فيما جدد بن صالح دعوة الجزائر إلى الإصلاح الجذري للجامعة

اختتام القمة العربية بـ«أقل الخلافات»

اختتام القمة العربية بـ«أقل الخلافات»
  • القراءات: 1168
 محمد . ب محمد . ب

أقر قادة وزعماء العرب في ختام  إشغال الدورة الـ28 للقمة العربية التي احتضنها الأردن أمس «إعلان عمان» الذي أكد على مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وأكدوا تمسكهم والتزامهم بمبادرة السلام العربية كما طرحت في قمة بيروت عام 2002.

وبخصوص الأزمة في سوريا، شدد البيان على ضرورة حل الأزمة السياسية مع إنهاء وجود جميع المنظمات الإرهابية فيها، مؤكدا أن «لا حل عسكري» للأزمة. 

وأعرب البيان الختامي لقمة عمان، من جهة أخرى، دعمه الكامل للحكومة العراقية في حربها على الإرهاب ودعمه للتحالف العربي في محاولته إعادة الشرعية في اليمن، مؤكدا على الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ورفض التدخل الخارجي ودعم الحوار السياسي بين الأطراف الليبية. 

وتضمن البيان إدانة القادة العرب لجميع  أعمال الإرهاب وممارساته بكافة  أشكالها ومظاهرها، داعيا إلى العمل على مكافحتها، واقتلاع جذورها وتجفيف  منابعه المالية والفكرية، وأنه لا مجال لربط الإرهاب بأي جنسية أو دين. 

وكان رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح قد رافع أمام القمّة العربية من أجل إصلاح الجامعة العربية، مجددا دعم الجزائر للقضية الفلسطينية وموقفها الداعم لحل الأزمات السياسية والصراعات بالسبل السياسية وعن طريق الحوار. كما شدد بالمناسبة على ضرورة تقوية التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، مبرزا أهمية التجربة الجزائرية التي تعتبر مثالا يقتدى به في هذا المجال، وحرصها على تعزيز المسار الديمقراطي وبناء دولة الحق والقانون.

 بن صالح الذي يمثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في أشغال القمة العربية الـ28 أكد على ضرورة عمل الدول العربية لمنح الجامعة العربية هامش الثقة والإمكانيات التي تفسح لها المجال في إحداث التغيير المنشود ومراعاة مبدأ المساواة بين الأعضاء واحترام سيادتها ولمّ شملها، حفاظا على مصداقية العمل العربي المشترك، لافتا بعد استعراضه الظروف العصيبة التي تعيشها المنطقة العربية، إلى أن غياب رؤية عربية موحدة، تستوجب اليوم، وضع مشروع عربي تسخر له كافة الجهود وتستغل لبلوغه كافة الطاقات، بما يمكن من إرساء استراتيجية فعّالة للتكفل بالقضايا السياسية والأمنية المشتركة وتحقيق أهداف التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة تجاوبا مع تطلعات الشعوب العربية للرقي والتقدم. 

إعادة الاعتبار للجامعة يستدعي إصلاحا شاملا

 من هذا المنطلق، اعتبر ممثل رئيس الجمهورية، إصلاح المنظومة العربية إحدى السبل التي من شأنها أن تعيد للجامعة اعتبارها وتأثيرها على مجرى الأمور، مشيرا إلى أن هذا الإصلاح ينبغي أن يشمل إعادة النظر في ميثاق الجامعة ومؤسساتها وفي علاقاتها بمحيطها المباشر وبالواقع السياسي والاجتماعي المعاش، ولا يقتصر ـ حسبه ـ على بعض القضايا الشكلية والجوانب الإجرائية والتسييرية والتنظيمية فقط. 

وذكر في هذا الخصوص ببعض التجارب التي نجحت في مناطق أخرى، حيث تمكنت منظمات إقليمية «تأسست عقود بعد الجامعة العربية» من قطع أشواط معتبرة في طريق الوحدة والاندماج، «الأمر الذي أهلها للدفاع عن مصالحها وعلى حقوق شعوبها لتتبوأ مكانة دولية ارتقت بأعضائها إلى مصاف الأمم الرائدة». 

