مع اقتراب امتحانات شهادتي المتوسط والبكالوريا

أولياء وتلاميذ يعيشون على الأعصاب بسعيدة

أولياء وتلاميذ يعيشون على الأعصاب بسعيدة
  • القراءات: 1488
ح.بوبكر ح.بوبكر

يعيش الكثير من التلاميذ والطلبة خلال هذه الأيام التي تفصلنا عن امتحانات شهادة البكالوريا وحتى أصحاب شهادة التعليم المتوسط حالة من الترقب يملؤها القلق، بسبب النفسي الذي يعيشه هؤلاء، وحتى عائلاتهم التي يبقى همها الوحيد؛ نجاح أبنائهم، لذا نجد الكثير من الأولياء الذين يعلنون عن حالة الطوارىء خلال الأسابيع التي تسبقها، وتزداد حلقة الضغط على التلاميذ داخل البيت وفي المؤسسات التربوية، حيث يجد كل واحد منهم نفسه أمام مقولة "عند الامتحان يكرم المرء أو يهان".

كثيرا ما نجد التلاميذ والطلبة قلقين كلما اقتربت مواعيد الاختبارات،  وبدرجة أقل الفروض، وهو الأمر الذي قد يخلق مشاكل كثيرة بالنسبة لهم وللمحيطين بهم، بسبب الانفعالات والاضطرابات التي تصاحبهم وهم بصدد التحضير لها. "المساء" تحدثت إلى بعض تلاميذ ثانوية "بوعمامة" بوسط مدينة سعيدة، والتي سجلت بها نتائج جيدة ومعدلات مميزة خلال امتحانات شهادة البكالوريا للموسم الفارط، حيث أكد لنا مجموعة من التلاميذ الذين خرجوا يومها من حصة استدراكية، أن البرامج جد كثيفة ويصعب هضمها، حيث أشار يوسف ـ طالب ـ إلى أنه اضطر إلى حضور حصص خصوصية في بعض المواد لفهم الدروس، في حين أشار بعض زملائه إلى ثقلها على كاهل أسرهم الضعيفة، كما أشارت إليه سمية التي تتابع دروسا خصوصية في مادة الفلسلفة واللغات الأجنبية، حيث تجد فيها نوعا من الصعوبة على الرغم من أن حلمها هو متابعة دراستها الجامعية في اختصاص الفرنسية. 

ارتياح أكبر لدى تلاميذ المتوسط 

  عبر لنا بعض التلاميذ المقبلين على امتحانات شهادة التعليم المتوسط عن قلقهم، باعتبارهم سيجتازون هذا الامتحان، إلا أنهم كانوا أكثر ارتياحا من تلاميذ الأقسام النهائية، وقد يعود ذلك ـ حسب المختصة النفسانية فتيحة دومي ـ إلى عامل السن، حيث يكون ـ حسبها ـ التلميذ في مرحلة المتوسط أكثر حرصا على الدراسة خوفا من العائلة من جهة، ومتابعة من طرفها من جهة أخرى، وهو الشيء الذي يتحرر منه تلاميذ البكالوريا لأنهم في منعطف هام من الحياة وترتبط قضية الاهتمام بالدراسة لديهم بمفهوم الاختيار وليس الجبر من طرف العائلة أو المجتمع، بالإضافة إلى معدل الانتقال الذي يحتسب في المعدل السنوي، وهو ما يزيد من حظوظ انتقال فئة كبيرة من تلاميذ مرحلة المتوسط، عكس تلاميذ البكالوريا الذين يتأثرون  بعامل النضج النفسي والوعي الاجتماعي، ناهيك عن الضغوطات الخارجية التي تفرضها معاملة بعض العائلات مع أبنائهم. مشيرة إلى أن قلق الامتحان ناتج عن إحساس الفرد بانعدام الراحة النفسية وتوقع حدوث العقاب الذي يصاحبه شعور بفقدان الفائدة ورغبة في الهروب من الموقف الامتحاني، نتيجة لتوقعنا الفشل من أداء اختبار وما يصاحب هذه الحالة من اضطرابات من الناحية العاطفية والمعرفية والفزيولوجية، بالإضافة إلى توقع الفشل في الامتحان أو سوء الأداء فيه أو الخوف من الرسوب ومن ردود فعل الأهل أو ضعف الثقة في النفس، أو ربما للرغبة في التفوق على الآخرين.

للأسرة دور كبير وفعال في عملية التحضير النفسي لتلاميذ الامتحانات

من جهتها، تؤكد الأخصائية النفسانية بمديرية الشباب والرياضة  لولاية سعيدة، السيدة قاضي فوزية، أن للعائلة دور كبير في تهيئة وتحضير التلاميذ المقبلين على الامتحانات، كما أن مساعدة الأسرة تكمن في التعامل مع التلميذ بطريقة عادية مثل باقي أيام الدراسة،  وعدم تحسيسه بأنه أمام منعرج خطير ومصيري إن لم ينجح فيه فستنتهي حياته، وقد يتعرض للإهانة أو تتغير صورته عند عائلته. وللأسف، هي الطريقة التي تتعامل بها أغلب العائلات ربما عن غير قصد، لأنها تعبير عن الاهتمام بمستقبل الأبناء، وهو ما يفسر المكانة المرموقة التي تحتلها البكالوريا لدى العائلات الجزائرية، حيث تشد لها الأنظار في شهر جوان من كل سنة، كما يهتم بها الكبير والصغير وتقام الأفراح للمحظوظين بالنجاح وتصل الهزيمة النفسية إلى الكثير ممن لم يسعفهم الحظ في اجتيازها. 

 سيكولوجية التحضير للامتحانات تساعد على النجاح

يرى أخصائيون في علم التربية أن كثيرا من التلاميذ يجدون مشاكل في التحضير للامتحانات الرسمية، فيقعون ضحية التسرع أو الضغط النفسي اللذان يسببان التوتر والقلق، بالتالي لا يستطيعون تذكر ما راجعوه أثناء الامتحان نفسه، إضافة إلى التشتت الفكري وغياب القدرة على التركيز وزيادة في حدة التوتر النفسي، والسر في ذلك ليس الامتحان نفسه بقدر ما له علاقة بكيفية التحضير والاستعداد والتصورات التي يشكلها التلميذ والطالب داخل فكره حول هذا الامتحان، إضافة إلى الضغوطات التي تمارسها الأسرة على أبنائها في الأيام الأخيرة قبل الامتحانات، خاصة شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا· لذلك يشير المختصون إلى الجدية والانضباط في الدراسة، مع تجنب كل مظاهر التهاون واللامبالاة، إضافة إلى الاعتماد على النفس في المراجعة والمطالعة الدائمة والمستمرة وبالاقتناع التام بأنه لا مستحيل في الحياة بل كل شيء ممكن، إلى جانب الإيمان بأنه لا يوجد فشل بل توجد تجربة وبعد المحاولة يمكن النجاح·

تؤكد عائشة حمادي، أخصائية نفسانية بجمعية رعاية الطفولة، أنه على التلاميذ الابتعاد عن الضغوطات من خلال التفكير المستمر في الامتحانات، خاصة خلال الثلاثة أيام التي تسبق الامتحان، كما تنصح هؤلاء بالاستراحة والاسترخاء بشكل جيد عن طريق النوم المبكر والقيلولة من أجل الراحة النفسية والجسمية والعقلية، بهدف تجديد طاقة التركيز لمواجهة ما يسمى بالامتحانات العادية وليست المصيرية في حياة تلاميذ المتوسط والثانويات.