إدارات سطيف في عطلة إجبارية ومؤسّسات تعليمية مغلقة

طرق مشلولة والجيش ينقذ المنطقة الشمالية

طرق مشلولة والجيش ينقذ المنطقة الشمالية
  • القراءات: 3009
منصور حليتيم/آسيا عوفي منصور حليتيم/آسيا عوفي

قد تكون ولاية سطيف من بين الولايات الأكثر تضررا جراء التقلّبات الجوية التي شهدتها معظم المناطق الشمالية للوطن خلال الأسبوع الماضي، حيث تجاوز سمك الثلوج المتساقطة ببعض مناطق الجهة الشمالية للولاية المترين، مما جعل المسؤولين يعلنون عن أن المنطقة الشمالية منطقة معزولة بسبب انقطاع الطرق  والكهرباء والغاز وحتى بعض المواد الغذائية. وبات الدخول أو الخروج منها أمرا شبه مستحيل، الأمر الذي تطلّب الاستنجاد بوحدات الجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني والشرطة، للتدخّل وفكّ العزلة عن سكان المناطق المتضرّرة.

شلل كلي عرفته معظم المؤسّسات بولاية سطيف خلال الأسبوع المنقضي، بسبب الثلوج التي تسبّبت في شلّ جميع القطاعات باستثناء المؤسّسات الصحية، فيما أُجبرت معظم الإدارات على الدخول في عطلة إجبارية، انعكست سلبا على مصالح المواطنين، شأنها شأن المؤسّسات التعليمية بجميع أطوارها، بما فيها التعليم العالي، حيث أُرغمت على إغلاق أبوابها بسبب ارتفاع سمك الثلوج واستحالة وصول الراجلين إليها.   

منذ تلقّيها النشرية الخاصة بالمنخفض الجوي سارعت السلطات إلى تشكيل خلية أزمة على مستوى الولاية، تضمّ جميع المؤسّسات والمديريات، تمّ خلالها وضع مخطّط عمل يتضمّن كيفية التعامل مع الأزمة، بأخذ التدابير والاحتياطات الضرورية المعمول بها في مثل هذه الحالات.

60 آلية وكاسحات للثلوج

يُعدّ قطاع الأشغال العمومية الحلقة الأساسية في معادلة الأزمات المناخية، لأن الأمر يتعلّق بشبكة الطرق. وفي هذا السياق، دخلت مختلف مصالح المديرية أسبوعا كاملا قبل الموجة في حالة تأهّب؛ استعدادا لمواجهة أيّ إشكال من شأنه الانعكاس سلبا على يوميات المواطنين، لاسيما بمناطق الجهة الشمالية المعروفة بصعوبة تضاريسها، حيث تمّ تسخير جميع الإمكانيات المادية والبشرية، من بينها تجهيز دور الصيانة بالعمل على مدار أربعة وعشرين ساعة، بالإضافة إلى أزيد من 500 عامل مدعّم بجميع عتاد الحظائر التابعة للمديرية، والتي تضمّ أزيد من 60 آلة أشغال عمومية وكاسحات للثلوج، فضلا عن آلات وعتاد تابع للمؤسّسات الخاصة، وما يفوق المائة طن من الملح الاصطناعي المستعمل في الطرق لإذابة الثلوج والجليد.

بلديات الولاية هي الأخرى كانت مع الحدث، حيث قامت بتسخير جميع عمّالها وعتادها، على غرار بلدية عاصمة الولاية التي قامت بتنصيب قاعدة حياة داخل حظيرة البلدية، وتجهيزها بكافة المستلزمات لتوفير ظروف عمل مناسبة لعمالها وأداء مهامهم في أحسن الأحوال، بالإضافة إلى تسخير جميع إمكانياتها المادية والبشرية والتجهيزات الضرورية من أمن ووقاية وإسعافات ومواد مختلفة كالملح الاصطناعي.

تعدى سمك الثلوج المتساقطة فب ولاية سطيف المترين بالمناطق الشمالية، خاصة بمرتفعات طاكوكة وجبال بابور وسرج الغول والعديد من قرى ومداشر دوائر ماوكلان وبني ورثيلان وبوقاعة وحمام قرقور، الأمر الذي انعكس سلبا على سكانها في ظلّ انقطاع الطرق والتيار الكهربائي والغاز الطبيعي، وحال دون وصول المساعدات إليها وتزويدها بالمواد الغذائية الأساسية، كما هي الحال بالنسبة لقرى بلديات بابور وسرج الغول وآيت تيزي التي صُنّفت ضمن المناطق الأكثر تضرّرا، الأمر الذي تطلّب تدخّل عناصر الجيش الوطني الشعبي باستعمال كاسحات الثلوج والشاحنات الضخمة لفك العزلة عنها وتقديم المساعدات لسكانها؛ من قارورات غاز البوتان والأكل، بالإضافة إلى بعض الأفرشة والأغطية.

