انعقاد الدورة الـ12 للجنة الجزائرية ـ/ السعودية المشتركة بالجزائر غدا

«كسر الجليد» من بوابة الاقتصاد

«كسر الجليد» من بوابة الاقتصاد
  • القراءات: 951
 حنان.ح حنان.ح

 تبدأ اليوم أشغال الخبراء، تحسبا لانعقاد الدورة الـ 12 للجنة المختلطة الجزائرية ـ السعودية بالجزائر العاصمة والمقررة بين 14 و16 فبراير الجاري. بالمناسبة، يعقد اليوم الاجتماع العاشر لرجال أعمال البلدين الذي سيدرس فرص الاستثمار الواعدة بين البلدين، لاسيما بعد أن أبدى الطرف السعودي في الدورات السابقة استعداده لاستثمار ملايير الدولارات بالجزائر عبر مشاريع شراكة اقتصادية متعددة. ويؤكد التئام هذه الاجتماعات صلابة العلاقات بين الجزائر والسعودية وحرص قيادة البلدين على دعمها من البوابة الاقتصادية وهو ما كان الوزير الأول قد شدّد عليه خلال زيارته الأخيرة للرياض.

سيرأس وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب ووزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد عبد الله القصبي أشغال اللجنة المشتركة التي ستستعرض فرص التعاون في عدة ميادين اقتصادية وتجارية وعلمية وثقافية، فضلا عن الموارد البشرية في مجالي الاستثمار والشراكة.

وبالمناسبة، سيتم التوقيع في ختام الاجتماع ـ حسب بيان لوزارة الصناعة - على مجموعة من الاتفاقيات.

وعرفت العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة تطورا هاما، كسر كل حديث عن «برودة» في هذه العلاقات على خلفية تفاوت وجهات نظر البلدين حول قضايا جهوية. وصبّت تصريحات المسؤولين في الجزائر والرياض في بوتقة واحدة، مفادها أن العلاقات عكس ما كانت ترجوه بعض الأطراف، تتوجه نحو التعزيز والتدعيم أكثر فأكثر، وذلك تجسيدا لإرادة قيادتي البلدين، ولاسيما رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي شدّد في مناسبات عديدة على أن ما يجمع الجزائر بالمملكة تاريخي وعميق وأخوي وصلب.

زيارة سلال للرياض... «رسائل حسن نية»

ذلك ماعكسه تكليف الرئيس للوزير الأول عبد المالك سلال برئاسة الوفد الجزائري إلى الرياض شهر نوفمبر الماضي والتي حملت معها «رسائل حسن نية»، تؤكد رغبة الجزائر في تدعيم علاقاتها مع السعودية، حيث أكد بالمناسبة أن الجزائر والمملكة العربية السعودية تتطلعان إلى الارتقاء بتعاونهما الثنائي إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، بالنظر لـ«الإمكانيات وفرص التكامل الهائلة المتوفرة في البلدين وقبلها الإرادة السياسية القوية لدى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود».

كما أكد على تطوير وتنويع العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن «مجالات التعاون والشراكة بين البلدين كثيرة، من بينها المحروقات والبيتروكيمياء والفلاحة والصناعة واقتصاد المعرفة والسياحة».

وأوضح الوزير الأول أن كل هذه القطاعات تدعم الحكومة الجزائرية الاستثمار فيها بتسهيلات متعددة، مبرزا أن البلدين يعملان على دراسة سبل رفع حجم المبادلات التجارية وتحقيق التفاعل المباشر بين رجال الأعمال في البلدين عبر آليات دائمة مع التركيز على تطوير التبادل الثقافي وتعزيز التنسيق في ملف العمرة والحج.

دون أن ينسى التذكير بأن العلاقات السياسية بين الدولتين «ممتازة في إطار تشاور وتنسيق مستمر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك في الفضاءات العربية والإسلامية والدولية».

من جانب آخر، قال عبد المالك سلال إن الجزائر تقف إلى جانب السعودية في محاربة الإرهاب، مؤكدا أن الشعب الجزائري سيكون بالمرصاد «لكل من يحاول المساس بالأماكن الإسلامية في البقاع المقدسة»، وذلك بعد الاعتداءات الإرهابية التي مست مناطق في مكة المكرمة.

نفس الإرادة عبّر عنها مسؤولون سعوديون في مناسبات عدة، آخرها كانت خلال استقبال الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، السفير الجزائري أحمد عبد الصدوق منذ أيام.

رسالة الرئيس بوتفليقة  لـ«توضيح مواقف الجزائر»

وكانت زيارة وزير الدولة المستشار الخاص لرئيس الجمهورية الطيب بلعيز  في أفريل 2016 للرياض للقاء خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لافتة للانتباه لأنها جاءت في سياق خاص. وكانت بمثابة زيارة لـ«توضيح مواقف الجزائر» التي كثيرا ما تفهم خطأ. وهو ما أبرزه السيد بلعيز حين صرح بعد الاستقبال أن مواقف الجزائر تجاه بعض القضايا الساخنة التي تشهدها الساحة العربية «نابع من موروثها التاريخي القاضي بعدم التدخل في الشأن الداخلي لغيرها من البلدان، وهذا عكس ما قد يبدو للبعض من أنها تخالف من خلال مواقفها تلك، بعض شركائها العرب».

بلعيز الذي حمل رسالة للعاهل السعودي من طرف الرئيس بوتفليقة، أكد أنها تضمنت «بعض التوضيحات»، قال إنه نقل إلى العاهل السعودي «تحيات رئيس الجمهورية وإشادته بنوعية العلاقة التي تجمع بين البلدين»، و«إرادته وعزمه على الارتقاء بها إلى مستويات أعلى حتى تشمل كافة الميادين»، مؤكدا له بأنه «يسهر شخصيا على أن تظل هذه الروابط محفوظة ومصونة لا تشوبها شائبة»، وذلك «مهما حاول بعض الماكرين».

كما بلّغه بالمناسبة دعوة رئيس الجمهورية لزيارة الجزائر في «أقرب وقت»، وهي الدعوة التي لقيت قبول الملك السعودي. 

«أوبك» تجمع بين الجزائر والسعودية  في موقف مشترك

ولعل الموقف السعودي الهام الذي سبق اجتماع الجزائر لبلدان منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» أواخر سبتمبر الماضي، قد ساهم في التأكيد على «إذابة الجليد» في العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث أكدت المملكة أنها ستدعم أي قرار سيصدر عن الاجتماع التاريخي، وهو ما تم فعلا ومكّن من خروج الاجتماع بنجاح باهر لم ينتظره أحد. وبعدها لم يتردد مجلس الوزراء السعودي بالترحيب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في الجزائر، والذي كان خطوة حاسمة نحو تجسيد اتفاق التخفيض في نوفمبر الماضي في فيينا.

والتزمت السعودية بجدية لافتة بالاتفاق عكس ما كان يعتقده البعض، حيث أكدت أمس وكالات الأنباء أنها وهي أكبر منتج في (أوبك)، خفضت إنتاجها النفطي بشكل كبير في جانفي بمستوى قياسي يزيد عن 90 بالمائة. للتذكير، كان رئيس مجلس الأعمال الجزائري ـ السعودي رائد بن أحمد المزروعي قد كشف أن رجال أعمال سعوديين وقعوا مذكرات تفاهم بشأن أربعة مشاريع استثمارية، تبلغ قيمتها على حد أقصى مليار دولار، في أفق الوصول إلى ما بين 50 و100 مليار دولار، قيمة إجمالية للاستثمارات السعودية بالجزائر في السنوات العشر القادمة، حسب توقعاته.