ندوة بتيزي وزو تدعو إلى تطويرها بالتدوين

اللغة الأم مصدر ناقل للتراث الثقافي

اللغة الأم مصدر ناقل للتراث الثقافي
  • القراءات: 1247
س. زميحي س. زميحي

دعا الأستاذة الجامعيون المشاركون في إحياء اليوم العالمي للغة الأم الذي احتضنته دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو مؤخرا، الباحثين إلى تطوير وترقية اللغة عبر كتابتها، والانتقال بها من الشفهي إلى المكتوب، مستشهدين بأعمال المشايخ والباحثين التي بقيت وأثرت القاموس بفضل تسجيلها كتابيا.

نظمت مديرة الثقافة نبيلة قومزيان تظاهرة الاحتفال  باليوم العالمي للغة الأم، التي تهدف إلى حماية وتطوير التراث الثقافي المادي وغير المادي؛ ما يسمح ـ حسبها ـ بترقية نشر اللغات الأم وتشجيع التنوع اللغوي، والتعريف أكثر بالعادات اللغوية والثقافية عبر العالم، وبالتالي الوصول إلى عالم متضامن مبني على التفاهم والتسامح والحوار، منوهة بأهمية منح مكانة للغة الأم؛ لكونها ناقلة للهوية الوطنية، معتبرة أن اللغة الأم في الجزائر تحمل تراثا ثقافيا قديما وغنيا ومتنوعا. كما تعمل على نشر قيم اجتماعية موروثة منذ أزل بعيد، لتشكل الشخصية الوطنية الأصيلة.

أشارت المسؤولة عن الثقافة بالولاية إلى أن احتفالات هذه السنة بتيزي وزو خُصصت لتكريم الشاعر سيد محند الحوسين سحنوني، الذي قدّم الكثير في سبيل ترقية اللغة عبر نقلها من الشفهية إلى الكتابة.

وتناول سعيد شماخ أستاذ بجامعة تيزي وزو، تقريرا لغويا قام به مجموعة باحثين، من بينهم «كلود أجاج»، الذي يفيد بأنه في آفاق 2050 ومن أصل 6000 لغة موجودة عبر العالم، ستزول 3000 منها، أغلبها لغات إفريقيا السوداء وبالأمازون والبحر الهندي، وكلها لغات غير مكتوبة، موضحا أن بالنسبة للجزائر وبالنظر إلى التحقيق الذي أجراه كل من «غوتي» و«دوتي» سنة 1913، تبين أن الكثير من اللغات اختفت منها «بطيوة بأرزيو، «اذرار لوارسنيز» وغيرهما؛ ما يتطلب اليوم العمل على الحفاظ عليها عبر التعليم وبعض الوسائط التكنولوجية.

وألح المتدخل على ضرورة حماية اللغة الأم بالكتابة والتدوين، وجمع ما هو مخزون في ذاكرة الشيوخ والسيدات المتقدمات في السن؛ إذ لديهم تراث غني بالقصص وأغنيات النوم للصغار وأشعار الحرب التي لم تدوَّن بعد، مشيرا إلى أنه بمنطقة القبائل مثلا، هناك وعي كبير لحماية اللغة الأم، لكن الحال ليست كذلك بأماكن أخرى؛ إذ إن هناك خطرا بزوال «تمنتيث» بجنوب تيميمون؛ حيث قام مولود معمري سنة 1971 بالتسجيل مع آخر عجوز تتحدث «تزانتين نتمنتيث»، ومنذ ذلك الحين اختفت الأمازيغية عن هذه المنطقة.

 كما دعا حسن حلوان أستاذ بجامعة تيزي وزو، إلى الاهتمام بلغة الأم، التي يمكن أن تصبح مع الوقت لغة العمل. واعتبر أن تعلم لغات أخرى يزيد من تعزيز الرصيد المعرفي، لكن ليس على حساب اللغة الأم، مستعرضا النضال من أجل تطوير وترقية هذه اللغة الذي لم تكن وليدة اليوم، مذكرا بالمناضلين الأوائل في وضع الأسس وإخراج هذه اللغة إلى العلن بفضل جهود رجال أمثال سي محند الحوسين سحنوني، الذي قدم الكثير للغة الأم، ويظهر ذلك في أعماله التي لا تحصى منها 234 شعرا، 44 قصة، 263 مثلا وغيرها من المبادرات التي تمكن من إعدادها بفضل دراسته وقراءته لأعمال كبار الشعراء، أمثال الشيخ محند الحوسين، شيخ سي موح أومحند، موليير وغيرهم من الذين كانوا مصدرا لشق طريقه في إثراء قاموس الكلمة والمعارف والبحوث التي تطرق فيها لـ 15 موضحا، تحدّث فيها عن المرأة، الحرية، الحياة وغيرها.