الجزائر نموذج يقتدى به  في مكافحة الإرهاب 

ولد تطرقه إلى القضايا المتعلقة بمكافحة آفة الإرهاب التي تهز العالم أجمع، أكد رئيس مجلس الأمة أن الجزئر التي ما فتئت منذ عقود، تحذر من مخاطر الإرهاب وانتشار الفكر المتطرف، وتدعو إلى التنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي لمواجهته، ووضع استراتيجية دولية تحت إشراف الأمم المتحدة لدحره وتجفيف جميع منابع تمويله، تعتبر تجربتها في محاربة هذه الظاهرة، نموذجا يقتدى به، مبرزا المحاور الكبرى التي تميز المقاربة التي انتهجتها الجزائر في مكافحة هذه الآفة «والتي تنبني على الحوار والمصالحة الوطنية، وتتجاوز البعد الأمني إلى الأبعاد الفكرية والدينية والثقافية، آخذة في الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وتكريس دولة الحق والقانون». 

وأضاف بن صالح أن التجربة الجزائرية القائمة على الحوار الوطني الشامل من شأنها أن تقدم نموذجا يحتذى به لتحقيق المصالحة الوطنية ولمّ شمل الفرقاء وتسخيرهم خدمة للمصلحة الوطنية، بعيدا عن أي تدخل في الشؤون الداخلية، في سبيل الوصول إلى الحلول السياسية السلمية التوافقية التي تمكّن الشعوب من صياغة مستقبلها وتقرير مصيرها وتحقيق تطلعاتها المشروعة في الحرية والديمقراطية وبما يضمن الحفاظ على سيادة دولها ووحدة أراضيها. 

تعزيز المسار الديمقراطي وضمان نزاهة الانتخابات

كما أبرز رئيس مجلس الأمة، في سياق متصل الجهود التي تبذلها الجزائر من أجل تدعيم المسار الديمقراطي ودولة الحق والقانون، في ظل التعديلات الدستورية الأخيرة، مؤكدا اتخاذها الإجراءات اللازمة لضمان حسن سير الانتخابات التشريعية المقبلة وتأمين نزاهتها. 

واستعرض بن صالح أن التعديلات الدستورية الجوهرية التي أدخلت تغييرات جد مهمة من بينها مراقبة العمل الحكومي من قبل البرلمان، مشيرا إلى أن هذه الجهود تأتي تجسيدا للإصلاحات السياسية التي باشرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، والتي انبثق عنها استحداث الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لضمان حسن سير الاستحقاقات الانتخابية وتأمين حريتها ونزاهتها وشفافيتها. وذكر في هذا الصدد بالدعوة التي تقدمت بها الجزائر لملاحظين دوليين من منظمات دولية وإقليمية لمتابعة هذه العملية، ومن بينهم ملاحظون من جامعة الدول العربية.

دعم ثابت للقضية الفلسطينية وللحل السياسي للنزاعات

خلال استعراضه للأوضاع الراهنة على الساحة الإقليمية والدولية، قال ممثل رئيس الجمهورية إن «الأحداث المتسارعة والتقلبات الخطيرة التي تمر بها المنطقة العربية، لا ينبغي أن تشغلنا عن معاناة ومأساة الشعب الفلسطيني من أجل استرجاع كرامته وحقوقه المشروعة»، مجددا في هذا الصدد «موقف الجزائر الثابت والدائم الداعم للشعب الفلسطيني لاسترجاع حقوقه المشروعة وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف. ولفت إلى أن ذلك «لن يتأتى إلا إذا ارتضى الفرقاء الفلسطينيون رص صفوفهم لتحقيق المصالحة الفلسطينية وحدها الكفيلة باسترجاع الحقوق الوطنية المشروعة». 

