة نظاما جيدا في هذه الشعبة، خاصة مع المجهودات والتطورات في مرافقة الفلاحين فيما يخص ظروف العمل، مراقبة المساحات المغروسة، الأدوية، البذور والشتلات وحتى الأكياس البلاستيكية تبعا للاتفاقية المبرمة بين الطرفين. كما تعتبر المكننة عملية متطورة جدا بتقنيات حديثة، إذ يكون العمل بتكنولوجيا متطورة مع تواجد العنصر البشري للقيام بعملية فرز حبات الطماطم المصابة وغير الناضجة، ويوجد في ولاية قالمة 3 محولات صناعية، من بينها محولان لمجمع «بن عمر» ببلديتي لفجوج وبوعاتي، محول آخر «مصبرات زيمبة» ومصنع «مصبرات الجنوب» الذي سيتم إعادة فتحه هذه الصائفة، بالإضافة إلى محول جديد لمجمع «بن عمر» ببلدية عين بن بيضاء بأقصى شرق الولاية والمرتقب فتحه وتشغيله قريبا في إطار القضاء على الطوابير ومدة الانتظار التي تصل في أغلب الأحيان إلى 4 أيام في موسم الجني خلال شهر جويلية دفعة واحدة، مما يؤدي إلى ضياع الوزن وكميات كبيرة للطماطم بسبب الحرارة وطول الانتظار، لكن ما أثار مخاوف الفلاحين ومنتجي الطماطم الصناعية هذا الموسم، هو التغيرات المناخية وشح سقوط الأمطار خاصة أثناء حملة الغرس من أول مارس إلى غاية 30 أفريل، حيث عرفت قالمة موسم جفاف هذه السنة وتراجع منسوب مياه سد «بوهمدان» الممول الرئيسي لعملية سقي المحاصيل الزراعية بالولاية، خاصة منها الطماطم الصناعية التي تحتاج إلى نشاط هيدرو-غرافي قوي بالحوض الممتد من سهل الجنوب الكبير على الحدود مع ولاية قسنطينة، إلى غاية الحدود مع ولاية سكيكدة، وإلى غاية بوشقوف في الجهة الشرقية مع ولاية سوق أهراس، وتعمل السلطات المحلية على إيجاد حلول لمشكل السقي وندرة المياه المخصصة لذلك، فبعد مشكل الطوابير، يأتي مشكل ندرة المياه وعمليات السقي خلال هذا العام، مما يستوجب على القائمين على شعبة الطماطم الصناعية دراسة كاملة وشاملة لهذه الشعبة.

التغيرات المناخية تحول دون تحقيق الإنتاج المتوقع

سُجلت خلال هذا الموسم زيادة في مساحات الغرس في شعبة الطماطم الصناعية بولاية قالمة مقارنة بالسنة الفارطة في نفس الفترة، ويرجع هذا إلى اندماج الفلاحين في هذه الشعبة، مع تخصيص مساحة الغرس التي كانت مستغلة لإنتاج محاصيل أخرى وحُولت لإنتاج الطماطم، حيث بلغت المساحة المغروسة في هذا الموسم 2016 /2017؛ 4023 هكتارا بإنتاج متوقع قدر بمليونين و884 ألفا و500 قنطار، حسبما أفاد به مصدر من مديرية الفلاحة بولاية قالمة لـ«المساء». فيما ستنطلق عملية جني الطماطم الصناعية في بداية شهر جويلية المقبل من السنة الجارية، وأضاف المصدر أن مساحة السقي بالتقطير عرفت ارتفاعا كبيرا خلال هذا الموسم وبلغت 1840 هكتارا، وبلغ عدد العقود المسجلة بين مصانع التحويل والفلاحين 332 عقدا. أما المؤسسات المتعاقدة فبلغت 07 مصانع، منها 05 مصانع خارج الولاية. وتتوقع المصالح الفلاحية بالولاية تسجيل انخفاض في الإنتاج هذه السنة مقارنة بالسنوات الفارطة بسبب ندرة المياه ونقص في عمليات السقي.

