فادن يتوقع تخفيض أجور النواب ويشرح قانون الانتخابات

7 إجراءات جديدة لضمان تشريعيات 2017

7 إجراءات جديدة لضمان تشريعيات 2017
  • القراءات: 2801
  محمد.ب محمد.ب

عدّد الخبير الدستوري وعضو المجلس الدستوري سابقا، محمد فادن، أمس، 7 نقاط جديدة جاء بها القانون العضوي للانتخابات واعتبرها من الضمانات الحقيقية التي ستضمن نزاهة وشفافية التشريعيات المقررة في 4 ماي القادم، لافتا إلا أن الاختلال الوحيد الذي يبقى من الضروري الحرص عليه في جانب الممارسة، يتعلق بمسؤولية الأحزاب السياسية والمترشحين في مراقبة هذه العملية الهامة والتي يرتكز على أساسها  تطور الممارسة الديمقراطية ودعم الاستقرار الوطني والسّلم الاجتماعي.

فبرأي القانوني فادن، الذي ساهم في بلورة مشروع الدستور وعدد من النصوص القانونية المرتبطة بالإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية في 2011، إن الانتخابات التشريعية القادمة تعقد في ظروف جديدة ترتبط بالدستور وبالقانون المنظم للنظام الانتخابي، حيث أدخل الدستور الجديد ـ على حد قوله ـ 3 مبادئ أساسية في مجال دعم الممارسة الديمقراطية، يرتبط الأول بتكريس التداول الديمقراطي على السلطة عن طريق انتخابات حرّة ونزيهة، «وهو مبدأ تم إدراجه لأول مرة وأصبح إلزاميا على السلطات العمومية وكذا الناخبين والمشرع بضمان كل الخصوصيات ومعاني المصطلحات المتضمنة في هذا المبدأ».

أما المبدأ الثاني فيتعلق بإلزام السلطات المكلفة بتنظيم الانتخابات بالحياد، وإجبارها على وضع القوائم الانتخابية تحت تصرف الأحزاب والمترشحين. وهنا أبرز المتحدث الأهمية القصوى التي تكتسيها القوائم الانتخابية في ضمان نزاهة الانتخابات، قبل إبرازه أهمية المبدأ الثالث المتعلق بإحداث الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات وجعلها هيئة دائمة تشرف على متابعة العملية الانتخابية من انطلاق عملية مراجعة القوائم الانتخابية إلى غاية الإعلان عن نتائج الانتخابات.

وإذ لفت إلى أن الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات تتولى خارج إطار متابعة العملية الانتخابية الخاصة بالتشريعيات ثم بعد المحليات المقررة في الخريف القادم، مهام إعداد التقارير التي ترفع لرئيس الجمهورية، من خلال عقدها لجمعيتين عامتين في السنة وكذا التفرغ لتكوين أعضائها وتكوين الهيئات الأخرى بما فيها الأحزاب السياسية، أوضح الخبير الدستوري بأنه من أصل 410 أعضاء الذين تضمهم الهيئة، 11 عضوا يتقاضون أجرا شهريا وهم الرئيس وأعضاء الأمانة الدائمة للهيئة، فيما يتلقى باقي الأعضاء سواء القضاة أو ممثلي المجتمع المدني خارج الحيز الزمني الذي تجري فيه العملية الانتخابية، منحا وتعويضات عن عملهم مع احتفاظهم بعملهم الأصلي.

السيد فادن، حمل قانون الانتخابات الجديد مقارنة بسابقيه 7 أحكام قانونية جديدة، اعتبر ضمانات قانونية كفيلة بضمان مصداقية ونزاهة الانتخابات. ويتعلق الأول بالمادة 94 التي أثير حولها الجدل السياسي والتي تشترط على الأحزاب السياسية التي تدخل الانتخابات لأول مرة أو التي لم تحصل في الانتخابات السابقة على نسبة 4 بالمائة في جمع 250 توقيعا عن كل مترشح، أو امتلاك 10 منتخبين محليين.. وهنا لفت المحامي إلى أن هذه المادة التي انتقدتها الأحزاب السياسية تصب في مصلحة المترشحين الأحرار المطالبين بجمع 250 توقيعا فقط، فيما كانوا في السابق ملزمين بجمع 400 توقيع.

كما رافقت الحكومة هذا الإجراء ـ حسب فادن ـ بإجراء تسهيلي عندما أجازت للأحزاب إقامة تحالفات انتخابية تمكنها من جمع 10 منتخبين عن الولاية وإعفائها من جمع التوقيعات.

الإجراء الثاني الجديد في قانون الانتخابات يتمثل ـ حسب فادن ـ في توسيع دائرة الأشخاص الممنوعين من الترشح، كالولاة والولاة المنتدبين والمفتشين العامين وكذا كل المسؤولين في الهيئات العليا للولاية، وذلك خلال فترة تمتد إلى سنة بعد مغادرتهم للمنصب، وذلك بهدف تفادي التأثير على السير الحسن للعملية الانتخابية. بينما يتمثل الإجراء الثالث في دعم قرينة البراءة من خلال تمكين المتابعين قضائيا غير المحكوم عليهم نهائيا بالترشح، ويتعلق الإجراء الرابع الذي جاء في المادة 162 من القانون، باستحداث دائرة انتخابية دبلوماسية تتركز لديها النتائج قبل إيصالها إلى اللجنة الانتخابية التي يشرف عليها القضاة.

