الملتقى الوطني حول القضاء إبان الثورة ببسكرة

ضرب للإدارة الاستعمارية وتحضير لمرحلة الاستقلال

ضرب للإدارة الاستعمارية وتحضير لمرحلة الاستقلال
  • 1414
مريم. ن مريم. ن

تنظّم الأمانة الولائية للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين ببسكرة، بالتنسيق مع مجلس قضاء الولاية في الثامن عشر مارس الجاري، ملتقى وطنيا حول «القضاء إبان الثورة التحريرية 1954 ـ 1962» بقاعة المتحف الجهوي للولاية السادسة التاريخية «العقيد محمد شعباني»، ويتزامن اللقاء مع مناسبة عيد النصر. سيتم تسليط الضوء على دور القضاء وخصائصه ومراجعه وهويته خلال هذه الفترة الحساسة من تاريخ الجزائر.

الملتقى يهدف إلى إبراز خصائص ومميزات القضاء إبان الثورة التحريرية المباركة، وتسليط الضوء على مرجعية القضاء خلال الثورة، مع توثيق وجمع الشهادات الحية المتعلّقة بالقضاء إبان الثورة وربط القضاة والمحامين اليوم بماضي البلاد المشرف.

فيما تتناول إشكالية الملتقى مميزات وخصائص القضاء خلال فترة الثورة التحريرية المباركة، وكذا مراجعه وأصوله المعتمدة، وكيف ساهم في الحفاظ على لحمة ووحدة الشعب الجزائري وتسيير شؤونه بعيدا عن الإدارة الفرنسية، فيما يتضمن برنامج الملتقى عدة محاضرات ومداخلات، منها «القضاء إبان الثورة التحريرية 1954- 1962» و«الجلسات والمحاكمات القضائية الجزائية والمدنية 1954-1962، وكذا «التوثيق والحالة المدنية» و«دراسة ميدانية نماذج وشهادات حية، طرائف القضاء إبان الثورة التحريرية» و«مساهمة القضاء في تحقيق النصر» و«شهادة حية حول المحاكمة وتطبيق الشريعة الإسلامية إبان الثورة التحريرية 1954- 1962».

بالنسبة للمحاور، هناك ثلاثة محاور، والأول منها يتضمّن «التنظيم القضائي وسير الجلسات» و«التنظيم القضائي والقضاة» و«سير جلسات المحاكمة الجزائية والمدنية». المحور الثاني «التوثيق والحالة المدنية إبان الثورة التحريرية» و«التوثيق إبان الثورة التحريرية والأرشيف» و«الحالة المدنية إبان الثورة التحريرية (شؤون الأسرة والميراث)». أما المحور الثالث فسيخصص لـ«دراسة ميدانية نماذج وشهادات حية مع المجاهدين». 

من بين المشاركين في الملتقى، الدكتور السعيد تريعة من جامعة «حسيبة بن بوعلي» بالشلف، والأستاذة المحامية السيدة سارة تريعة من مجلس قضاء الجزائر، سيقدمان مداخلة عن «ظروف وخصوصيات هذا القضاء خاصة في الأوساط الشعبية». ومما جاء فيها أنّ القضاء عرف خلال الثورة التحريرية المسلحة بالتنظيم والجدية والانضباط، والكثير من الذين كتبوا عن القضاء خلال الثورة، استندوا إلى بيان أول نوفمبر وقرارات مؤتمر الصومام وميثاق طرابلس واختصروا أحاديثهم عن نوعين من المحاكم، وهي المحاكم الشعبية والمحاكم العسكرية (الثورية). فالأولى مختصة في الشأن المدني والثانية في الشأن العسكري، وهي تتشكّل من مسؤول الناحية، وهو ممثل النيابة والمساعدين المحلفين، إلى جانب المدافع القضائي.

ورغم جدية القضايا المطروحة أمام القضاء إبان الثورة التحريرية، إلا أن بعضها لم يخل من الطرافة وروح المداعبة التي يتميّز بها الجزائري، حتى في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد في تلك الفترة. وحاول المشاركان خلال هذه المداخلة جمع بعض طرائف القضاء إبان الثورة التحريرية من خلال شهادات مجاهدين عايشوا الأحداث، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.

في هذا السياق، أشارت بعض المصادر والدراسات التاريخية إلى أنّ القضاء في الثورة لم يكن أمرا عارضا ولا جزافيا، إنّما كان نتيجة تفكير وتصور شامل ضمن رؤية لإدارة دواليب الثورة. وقد أقرّ مؤتمر الصومام قضاء الثورة وكان من ضمن القضايا التي وصفت بالركيزة لتأسيس مشروع الدولة المستقلة، حيث أقر مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقنّن للعمل الثوري.

كان جيش التحرير قد اضطلع بدور القضاء من خلال دراسة المشاكل وإيجاد الحلول لها، من ذلك الزواج والطلاق وأمور المال والأرض وغيرها، بغرض إبعاد الشعب عن الإدارة الاستعمارية واللجوء إلى محاكمه، وأيضا كسب ثقة الجماهير من خلال لجان متابعة.

كما وضع جيش التحرير جملة من المصالح الإدارية موازية للإدارة الاستعمارية في مجال القضاء والحالة المدنية، وتسجيل عقود الزواج والطلاق وإحصاء الممتلكات وغيرها. وقد استعانت الجزائر بكل الإحصائيات والسجلات بعد الاستقلال، منها إعادة تسجيل بعض المواليد وعقود الزواج وضبط قائمة المنتخبين أثناء استفتاء 62.

من جهة أخرى، عملت الثورة على تأسيس وتثبيت هذا الجهاز على المستويين العسكري والمدني، فدعمت ووسعت صلاحياته، فتأسس المجلس الشرعي على مستوى كل عرش وكذا العمل بالمبدأ الثوري في الحكم، مع مراعاة المرجع والأصول الإسلامية في ذلك. وقد أثبت قضاة جيش التحرير دورا في التوجيه وفي فصل النزاعات، مع ترسيخ تقاليد الكتابة والإمضاء والبصمة.