500 تدخّل للإجلاء والإسعاف

سجّلت مصالح المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بسطيف طيلة هذه الفترة، انقطاعات عبر أغلب طرق الجهتين الشمالية والشمالية الغربية بفعل الثلوج، وتطلّب الأمر ساعات لإعادة فتحها أمام الحركة، فيما لاتزال بعض المسالك الداخلية مغلقة إلى يومنا. ومن بين الطرق التي سجّلت بها انقطاعات في حركة المرور، الطريق الوطني رقم 9 الرابط ولاية سطيف ببجاية في محوره بين بلدية الأوريسيا إلى غاية تيزي نبشار على مسافة تقارب 30 كلم، والطريق الوطني رقم 75 الرابط سطيف بعين عباسة بالمكان المسمى طاكوكة، والطريق الوطني رقم 74 الرابط بين ولاية سطيف ببجاية على مسافة 08 كلم من المكان المسمى الزوغلي إلى غاية لمقام بلدية عين لقراج.

أحصت مصالح المديرية الولائية للحماية المدنية بسطيف طيلة هذه الفترة، أزيد من 500 تدخّل تعلّق بإسعاف وإجلاء المرضى بأكثر من 300 حالة، و47 حالة ولادة وإجلاء 18 حالة كسر لحوادث سقوط و10 حوادث مرور، إلى جانب إنقاذ 5 عائلات مكوّنة من 20 فردا نتيجة استنشاق غازات الاحتراق المنبعثة من أجهزة التدفئة المنزلية بكل من العلمة، عين الكبيرة، عموشة وعين ولمان، و10 عمليات متعلّقة بمساعدة مستعملي الطرق عبر مختلف محاور طرق الولاية. كما تدخّلت العناصر بالتنسيق مع مصالح بلدية العلمة، لإجلاء وإنقاذ أزيد من 100 رعية إفريقية من غابة بن بلة بمدينة العلمة، عُثر عليهم في وضعية صعبة نتيجة انخفاض درجات الحرارة، وتم تحويلهم إلى مركز الهلال الأحمر وسط المدينة.

فيما فعّلت ولاية ميلة خلية الأزمة لمواجهة التقلبات الجوية  ... كل المصالح تجندت لفك العزلة عن المحاصرين بالثلوج

تجندت، على إثر التقلبات الجوية الأخيرة التي عرفتها ولاية ميلة والتي تسببت في إغلاق العديد من الطرق والمسالك جراء تساقط الثلوج على العديد من البلديات، كل المصالح على غرار الدرك والأمن الوطنيين، إلى جانب الحماية المدنية والسلطات المحلية والمديريات التنفيذية.

فمن جهتها، تدخلت الأسلاك الأمنية بالولاية في هذه الأزمة وبكل إمكانياتها من أجل فك العزلة عن القرى والمداشر ببلديات الولاية. وقد أكد رئيس خلية الإعلام والاتصال والعلاقات العامة بأمن ولاية ميلة لجريدة «المساء»، أن أمن الولاية سخّر خلال فترة التقلبات الجوية أزيد من 500 رجل أمن من مختلف الرتب. وأوضح أن مصالح الأمن سجلت 31 تدخلا داخل إقليم اختصاصها، أغلب هذه التدخلات كانت على مستوى الجهة الجنوبية كبلديات تاجنانت وشلغوم العيد وأقصى الجهة الشمالية كبلدية ترعي باينان، حيث قامت المصالح الأمنية بالتنسيق مع البلديات، بفتح الطرق وتقديم المؤونة للمواطنين. كما سجلت مصالح الأمن خلال هذه الفترة، ستة حوادث تسببت في إصابة سبعة أشخاص. وحسب نفس المتحدث، فإن مصالح أمن الولاية تلقت عبر خطها الأخضر 1548، أزيد من  390 اتصالا وأزيد من 30 اتصالا على الخط الأخضر 17، كلها اتصالات للمواطنين من أجل الاستفسار عن أحوال الطرق، بمن فيهم هؤلاء الذين يقطنون بالمداشر والذين اتصلوا من أجل إيصال المعلومة إلى جهات أخرى بأنهم معزولون أو تنقصهم أمور معينة.

أما الدرك الوطني فقد تدخّل هو الآخر بجل أعوانه وإطاراته بالتنسيق مع البلديات والمديريات المعنية؛ من أجل فك العزلة خاصة بالمناطق النائية والمعزولة المحاصرة وكذا الطرق، على غرار تلك المتواجدة ببلديات تسدان حدادة، فرجيوة، حمالة ومينار زارزة، هذه الأخيرة التي يبلغ علوها أزيد من 1200 متر عن سطح البحر، إذ شُلت بها مناحي الحياة، مما تطلّب تدخّل قوات الدرك الوطني من أجل تقديم يد العون وفتح المسالك الوعرة في وجه السكان العالقين. ومن بين الطرق التي قامت مصالح الدرك الوطني بفتحها بالتنسيق مع الجهات المعنية؛ الطريق الوطني رقم «77 أ« الرابط بين ولايتي ميلة وجيجل، وبالتحديد على مستوى بلدية تسدان حدادة على مسافة 18 كلم. نفس الأمر بالنسبة لبعض الطرق الولائية التي أُغلقت بسبب كثافة الثلوج، ويتعلق الأمر بالطريق الولائي رقم 05 مكرر الرابط بين مشتة العياض وبلدية العياضي بارباس على مسافة 03 كلم، والطريق الولائي رقم 01 الرابط بين الطريق الوطني «77 أ« ومينار زارزة على مسافة 05 كلم، بالإضافة إلى الطريق الولائي رقم 07 الرابط بين بوحاتم وبلدية بن يحي عبد الرحمان.

