معرض عزيز عياشين برواق ”عسلة”

وشم من ذاكرة الهوية وطلاسم من وحي الأحاجي

وشم من ذاكرة الهوية وطلاسم من وحي الأحاجي
  • القراءات: 1212
مريم. ن مريم. ن
تتزاحم في أعمال الفنان عزيز الرموز والطلاسم والحروف والأرقام والألوان، لتصل من خلال الإبداع المتقن إلى تثمين التراث وتفعيله فنيا بروائع لا تكف العين عن النظر إليها وتتبع سحرها الذي يخطف البصر ويحمله إلى عوالم الأسرار والأساطير.
اختتمت أمس برواق ”عسلة حسين” بالعاصمة، فعاليات المعرض التشكيلي ”الكنز المكنون” للفنان عزيز عياشين الذي قدم ما يزيد عن 30 لوحة، أغلبها من الحجم الكبير.
يتعامل هذا الفنان مع الألوان الترابية الفاقعة ويعتمد أسلوب التقنية المختلطة التي تسمح له بالتوسع أثناء طرح المواضيع.
يجتهد هذا الفنان في توظيف التراث برؤية فنية معاصرة ذات أبعاد جمالية وفلسفية راقية وبسيطة في نفس الوقت، كما يستغل شتى التقنيات والوسائل، منها أنواع مختلفة من الغراء والرمل والمعجون والطلاء وأنواع من الحبر وألوان الأركيليك وغيرها، وفي أحيان كثيرة يمزج عدة تقنيات وأساليب في لوحة واحدة.
تعكس لوحات الفنان عزيز بيئته ومحيطه الثقافي وأفكاره وفلسفته في التشكيل المليء بالإيحاءات الصوفية والثقافية ذات النكهة التراثية.
يوظف الفنان ألوانه بعيدا عن البهرجة ويسعى من خلال توظيفها إلى خلق الانبهار والدهشة لدى الجمهور، وغالبا ما يكون الأحمر الترابي سيد الألوان في لوحاته.
يحض في لوحات هذا المبدع الكثير من التعبير الخيالي الذي يعطي للمتفرج فسحة من التحليق نحو عوالم مفتوحة، ليستمع لهمسات الزنبق ويكتشف انفجار الألوان، ثم يقف عند بوابات السكون ليصل إلى إشراقه الشمس منبع النور، وهكذا يقف الجمهور في لحظة ما ليتأمل وليتصور ما يشاهد بانطباع مختلف يخزن في مخيلته.
تغزوالحروف العربية بعض لوحات الفنان عزيز، وهو من خلال ذلك يقدم بها قراءة جديدة ويفتح لها عالم الرقمنة لتتحول في منعطف ما إلى شبه أرقام، لكن تبقى محافظة على أصالتها المستمدة من الخط المغربي والكوفي، علما أنه أحيانا تتلاقى هذه الحروف المتناثرة في الفضاء اللامتناهي مع خطوط العمارة التقليدية، ربما لأن منبعهما واحد وهو الحضارة الإسلامية.
يحضر في اللوحات أيضا التراث المعماري الإسلامي الذي كثيرا ما يرتبط في اللوحات المشكلة بالرموز الثقافية المنتشرة عبر الوطن، منها الرموز الإسلامية والرموز الأمازيغية، فنجد مثلا من فوق صومعة جامع نجمة وهلال ونجد على البوابات النقوش ذات الرموز المختلفة وكذلك النخلة التي يتكرر ظهورها الباسق، تماما كما تتكرر السمكة الزرقاء ذات الحراشف المزركشة بإبداع وكأنها لوحة في حد ذاتها، وهنا يتفنن عزيز في التعامل مع اللون الأزرق وشكل السمكة، خاصة في إحدى اللوحات التي تقبع في وسطها كأنها عارضة أزياء  تعرض حسنها الفتان.
لا يخلو المعرض من الحلي التقليدية والأواني النحاسية والقلائد المعدنية ذات الجاذبية والرفاهية وذات الشكل المكبر والظلال الأنيقة المعبأة بالرونق الساحر.
هكذا أبدع الفنان في استحضار البيئة الإسلامية والأمازيغية والصحراوية التي تشبع بها لأنها تمثل الهوية، فمن تغريدة الحروف إلى نبات الصبار، إلى الخامسة، إلى التيفناغ، إلى نقش الزرابي والبوابات، إلى الطلاسم والمنمنمات والزخارف والأوشام ومعاني الأحاجي وغيرها من معالم التراث الأصيل التي تعكس البحث والاستغلال الحسن للتراث الجزائري والمغاربي عموما، الذي لا يزال مادة خاما لم تستغل بما فيه الكفاية ولم تترجم إلى أعمال تشكيلية.
للتذكير، فإن الفنان عزيز عياشين من مواليد مدينة الشلف عام 1979، وهو خريج مدرسة الفنون الجميلة بمستغانم سنة 2004، تخصص رسم زيتي. ويبقى له أن نظم عدة معارض في الجزائر وفرنسا وتونس والمغرب والإمارات العربية.