البحث عن مخرج لسقي الطماطم المغروسة

أدى شح الأمطار وموجة الجفاف التي ضربت ولاية قالمة خلال هذا الموسم، إلى انخفاض حجم أكبر سدود المنطقة المعروف بسد «بوهمدان»، وتراجع منسوب مياهه إلى 15 بالمائة من مجموع طاقة استيعابه المقدرة بـ185 مليون متر مكعب، هذه الوضعية أثارت مخاوف سكان الولاية والفلاحين خاصة، إذ بلغ حجم السد 27 مليون متر مكعب، بحيث لا تكفي هذه الكمية للشرب وسقي المحاصيل الزراعية، وفي هذا الصدد، تم تسطير برنامج استعجالي خاص لتوفير الماء من أجل سقي المحاصيل الزراعية بولاية قالمة، التي تعتمد عادة في تزودها على هذا السد، وتم اتخاذ إجراءات صارمة لتحديد كميات مياه الشرب المتاحة للسكان، خاصة أن الاحتياطات المائية محدودة وفصل الصيف على الأبواب. ونظرا لمخزون السد الضعيف الذي لا يمكنه تلبية تزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب وتزويد محيطات السقي، طلبت ولاية قالمة من وزارة الموارد المائية التدخل لتخصيص كمية من ماء سد «الشارف» بسدراتة ولاية سوق أهراس، لسقي المحاصيل الزراعية في المحيط الكبير بولاية قالمة الممتد من قالمة إلى بوشقوف، على مساحة تقارب 10 آلاف هكتار من أجود الأراضي المسقية بالمنطقة، لتدارك التأخر المسجل في عملية غرس الطماطم الصناعية. وقد سمحت التدخلات والمجهودات المكثفة محليا ومركزيا بصدور قرار وزاري بتوجيه احتياطي سد وادي «الشارف» التابع لولاية سوق أهراس لسقي المحاصيل الزراعية، خاصة منها الطماطم الصناعية في ولاية قالمة، بكمية 20 مليون متر مكعب على مراحل، وهي كمية كافية لإنجاح موسم الطماطم الصناعية بعد اتفاق الطرفين، فيما خصص الحجم الحالي لسد «بوهمدان» بقالمة، والمقدر بـ27 مليون متر مكعب لتزويد السكان بالماء الصالح للشرب، وبعد صدور القرار، انطلقت عملية السقي من سد «الشارف» في كل من عين احساينية ومجاز عمار وغيرها، وتم ضخ 12 مليون متر مكعب من سد «الشارف» كمرحلة أولى، فيما بلغت الكمية لسقي الطماطم الصناعية 3 ملايين متر مكعب فقط، والكمية الباقية مهدورة، حسبما أفاد به رئيس مكتب الري الفلاحي بمديرية الفلاحة في ولاية قالمة، السيد زموشي زين الدين، الذي أضاف أن الوزارة الوصية أصدرت قرارا في 24 ماي الماضي، يقضي بتوقيف أنظمة السقي من سد «الشارف» بسوق أهراس، وبدأت آثار الجفاف تظهر وسط حقول الطماطم الصناعية، ومعها بدأت مخاوف الفلاحين، حيث تجمع المئات من المزارعين المنتجين للطماطم الصناعية أمام مقر الولاية وديوان محيط السقي ببلدية بومهرة المشرف على تسيير أنظمة السقي، واتخذت بعدها السلطات المحلية يوم 31 ماي المنصرم قرارا بتزويد وسقي مساحات الطماطم الصناعية المغروسة انطلاقا من سد «بوهمدان» في قالمة، بكمية مليوني متر مكعب، وكشف المتحدث عن اقتراحات لإيجاد حلول ظرفية بعد استشارة الوزارة الوصية بالتزود من سد عين مخلوف بولاية قالمة.  

مصنع جديد لمجمع «بن عمر» وإعادة نشاط مصنع «مصبرات الجنوب»

التطور الكبير الذي تعرفه شعبة الطماطم الصناعية بقالمة يتطلب مزيدا من الاستثمارات، لتوسيع قدرات الاستقبال والقضاء على مشكل الانتظار والطوابير الطويلة في كل موسم مع حملة جني الطماطم الصناعية، خاصة بعد ما حققت شعبة الطماطم في الولاية أهدافها في السنوات القليلة الماضية، إذ تلقى منتجوها الدعم من طرف الدولة، ويتجلى ذلك في الإنتاج الوفير في كل موسم.

لكن مشكل الطوابير ومدة الانتظار التي تصل في أغلب الأحيان إلى 4 أيام في موسم الجني خلال شهر جويلية دفعة واحدة، يؤدي إلى ضياع الوزن وكميات كبيرة من الطماطم بسبب الحرارة وطول الانتظار، كما أصبحت مصانع التحويل غير قادرة على تحمل ضغط الطوابير، وفي هذا الإطار، أكد رئيس غرفة الصناعة والتجارة «مرمورة» بولاية قالمة،  السيد عبد الحق بزاحي لـ«المساء»، أن هناك مشاريع لإنجاز مصانع من أجل التطوير في عملية تحويل الطماطم الصناعية على مستوى ولاية قالمة، منها توسعة مع إعادة بعث نشاط مصنع «مصبرات الجنوب»،  بعدما كان متوقفا بسبب مشاكل ونزاعات. وإنجاز مصنع ثالث جديد لمجمع «بن عمر» ببلدية عين بن بيضاء، وهذا ما يساعد على تخفيض طوابير الشاحنات والجرارات في انتظار تفريغ المنتوج.

