عبادة .. تضامن وتكافل وسهرات حتى مطلع الفجر

عبادة .. تضامن وتكافل وسهرات حتى مطلع الفجر
  • القراءات: 1713
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

يعد شهر رمضان الكريم من بين أهم شهور السنة التي تحظى بمكانة جد متميزة عند جل الأسر السكيكدية، لخصوصيته الروحانية والإيمانية، ففيه تتجسد كل صور ومظاهر التكافل الاجتماعي العفوي، ومن بينها الصورة التضامنية التي تسبق أول يوم من أيام الصيام، وهي ما يعرف محليا بـ«الوزيعا أو التويزة»، من خلال القيام بعملية توزيع قطع اللحم على أهالي القرية بالتساوي، سواء كانوا فقراء أم أغنياء بعدما يتم النحر في أجواء من التهليل والتكبير، وهي عادة الأجداد التي دأب سكان قرى «تيزغبان» و«لمقاتل» و«لجبل» الواقعة أقصى غرب سكيكدة بالمصيف القلي على إحيائها بمناسبة حلول شهر رمضان، في مشاهد روحانية تضامنية تساهم في توطيد صلة الرحم، خاصة بين المتخاصمين، وتعزز بصدق أسمى معاني الأخوة والمحبة بين كل أهالي القرية.

وإذا كان هذا حال قرى سكيكدة الداخلية التي ما يزال سكانها يتشبثون بكل قيم النبل والكرم، فإن نفس الظاهرة تتكرر كل سنة عند قدوم شهر الصيام في مدن سكيكدة، خاصة عاصمة الولاية، حيث تستعد له الأسر بأيام بداية بأشغال تنظيف البيت واقتناء الأشياء الجديدة، خاصة تلك التي لها علاقة بالمطبخ من أوان وقدور وملاعق وغيرها وتغيير ديكور البيت حسب ذوق كل عائلة، مع شراء بعض المستلزمات الضرورية التي تدخل في إعداد وجبات الإفطار، وهذا ما يفسر الإقبال الكبير الذي تشهده أسواق سكيكدة أسبوعا قبل دخول اليوم الأول من الشهر الكريم، لكن الأهم في كل هذا هو لهفة العائلات لتوفير الفطور للفقراء والمساكين والمعوزين، ويتجلى ذلك من خلال توفيرها لموائد الإفطار، خاصة للاجئين السوريين وكذا الأفارقة، كل بحسب قدرته واستطاعته.

الشوربة زينة المائدة وطاجين لحلو للإفطار

تعمد جل الأسر إلى إعداد الشوربة بالفريك ولحم الخروف، وهو الطبق الذي يظل يزين المائدة طيلة شهر رمضان، يتبعه الطبق التقليدي المتمثل في طاجين الحلو أو كما يعرف عند عوام الناس بطاجين العين المشكل من قطع اللحم، ويستحسن أن يكون لحم الخروف والعنب المجفف والمشمش اليابس والبرقوق المجفف وقطع من التفاح واللوز المقشر والمحمص والقرفة، وهي عادة مرسخة منذ القدم عند كل الأسر العريقة بسكيكدة، التي تفضل استقبال الشهر الكريم بطبق حلو حتى يكون هذا الشهر حلوا على الجميع، كما يقوم السكيكديون بتحضير البيتزا المصنوعة في البيت والكسرة وخبز الدار، وتتزين المائدة ببعض الحلويات التي تقوم النساء بصناعتها كـ«قلب اللوز»، فيما يقوم البعض باقتنائه من المحلات المختصة، إضافة إلى طبق الزلابية، وبعد الإفطار يتفرغ الجميع للعبادة، حيث تعج مساجد الرحمان بقوافل المصلين من الجنسين، بما في ذلك الأطفال لأداء صلاة العشاء والتراويح.

... وسهرات حتى مطلع الفجر

أما السهرات الرمضانية وبخلاف أيام زمان، فلكل أسرة طريقتها في إحيائها، وإن كان القاسم المشترك هو الزيارات العائلية التي تستمر إلى ساعات جد متقدمة من الليل، فيما يفضل البعض الآخر، خاصة النسوة، متابعة أهم ما تبثه القنوات الفضائية من أفلام ومسلسلات والبعض الآخر يفضل إتمام السهرة على شاطئ البحر، حيث يعج كورنيش سطورة وطريق المعز، بالعائلات التي تستمتع بأصوات أمواج البحر وأنغام الموسيقى المنبعثة من المحلات المتخصصة في بيع المرطبات والأكلات الخفيفة، فيما يجد البعض الآخر فرصة للاستجمام على الشاطئ الذي تحتله كل العائلات إلى غاية الفجر.