الحماية المدنية تسجل 485 تدخلا و29 حالة اختناق بالغاز

من جهتها مصالح الحماية المدنية، خلال اتصالنا برئيس خلية الإعلام والاتصال النقيب الحاسن خلدون، أكدت لنا أن مصالح الحماية المدنية كانت متواجدة بكل وحداتها ومسخرة كل وسائلها البشرية بكل البلديات لتقديم يد المساعدة. وفي هذا الصدد سُجل خلال التقلبات الجوية الأخيرة 485 تدخلا، من بينها 52 تدخلا في حوادث المرور، وهي الحوادث التي خلّفت مقتل أربعيني وإصابة 24 شخصا تم نقلهم من طرف مصالح الحماية المدنية إلى العيادات والمستشفيات من أجل تلقي العلاج اللازم. وأغلب هذه الحوادث، حسب نفس المتحدث، وقعت على مستوى الطريق الوطني رقم «05 أ«. كما سجلت نفس المصالح 236 عملية نقل للمرضى، من بينها خمس حالات خاصة بالنساء الحوامل في حالة ولادة. بالإضافة إلى هذا تمكنت مصالح الحماية المدنية من إنقاذ 29 شخصا اختنقوا بالغاز. كما أدى هذا الأخير إلى هلاك زوجين بالقرارم قوقة.

السلطات المحلية تسخّر كل إمكانياتها لفك العزلة 

فيما لم تدّخر السلطات المحلية وعلى رأسها والي الولاية السيد محمد جمال خنفار الذي يشرف على خلية الأزمة، أي جهد من أجل فك العزلة عن مواطني ولاية ميلة المتواجدين بالبلديات، بتسخير كل الإمكانيات البشرية والمادية التي تتوفر عليها بلديات الولاية من كاسحات للثلوج وسيارات رباعية الدفع من أجل الوصول إلى آخر نقطة مستها الثلوج، وإيصال المؤونة للسكان، وفتح الطرق في وجههم. كما سخّرت مديرية الأشغال العمومية في ولاية ميلة كل إمكانياتها لمواجهة الأزمة، حيث قامت بوضع عتادها لفك العزلة وفتح الطرق بكل بلديات ولاية ميلة. وحسبما صرح به مدير الأشغال العمومية السيد عبد الله صلاي، فإنه إلى جانب الوسائل البشرية تم تسخير كاسحات الثلوج بكل المناطق التي تهاطلت عليها الثلوج، وساهمت بالتنسيق مع المصالح الأمنية في فك العزلة وفتح الطرق، بالإضافة إلى تخصيص أزيد من 30 طنا من الأملاح الاصطناعية لإذابة هذه الثلوج، خاصة على مستوى الطرق التي تعرف حركة كثيفة، على غرار الطرق الوطنية رقم 05 و«77 أ« والعديد من الطرق الولائية. المستشفيات المتواجدة عبر البلديات المعنية كانت هي الأخرى مستعدة؛ ففي هذا الشأن استقبلت العديد من المستشفيات عبر ولاية ميلة، حالات عديدة تتعلق بأزيد من 50 شخصا في حوادث المرور والعشرات من المصابين بكسور جراء تحول الثلج إلى جليد، أغلب إصابات الكسر كانت على مستوى القدمين. مديرية الطاقة بالولاية منذ حلول الأزمة سارعت إلى توفير قارورة غاز البوتان، إلا أن العديد من المشاتي والقرى بقيت تعاني خاصة تلك المتواجدة ببلديات مينار زارزة وتسدان حدادة. أما من جهتها مصالح «سونلغاز» في الولاية، سارعت إلى حل جل الأعطاب خاصة بعد بقاء العديد من البلديات في ظلام لأزيد من يوم، على غرار عين ملوك، تسدان حدادة وحمالة، في حين تسببت الثلوج في منع عمال «سونلغاز» من إكمال مهمتهم بسبب سمك الثلوج في الطرق؛ مما صعّب من مهمة تنقلاتهم. ومن بين المديريات التي كان نشاطها دؤوبا ولا ينقطع مديرية النشاط الاجتماعي، التي سارعت بالتنسيق مع الهلال الأحمر الجزائري وأغلب الجمعيات الخيرية إلى تقديم المساعدات للمواطنين، سواء الذين هم بدون مأوى أو للأفارقة، حيث تواجدت بالعديد من الأماكن، على غرار محطات نقل المسافرين، الأحياء السكنية ومحطات البنزين من أجل تقديم وجبات ساخنة ونقل العشرات إلى أماكن تأويهم.