يعتزم عملاق الصناعات الغذائية بقالمة «مجمع بن عمر» إطلاق مشروع استثماري جديد لبناء مركب للطماطم الصناعية بالإقليم الشرقي للولاية، في موقع استراتيجي هام على الحدود مع ولايتي الطارف وعنابة، قد يحول قالمة إلى قطب وطني كبير لإنتاج الغذاء، وتحقيق الاكتفاء الوطني من مصبرات الطماطم وفتح خطوط التصدير إلى الخارج. يتربع مصنع الطماطم على مساحة تقارب 4 هكتارات، حيث حقول الطماطم الواسعة والأسواق الكبرى. وأضاف المتحدث أن السيد سامي بن عمر يعمل ما في وسعه لكي يصبح المركب جاهزا خلال الشهرين المقبلين بهدف استقبال شاحنات وجرارات الطماطم

وإلى غاية افتتاح المصنع الجديد لـ«مجمع بن عمر»، يصبح عدد محولات الطماطم الصناعية بولاية قالمة 4 مصانع، ومع زيادة مساحات غرس الطماطم الصناعية، وفرة اليد العاملة وإيجاد حلول لمشكل السقي، يؤكد المختصون أن بإمكان قالمة أن تصبح قطبا وطنيا كبيرا في إنتاج الطماطم الصناعية لتغطية الطلب الوطني على الطماطم المصبرة، بالتالي بلوغ الاكتفاء الذاتي، ثم التوجه إلى مرحلة التصدير ووضع حد للاستيراد.

بسبب شح مياه السقي...  تراجع مساحة زراعة الطماطم الصناعية بالطارف

 تراجعت مساحة زراعة الطماطم الصناعية هذه السنة بولاية الطارف إلى 2800 هكتار، مقارنة بالسنة الماضية، حيث بلغت المساحة المخصصة لزراعة الطماطم الصناعية 4850 هكتار. وبلغ إنتاج ولاية الطارف من هذه المادة 3 ملايين قنطار، قوبلت بقلة وحدات التحويل مما عرض نصف الإنتاج إلى التلف. وأرجعت مديرية المصالح الفلاحية عجز هذه السنة في تقلص مساحة زراعة الطماطم الصناعية إلى شح تزويد ديوان السقي لسد الشافية للفلاحين بالمياه بسبب انخفاض منسوب مياه السد الذي يمول ولاية عنابة، بالإضافة إلى ولاية الطارف، مما جعل عديد الفلاحين يحجمون عن المغامرة في زراعة الطماطم الصناعية هذه السنة. وكذا عدم حصول عديد منتجي الطماطم للسنة الماضية لمستحقاتهم المالية بسبب عدم حصول بعض المحولين لمستحقاتهم المالية من البنوك، فيما قسمت مساحة 2800 هكتار لزراعة الطماطم الصناعية هذه السنة بولاية الطارف بكل من بلدية البسباس بنسبة 40 بالمائة وبلدية بن مهيدي بنسبة 30 بالمائة وبلدية الذرعان بنسبة 25 بالمائة وبلديتي الطارف وبوثلجة بنسبة 5 بالمائة، على أن تستقبل 4 وحدات تحويل منتوج الفلاحين من مادة الطماطم الصناعية بوحدات ساكا والبستان وكارا والأوراس التي سيتم جنيها بواسطة ماكنات الجني للخواص. فيما توقعت مديرية المصالح الفلاحية لولاية الطارف أن يبلغ منتوج الولاية هذه السنة مليون و500 قنطار في حين تميزت السنة الماضية بالإنتاج الوفير من هذه المادة الذي قابله نقص في وحدات التحويل مما أدى بالفلاحين للتراجع عن مزاولة زراعة الطماطم الصناعية بعدما اضطروا لإتلاف نصف المنتوج مما أدى ببعض المنتجين للاستنجاد بوحدات التحويل بولايتي عنابة وقالمة. اتصلنا ببعض الممولين المختصين في زراعة الطماطم الصناعية ببلدية البسباس، من الذين لم يزاولوا زراعة الطماطم الصناعية هذه السنة، فكانت إجابتهم أن نقص مياه السقي زرع في نفوسهم الخوف من عدم صلاحية المنتوج خاصة في مراحله الثلاث الأولى، مؤكدين أن كل الذين زاولوا نشاطهم الفلاحي في شعبة الطماطم الصناعية تتوفر أراضيهم على الآبار ما سمح لهم بإنقاذ منتوجهم من هذه المادة التي تتطلب مياه كثيرة في المراحل الثلاث الأولى لنمو المنتوج، فهل ستحتفل ولاية الطارف بعيد الطماطم كعادتها من كل سنة في ظل الجفاف التي ضرب المنطقة؟