فاتورة أدوية السرطان ارتفعت بـ800 ٪ بين 2008 و2016

البروفيسور زيتوني ينتقد شهادات الطب ويدعو إلى إصلاح جذري

البروفيسور زيتوني ينتقد شهادات الطب ويدعو إلى إصلاح جذري
  • القراءات: 1470
حنان.ح حنان.ح

أكد الأستاذ مسعود زيتوني عضو مجلس الأمة والمكلف بالمخطط الوطني لمكافحة السرطان أن تطوير النظام الصحي مرهون بإصلاح جذري للدراسات الطبية في الجامعات. وقال إن هناك «تفكير معمّق» يتم حاليا في هذا الاتجاه، وأنه «إذا لم نقم بإصلاح جديد لدراسة الطب ببلادنا خلال الـ10 سنوات المقبلة، فإن النظام الصحي لن يشهد أي تطور».. ولم يتردد في القول أنه نموذج التعليم الطبي الحالي «قديم» و«تجاوزه الزمن».

واعتبر الأستاذ زيتوني لدى تدخله في الملتقى المنظم أمس، من طرف مجلس الأمة، حول موضوع «اقتصاد الصحة واتخاذ القرار السياسي»، أن إصلاح التكوين يوجد في صلب سياسة إصلاح المستشفيات التي يشدد عليها رئيس الجمهورية وهو ما يؤكد توفر الإرادة السياسية في هذا المجال، مشيرا إلى أن التكوين حاليا يعد «غير منتج» للخدمات الصحية الواجب تقديمها للمرضى، مشيرا إلى ضرورة الوصول إلى «تكوين أطباء لديهم القدرة على علاج المرضى وليس مجرد أطباء حاملي شهادات».

وفضلا عن انتقاده لشهادات الطب ببلادنا، فإن الأستاذ زيتوني، تأسف لكون الجزائر تنفق بين 70 و80 % من ميزانية الصحة لاقتناء الأجهزة الطبية المتطورة، في حين لاتخصص سوى نسبة تتراوح ما بين 20 و30 % للتكوين والصيانة والتأهيل والخبرة. 

وشدد المتحدث على أن خفض الانفاق في المجال الصحي إلى حد كبير، لابد أن يمر بإدخال مجموعة من الاصلاحات لاسيما إصلاح المستشفيات وإصلاح نظام التعاقد بصفة تدريجية، دون أن ينسى التركيز على أن الهدف المتوخى هو تحسين الخدمات المقدمة للمرضى.وقدم الدكتور زيتوني بالمناسبة عرضا عن المخطط الوطني لمكافحة مرض السرطان، الذي يشرف عليه، مشيرا إلى أن وضعه دليل على وجود إرادة سياسية على أعلى مستوى، مع العلم أنه خصصت له ميزانية تقدر بـ180 مليار دج على مدى 5 سنوات. وأشار في السياق إلى أن صندوق مكافحة السرطان الذي خصص له مبلغ 23 مليار دج لم يستهلك منه حاليا سوى 16 %. وعبّر عن أمله في ألّا يعرف هذا الصندوق نفس مصير صندوق الاستعجالات الذي لم يتم استهلاك مخصصاته.

وفي الوقت الذي انخفضت فيه ميزانية الصحة في أغلب البلدان بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، فإن الجزائر فضلت الحفاظ على استقرار الميزانية المخصصة لهذا القطاع، وهو ما ذكر به الأستاذ ميلود كدار، الخبير الاقتصادي في مجال الصحة، والذي أشار إلى أن فاتورة الأدوية المضادة للسرطان عرفت قفزة مذهلة بين 2008 و2016 ببلادنا قدرت بـ800 %، كما أن 60 بالمائة من إجمالي مشتريات المستشفى المركزي موجهة لمرضى السرطان وأمراض الدم، قائلا إن ذلك يعد «مؤشرا للالتزام الرسمي بمكافحة هذا المرض وتوفير العلاج للمرضى»، لكنه تساءل بالمقابل «هل يمكن الاستمرار في هذا الاتجاه؟ وهل يعد هذا الاتجاه أحسن اختيار؟»، لاسيما في ظل ارتفاع أسعار الأدوية والذي يعود بصفة خاصة لعامل «الابتكار».

الإنفاق على الصحة ينتقل من 60 دولارا للفرد إلى 360 دولارا

فالانفاق على الصحة بالجزائر عرف «انفجارا» على حد تعبيره، إذ انتقل من 61 دولارا للفرد في سنة 2000 إلى 360 دولارا للفرد في 2012، كما تعد الجزائر أهم سوق في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بـ3.7 مليار دولار من الواردات في 2012. وانتقل تمويل الدولة للصحة من 38 % من إجمالي الانفاق في 2000 إلى 44 % في 2014. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه المصاريف الصحية، فإن الناتج الداخلي الخام عرف انخفاضا، وهو ما يعد إشكالا بالنسبة لبلدنا، خاصة وأن تحديد الأولويات في المجال الصحي يبدو أمرا جد صعب، حسب المتحدث.

في السياق، دعا الأستاذ كدار إلى القيام بتحقيق وطني حول إنفاق العائلات الجزائرية على الصحة وهيكلته، مشيرا إلى أنه من الضروري جدا معرفة تكلفة الصحة على مستوى الأسرة والذي بلغ حسب تقديرات غير دقيقة 25 % من إجمالي الانفاق الوطني على الصحة في 2014.

وأشار إلى أن هذا الانفاق عرف ارتفاعا نسبيا في السنوات الماضية، معتبرا أن ذلك يعد من «السلبيات» المسجلة في القطاع، يضاف إلى «انخفاض ميزانية الصحة - رغم استقرارها - بفعل ارتفاع التضخم والنمو الديمغرافي»، وكذا «انخفاض الاستثمار العمومي في الصحة بفعل الأزمة».

إجراءات جديدة للضمان الاجتماعي

وقدم الدكتور جواد بوركايب المدير العام للضمان الاجتماعي بوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، عرضا عن سياسة الضمان الاجتماعي بالجزائر والنظام المعمول به، والذي سمح برفع نسبة التغطية إلى قرابة 90 %، مما جعل الجزائر تصنف ضمن أحسن خمسين بلدا في هذا المجال عالميا. وتحدث عن إنتاج 12.6 مليون بطاقة شفاء لحد الآن، وتوسيع الضمان الاجتماعي إلى العاملين في القطاع الموازي، رغم أن هذه العملية لم تعرف إقبالا كبيرا لحد الآن، حسب المتحدث.

وطرح الدكتور بوركايب بالمناسبة إشكالية هامة مفادها أن الجزائر لاتملك «آلية لتسيير عجز صندوق الضمان الاجتماعي مثلما هو معمول به في بلدان أخرى»، وذلك لأن الدولة تقوم بالمحافظة على توازنه. وأشار في السياق إلى أن 68 % من مصاريف الصندوق موجهة لتعويض الأدوية وهي نسبة كبيرة. كما كشف عن إجراءات جديدة منها تسقيف حجم ومبالغ التعويض ووضع عقود نجاعة طبية، مؤكدا أن هذه الإجراءات ستتم مباشرتها نهاية السداسي الأول من العام الجاري بعد مشاورات مع المعنيين.