كما يشمل جديد القانون الانتخابي التنصيص على دور هيئة ضبط السمعي البصري في معاينة تدخل المترشحين في الحصص الإذاعية والتلفزيونية المخصصة لهم، فضلا عن رفع مصاريف الحملة الانتخابية من 100 مليون سنتيم عن كل مترشح للرئاسيات إلى 150 مليون سنتيم، ويرتبط الإجراء السابع والأخير بتشديد العقوبات على المخالفات المرتكبة خلال العميلة الانتخابية مع مضاعفتها في حال ارتكبت المخالفة من قبل المترشح. 

وفي أعقاب عرضه للأحكام الجديدة أشار الأستاذ فادن، إلى أن الثغرات الوحيدة التي يمكن تسجيلها خلال الانتخابات القادمة تتعلق بجانب الممارسة، والسلوكات السلبية لبعض المترشحين، وكذا دور الأحزاب السياسية في المراقبة الصارمة والجادة للعملية الانتخابية.

نحو تخفيض «رواتب» النواب القادمين

في سياق حديثه عن بعض السلوكات السلبية التي صاحبت المواعيد الانتخابية السابقة، ومنها استعمال المال لشراء الذمم والأصوات وتقديم الوعود الكاذبة لاستقطاب الناخبين، وخاصة خلال موعد التشريعيات الذي اعتبره أهم المواعيد الانتخابية بالنسبة للأحزاب، لارتباطه بالتمثيل النيابي الوطني ولما له من مصالح مادية، لم يتوان العضو السابق في المجلس الدستوري، في إشعار المترشحين إلى البرلمان بدافع الكسب المادي، بأن التعويضات الخاصة بالنواب والتي تفوق اليوم 30 مليون سنتيم، سيتم مراجعتها نحو التقليص خلال العهدة البرلمانية القادمة. وأشار في هذا الخصوص إلى أن القانون العضوي الخاص بالتعويضات والذي تم تعطيل تمريره على البرلمان خلال العهدة المنقضية، سيكون محل تصحيح من قبل المجلس الدستوري الذي لن يتوان ـ حسبه ـ في إلغاء الكثير من المنح والعلاوات التي يستفيد منها البرلمانيون حاليا والتي لم يعد لها تبرير على غرار منحة الهندام والإيواء والجرائد والهاتف وغيرها، لاسيما في ظل تكريس سياسة ترشيد النفقات التي تحرص السلطات العليا في البلاد على انتهاجها. وتوقع المتحدث أن يتراجع أجر النائب في حال تم تعديل نظام التعويضات إلى حدود 10 ملايين سنتيم، انطلاقا من كون الأجر القاعدي للنائب لا يتجاوز الـ90 ألف دينار.

في المقابل لم يستبعد الخبير الدستوري احتمال تعديل المادة 94 من قانون الانتخابات التي تشترط الحصول على نسبة 4 بالمائة للمشاركة في الاستحقاقات، بالنظر إلى إلحاح عدة أطراف غير أن ذلك ـ حسبه ـ لن يتم في الظرف الحالي «لأن هذا الإجراء تم اعتماده بالأغلبية في البرلمان، وجاء أصلا لدعم مشاركة الأحزاب السياسية وتعزيز مبدأ العدل في كسبها المقاعد النيابية، بعد تجربة 2012 التي مكّنت حزب جبهة التحرير الوطني من الظفر بنسبة 100 بالمائة من المقاعد في ثلاث ولايات، بفعل اندثار الأصوات الأخرى وتوزعها على العديد من الأحزاب السياسية دون تمكين أي منها من الحصول على 5 بالمائة المؤهلة للظفر بمقعد نيابي.

الأحزاب السياسية ملزمة بالترويج لبرامجها الحزبية لا غير..

من جانب آخر يلزم قانون الانتخابات الجديد الذي يعتبر ثالث تعديل تم إدخاله على قانون الانتخابات لسنة 1997 بعد تعديلي 2001 و2012 ـ حسب الأستاذ فادن ـ الأحزاب السياسية بتقديم برامجها الحزبية خلال الحملة الانتخابية وعدم الخروج عن إطارها، فيما يتعين على المترشح الحر تقديم برنامجه الانتخابي أثناء تقديم ملف ترشحه.

ومن شأن هذا الإجراء برأي الخبير القانوني، الحد من ظاهرة تغنّي الأحزاب السياسية بحملها لبرنامج رئيس الجمهورية، وحملها على تركيز حملتها الانتخابية حول القضايا الجوهرية التي ترتبط بشكل مباشر بطبيعة الانتخابات التشريعية، على غرار عرض مشاريعها في مجال التشريع، وإعداد القوانين وتعديلها لما تراه مناسبا للشعب الجزائري.

في نفس الصدد اعتبر العضو السابق للمجلس الدستوري بأن غالبية الأحزاب الجزائرية لا تملك برامج واضحة وقادرة على تسيير دولة، مثلما هو حاصل في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، «حيث يترتب على وصول حزب أو مترشح إلى سدة الحكم تغيير شبه كامل لكل الإدارة التي تقود الدولة»، معربا في الأخير عن أمله في أن تكون الأحزاب السياسية والمترشحين للانتخابات التشريعية القادمة في المستوى المطلوب، حتى تكسب الجزائر برلمان قويا قادرا على تحقيق رقي البلاد وخدمة الشعب.