كما جدد بن صالح دعم الجزائر للحل السلمي القائم على الحوار بين الفرقاء في ليبيا، مبرزا في هذا الخصوص بأن الجزائر لم تدخر جهدا من أجل الدفع بمسار الحل السياسي وتكريس الحوار الشامل والمصالحة الوطنية بين جميع الأطراف الليبية، «من أجل بناء توافق وطني حقيقي يحافظ على وحدة ليبيا وسيادتها ونسيجها المجتمعي بمنأى عن أي تدخلات أجنبية، في إطار مبادرة الأمم المتحدة، ومسؤوليتها في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2259».  وذكر بالمناسبة باستضافة الجزائر في إطار دعم المسار السياسي لحل الأزمة الليبية للاجتماع الحادي عشر لدول الجوار خلال شهر أفريل المقبل.

أما بالنسبة لسوريا، فأشار رئيس مجلس الأمة، إلى قناعة الجزائر الراسخة بأن السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة، يكمن في احترام إرادة الشعب السوري الشقيق وفتح حوار سوري-سوري للوصول إلى الحل السياسي التوافقي الذي يحفظ وحدة الأراضي السورية وأمنها واستقرارها وسيادتها ويحقن دماء الشعب السوري الشقيق، فيما جدد لدى تطرقه إلى الوضع في اليمن دعوة الجزائر «الفرقاء اليمنيين لطي صفحة الاقتتال والحروب وتبني الحوار والحل السياسي والمصالحة كأساس لإنهاء هذه الأزمة.

وعلى هامش أشغال القمة، أجرى رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، محادثات مع الرئيس الجديد لمفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي محمد، حيث أعرب بن صالح باسم رئيس الجمهورية، عن تهانيه الحارة للسيد موسى فكي الذي تم انتخابه رئيسا لمفوضية الاتحاد الإفريقي خلفا للجنوب إفريقية نكوسازانا دلاميني زوما في القمة الأخيرة للاتحاد الإفريقي التي انعقدت في أديس أبابا. 

وتطرق الطرفان إلى العلاقات العربية-الإفريقية، وسبل تقويتها بما يخدم شعوب القارة السمراء والوطن العربي». كما تناولت المحادثات العديد من الملفات ذات الصلة بالاتحاد الإفريقي ومستقبل العمل الإفريقي في ظل التحديات التي تواجهها القارة، خصوصا ما يتعلق بالتنمية ومحاربة الإرهاب وتسوية النزاعات. 

للإشارة، فقد افتتحت أشغال الدورة الـ28 العادية للجامعة العربية بمركز الملك الحسين للمؤتمرات بالبحر الميت بالأردن، بمشاركة رؤساء دول وحكومات الدول العربية، فضلا عن انطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، وممثلي الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية،  من قبل الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، بصفته رئيس الدورة، قبل أن يسلم رئاسة القمة لملك الأردن عبد الله الثاني الذي أكد في كلمة له، حجم التحديات التي تواجه الأمة العربية، وفي مقدمتها خطر الإرهاب والتطرف «الذي يهدد الأمة العربية ويسعى إلى تشويه الدين الإسلامي الحنيف»، داعيا إلى العمل المشترك على تحصين الشباب العربي دينيا وفكريا. 

  بن صالح وغوتيريس يبحثان الوضع ... في شمال إفريقيا والساحل 

 تحادث رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن  صالح أمس، بالبحر الميت (الأردن) مع الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس. 

وتمحورت المحادثات حول الوضع السياسي والأمني في منطقتي شمال إفريقيا والساحل. 

كما تطرق الطرفان إلى الوضع في الصحراء الغربية المحتلة والانسداد الذي يعرفه مسار تسوية هذا النزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليزاريو. وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بهذه المناسبة بالجهود التي تبذلها الجزائر لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية التي تعود إلى سنة 2011 والتي كانت لها انعساكات سلبية على مجمل منطقة شمال إفريقيا ومنطقة الساحل وحتى أوروبا. 

وبخصوص الوضع في مالي، ثمن السيد غوتيريس نجاح الوساطة الدولية بقيادة الجزائر،  والتي أفضت سنة 2015 إلى ابرام إتفاق السلم والمصالحة في مالي، المنبثق عن مسار الجزائر، مشيدا بدور الجزائر في عملية تنفيذ هذا الاتفاق.