تطرقت مداخلات أخرى لأن أعمال مولود معمري ستبقى مرجعا كبيرا في هذا الجانب، لأنه وضع الآجرومية الأمازيغية والقواميس وغيرها من الوسائل العلمية، التي أتاحت فيما بعد لتطوير أكثر اللغة، مؤكدين أن الدا المولود جمع أشعار الشيخ محند الحوسين وغيرها التي كتبها باللغة الفرنسية، لكن هذا لم يمنعه من العودة إلى لغة الأم التي تُعتبر الجذور والأساس.

جهود أخرى بُذلت ولا تزال تُبذل من أجل إعطاء لغة الأم مكانتها الحقيقية في المجتمع، مع دعوة الأسرة إلى لعب دورها في هذا الجانب عبر نقل اللغة إلى الأبناء بواسطة القصص والحكايات. كما دُعي الشباب إلى العمل على الحفاظ على لغة الأم التي تُعتبر كنزا كبيرا حفظه اللسان، وينقصه التدوين كي يبقى منهلا للأجيال الصاعدة. 

ثقافيات

سهرة فنية تكريما لروح اعمر الزاهي

تم نهاية الأسبوع الماضي بالجزائر العاصمة، إحياء حفل فني ساهر؛ تكريما لروح أحد أعمدة موسيقى الشعبي أعمر الزاهي، الذي جسّد هذا النوع الغنائي لمدة نصف قرن. وعرف الحفل الذي نظم بمناسبة اليوم الوطني للقصبة المصادف لـ 23 فيفري من كل سنة، حضور مجموعة من الفنانين الشباب من معجبي أعمر الزاهي. كما حضر الحفل الجوق الموسيقي الذي كان يرافق أعمر الزاهي، ليعطي بذلك طابعا خاصا لهذا الحفل المنظم لإحياء ذكرى «شيخ البلاد»، كما كان يلقبه معجبوه. 

وأطرب الفنانون الذين تداولوا على خشبة المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي، الجمهور الحاضر بمجموعة من الأغاني المشهورة من نوع «القصيد» التي كان يؤديها اعمر الزاهي، من بينهم جزيم خالفة ونسيم بور وعبد القادر شرشم وحسين دريس ومصطفى بوزقزي وناصر جابو. 

للإشارة، يعتبر اعمر الزاهي - واسمه الحقيقي اعمر آيت زاي - أحد الوجوه البارزة للموسيقى الجزائرية. وقد غاب بشكل شبه كلي عن الساحة الفنية ابتداء من سنوات 1980، ثم أحيا حفلا غنائيا في الجزائر في سنة 1987، ثم في نهاية سنة 1990 خلال حفل أقيم إحياء لذكرى الحاج امحمد العنقا، ليختفي بعد ذلك نهائيا عن الأنظار. 

ويتضمن سجل اعمر الزاهي الغنائي عشرات الأغاني المسجلة. وتوفي الفقيد في 30 نوفمبر 2016. 

تبادل فني بين  جزائريين وأمريكان

نشطت مجموعة تضم نحو ستين فنانا شابا في نوع الهيب هوب من مختلف المدن الجزائرية مؤطرين من طرف أربع موسيقيين محترفين أمريكيين، نهاية الأسبوع الماضي بقاعة ابن زيدون برياض الفتح، حفلا نظمته سفارة الولايات المتحدة بالجزائر بالتعاون مع وزارة الثقافة وبرنامج «نكست لفل هيب هوب أكاديمي». 

وتلقّى الشباب الذين أشرف على تأطيرهم لمدة أسبوع بالمعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري ببرج الكيفان، فنانون موسيقيون أمريكيون - ديكاب (مصمم موسيقى) ونوترونز (دي جي 81) وأوني بي لو (رابور) وبيغ تارا (راقصة هيب هوب) - تكوينا في الجوانب الأربعة التي تشكل معايير موسيقى الهيب هوب. 

وخلال ساعتين من الزمن قدم الفنانون الشباب من خلال برنامج متنوع وإيقاعي، مجموعة متنوعة من الأغاني، منها التي أداها مطربون في نوع الراب باللهجة الجزائرية، كانت مرفقة بعروض تشكيلية تألق في أدائها الفنانان قتني مليكة وحبيب عيشوش وممثلان شابان بالمسرح والتلفزيون وطالبان بالمعهد. وقدمت سفيرة الولايات المتحدة بالجزائر جوان بولاشيك في ختام العرض شهادات للفنانين الشباب، مبرزة طابع «التبادل بين الثقافات» و«تقاسم التجارب» الذي يكتسيه برنامج «نكست لفل هيب هوب أكاديمي».

❊ق. ث