أول وثائقي لعبد اللطيف عليان

بكاء على أطلال حسين داي

بكاء على أطلال حسين داي
  • القراءات: 2368
دليلة مالك دليلة مالك

يقف الفيلم الوثائقي الأول للمخرج عبد اللطيف عليان على أطلال مدينة حسين داي، يبكي ماضيها الجميل، ويتحسر على واقعها اليوم، حيث أضحى أبناؤها غرباء فيها، ووجهها البديع تغيّر، وأراد المخرج أن يعود إلى هذه المدينة مسقط رأسه، ليعدد لغير العارفين جاذبيتها منذ الفترة الاستعمارية، إلى غاية بداية إنشاء الترامواي الذي شوّه جمال طرقها.

في عرضه الأول، قدّم المخرج عبد اللطيف عليان يوم السبت المنصرم بقاعة السينماتيك، فيلمه الوثائقي "حنين إلى مدينة حسين داي"، الذي سلّط الضوء على الصورة الأولى لهذه المدينة العتيقة؛ من خلال شارع طرابلس الذي يشكل واجهتها. وعبر ثلاث شهادات يرويها أبناء المنطقة عاشوا أهم التغيرات التي حدثت في حسين داي.

يستعين عليان بشخصية رشيد حدرو (75 سنة)، ليكون المحور الأساس في بنائه المتن الدرامي لهذا العمل الوثائقي المفعم بالعاطفة، إلى جانب كل من بن ميرادي بدر الدين، وعلمو عبد الرحمان حتى إن انتقص الفيلم لتقنيات أفضل وصل المخرج إلى فكرته، المتمثلة في مساءلة الذاكرة الجماعية لناس حسين داي، والبحث في التاريخ كذلك؛ من خلال الاعتماد على صور فوتوغرافية لبعض مناطق المدينة. كما تمكن من استعمال أرشيف رشيد حدرو؛ صور فيديو لقدوم الموكب الرئاسي أيام الرئيس هواري بومدين.

يكشف رشيد حدرو أن مدينته كانت معروفة بحيويتها وأجوائها المميزة، لاسيما في نهاية الأسبوع، حيث الحانات مليئة عن آخرها والساحة الكبرى المحاذية لها كانت فسحة للعائلات والأطفال، وأنه في أيام المناسبات الوطنية وزيارات زعماء بعض الدول، يتحول المكان إلى فضاء للاحتفال. وذكرت إحدى الشهادات أن الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة والرئيس الكوبي فيدال كاسترو والزعيم التحرري شي غي فارا كلهم زاروا المكان.

وبدون مقدمات أو تعليق مصاحب للفيلم، يمطر العمل بعدد من المعلومات الجديدة، كالمركز الطبي الموجود بشارع طرابلس، إذ يُعد الأول وطنيا، أنشئ في 1947، وخُصص للطب المدرسي. ومع مرور الوقت أصبح يفتح أبوابه لكل التخصصات، وينتهي الفيلم لما يتحدث حدرو رشيد عن غربته في مدينته بعدما قام مشروع بناء ترامواي الجزائر بالقضاء على الأشجار المتراصة على أرصفة الطريق، وتغير وجه المدينة بالكامل، وهنا يوجه عليان الكاميرا نحو الركام الذي بقي من آثار الزلزال والأطلال التي لم يتم إزاحتها، والتي شوهت المنظر الحقيقي للمدينة. 

تفوّق المخرج الشاب على نفسه، إذ دخل مجال الإبداع في البداية شاعرا، وتمكن من إخراج أول عمل سينمائي له بعد حوالي أكثر من سبع سنوات من العمل، وإذ يرى العديد من السينمائيين أن الفيلم أول من نوعه؛ إذ يروي قصة مدينة، وكان يُفترض بمحمد زينات أن يخرج فيلما وثائقيا عن الجزائر العاصمة، لكن فكرته تحولت إلى عمل روائي، تمثل في رائعة "تحيا يا ديدو".

جدير بالتنبيه أن العمل الأول لعبد اللطيف عليان فيه الكثير من التحكم في بناء القصة، غير أن الجانب التقني مازال يحتاج إلى الكثير من الاحترافية، وهو ليس بصعب عليه؛ ذلك أنه يمتلك لمسة إبداعية قابلة للتطور، والقصد من التقنية الصوت وإطارات التصوير وجودة الصورة.