بداية التنازلي للحملة الانتخابية

أسبوع لاستمالة الناخبين وإقناع المترددين

أسبوع لاستمالة الناخبين وإقناع المترددين
  • القراءات: 1815
محمد. ب محمد. ب

يبدأ اليوم العد التنازلي لما تبقى من عمر الحملة الانتخابية لتشريعيات 4 ماي القادم، ليبقى أمام الأحزاب والمترشحين 7 أيام فقط لإتمام تجمعاتهم ونشاطاتهم الجوارية (رسميا). ومن المنتظر أن يخرج المترشحون كل ما تبقى لهم من أوراق ويكثفون من جهودهم وخطاباتهم وعمليات تحسيسهم لاستقطاب الشارع وامتداداته الجماهيرية والعمل على جلب أكثر ما يمكن من الحضور لتجمعاتهم، على أمل أن تتحول تلك الحشود إلى أصوات في الصناديق يوم 4 ماي المقبل. الأيام الأخيرة من عمر الحملة الانتخابية هي أيضا فرصة للمواطنين للحسم في ترددهم واختيارهم للقوائم المتنافسة.

الحملة الانتخابية التي بدأت «فاترة» نوعا ما، من خلال ما  سجل من قلة اهتمام المواطنين بالملصقات الإشهارية الخاصة بالقوائم، وكذا تلك التجمعات التي لم تستقطب أعدادا كبيرة في البداية، حتى بدت للملاحظين شبيهة بـ«الاجتماعات الحزبية المغلقة»، في بعض الأحيان، ما دفع عديد الأحزاب السياسية والمترشحين إلى ترجيح اعتماد العمل الجواري داخل المقاهي و«المغازات» وفي الساحات العمومية...

لكن مع مرور الوقت وبلوغ الحملة الانتخابية منتصف أسبوعها الثاني، تمكن المتسابقون من إغراء أعداد أكبر من الجماهير، وجلبهم إلى تجمعاتهم، حيث سجلنا قاعات امتلأت عن آخرها في أكثر من تجمع، بينما ينتظر أن يشهد الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية الذي يبدأ اليوم اهتمام جماهير أوسع، تزامنا مع اقتراب الموعد الانتخابي، الذي يشكل محطة وطنية هامة ستتركز عليها أنظار الرأي العام في الداخل وحتى في الخارج.

كما ينتظر أن تلعب الأحزاب السياسية والمترشحون المنشطون لهذا الحدث السياسي، كل أوراقهم الدعائية، مع استخراج ما تبقى لهم من وسائل إقناع واستمالة للناخبين، قبل الدخول في مرحلة الصمت. وانتظار يوم الانتخاب.

بالتسليم بأن الأحزاب السياسية قضت الأسبوعين الأولين من عمر الحملة الانتخابية في مخاطبة مناضليها والمتعاطفين معها بشكل أساسي مع توجيههم إلى الإسهام في التعبئة والتوعية من خلال حث المواطنين عبر الأحياء والمداشر والمدن إلى المشاركة في إنجاح الموعد الانتخابي من خلال التصويت بكثافة، فإن ما يتبقى على منشطي الحملة الانتخابية فعله خلال هذا الأسبوع، هو تركيز عملهم التحسيسي على المواطن أو على ما اصطلح على تسميته في تشريعيات 2012، بـ«أكبر حزب في الجزائر»، وهي الأغلبية الصامتة التي تشكلت من فئتي المقاطعين، والمصوّتين بالورقة البيضاء.

هذه الكتلة الهامة التي تتركز عليها الحملات الدعائية عادة في جميع بلدان العالم وتشكل حقل التنافس الذي تتبارز عليه الأحزاب والمترشحون للانتخابات، تعتبر بمثابة «الثقل» المطلوب الذي يميل كفة أي حزب أو مترشح عن الآخرين، ذلك عمدت الكثير من الأحزاب السياسية في إطار هذه الحملة لتشريعيات ماي 2017، إلى ترجيح العمل الجواري بشكل أكبر من أسلوب التجمعات الشعبية، والتي كثيرا ما ينحصر الحضور فيها على مناضلي الحزب والمحسوبين عليه دون غيرهم. بل أكثر من ذلك لم تتوان بعض قيادات الأحزاب المشاركة في هذا الموعد الانتخابي إلى الإعلان عن استعدادها للتوجه إلى المواطنين في بيوتهم وطرق الأبواب لتحسيسهم بأهمية المشاركة في هذا الموعد الذي يحمل رهانات كبرى بالنسبة للبلاد ولمستقبل الأجيال.

الأحزاب المشاركة لعبت على كل الأوتار وأخرجت كافة الأوراق ذات الصلة بالملفات الكبرى التي يتحدد وفقها مصير البلاد، من الدعوة إلى تحصين الأمن والاستقرار والحفاظ على الوحدة الوطنية وحماية الثوابت الوطنية، إلى تأكيدها على حق الشباب في حمل المشعل وحق المرأة في مشاركة أوسع في مراكز صنع القرار، وصولا إلى عرض برامجها وما تحمله من مقترحات وتصورات في مجال تحسين مستوى معيشة المواطن، وزرع الأمل في النفوس من خلال تقليص الفوارق الاجتماعية ودعم التوازنات التنموية بين الأقاليم. 

التشكيلات السياسية والقوائم المترشحة لتشريعيات ماي القادم، تجد نفسها اليوم في صراع مع ما تبقى لها من زمن الإقناع، لكسر هاجس العزوف وحسم تردد الناخبين في التصويت، واستمالة أكبر عدد من المواطنين من أجل تحقيق نسبة «مقبولة» من المشاركة أولا، وكسب أكبر عدد من الأصوات لصالحها ثانيا.. بقي أن نشير إلى أن الأسبوعين الأوّلين من الحملة يمكن اعتبارهما «هادئين» وسارا في أجواء عادية، لم تعكرهما منغضات الجميع في غنى عنها، وحتى التراشق بين «الغريمين» الأفلان والأرندي، قد لا يخرج عن أجواء «الدرابي»  في تعبير الرياضيين داخل ملاعب كرة القدم ولدى الصحافة الرياضة، كما أن كثيرا من «المظاهر الفلكورية» التي ظلت ترافق الحملات الإنتخابية، سابقا كإقامة «الزرد» والولائم أو حتى تنظيم طوابير وقوافل من السيارات، تراجعت كثيرا ولا نقول اختفت، إذ يبدو أن الأحزاب والمترشحون أدركوا أن مثل تلك المظاهر لم تعد تواكب جيلا تشدّه الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي أكثر.