قياديوها ينتفضون ضد التسمية:

أحزاب لم تكبر رغم طول التجربة

أحزاب لم تكبر رغم طول التجربة
  • القراءات: 4121
 محمد بوسلان محمد بوسلان

«أحزاب صغيرة»، «أحزاب مجهرية»، «حزيبات» «الأحزاب السنافر»... هي تسميات تطلق على الأحزاب السياسية التي عادة ما تختفي عن الساحة ولا تظهر للمواطن إلا في المناسبات والمواعيد الإنتخابية، قياديوها يرفضون بالإجماع تسميتها بالصغيرة، معللين رفضهم بعدم وجود ميزان موضوعي لتحديد حجمها، مقابل ما تزنه الأحزاب «التقليدية» التي تسيطر على المشهد السياسي في البلاد، سواء بحجم تمثيلها النيابي في المجالس الشعبية، أو من خلال انتشارها في الولايات. انتشار مطعون فيه من قبل العديد من ممثلي الأحزاب «الصغيرة»، بالنظر إلى الشكوك والشبهات المثارة بخصوص المواعيد الإنتخابية السابقة التي عرفتها الجزائر، أو بفعل غياب «الروح الرياضية» في التنافس السياسي والتساهل الذي تستفيد منه الأحزاب التقليدية، حسبهم، في استغلال وسائل الدولة، بل وحتى مؤسساتها الرسمية..

عوامل ساهمت في رأي من جمعنا آراءهم في هذا الملف، في نفور المواطن وعزوفه عن العمل السياسي، وفي تلطيخ العمل الحزبي عامة وتشويهه بفعل ممارسات سلبية، شكلت حلقات أخرى من مسلسل إخفاقات العمل السياسي، الذي بدأ بأخطاء حزبية خطيرة وعثرات، وقعت فيها بعض الأحزاب مع ميلاد التعددية السياسية في الجزائر.

حتى وإن سلمنا بأن الإعلام له القدرة على تضخيم تشكيلات سياسية معينة، مقابل تقزيم أخرى، فإن المؤكد أيضا أن النتائج التي تحصل عليها الأحزاب خلال المواعيد الانتخابية ويتم ترسيمها من قبل هيئات دستورية، وكذا الفارق في أعداد المنخرطين داخل الأحزاب السياسية، لا يمكن الطعن فيها، كونها من المعايير الموضوعية التي تقاس بها أحجام هذه التشكيلات.

بعيدا عن مجال القياسة والحساب التقليدي، يطرح اليوم أمام الأحزاب السياسية في الجزائر تحديا جديدا وحاسما، يجعلها أمام مرحلة مفصلية في تحديد مصيرها ومستقبلها، ويتعلق الأمر بنسبة الـ4 ٪ التي تشترط على الأحزاب السياسية الحصول عليها من أجل الدخول في الانتخابات. هذا الواقع الجديد الذي تباينت مواقف الأحزاب السياسية حوله، بين من يعتبره عائقا إضافيا يخنق العمل السياسي في البلاد، ومن يرى فيه إجراء تنظيميا هاما سيعمل على تشجيع التشكيلات السياسية على النشاط ويحفزها على تكثيف عملها باتجاه المواطن، ودون شك فإن المعيار سيعيد رسم الخارطة السياسية في الجزائر، والتي قد تتوجه نحو بناء التكتلات والأقطاب السياسية، مثلما سبق لـ«المساء» أن أشارت إليه في عدد سابق، هو المشهد الذي فهمت أحزاب التيار الإسلامي حتميته، فكانت السباقة في بناء التحالفات الإسترتيجية وإعلان مشاريع الاندماج، التي يبدو أنها السبيل الوحيد من أجل البقاء في الساحة السياسية.

التحدي سيكون كبيرا أمام الأحزاب السياسية التي تأمل في الاستمرار في النشاط، في ظل المتغيرات والمستجدات التي ستترتب عن نتائج الإنتخابات التشريعية القادمة. هذا الموعد سيكون بمثابة الإمتحان الحقيقي أمام كافة التشكيلات، لكن بدرجة أكبر بالنسبة للأحزاب الصغيرة  التي ستجد نفسها أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما: التكتل أو التبدد والإندثار.

جمال بن عبد السلام رئيس جبهة الجزائر الجديدة:  .... حزبنا يكبر اعتمادا على إمكانياته ومناضليه

يطعن رئيس حزب جبهة الجزائر الجديدة، جمال بن عبد السلام، في التسميات التي تطلق على الأحزاب السياسية ووصفها بالكبيرة أو الصغيرة. مبررا ذلك بعدم وجود أي مقياس يمكن على أساسه وزن هذه التشكيلات، لاسيما في ظل الشبهات المثارة حول نسب التمثيل النيابي لهذه الأحزاب، «وتدخل عامل التزوير»، حسبه، في وضع هذا الترتيب.

يقول بن عبد السلام في هذا الإطار، بأنه لو نتكلم عن حزب كبير أو صغير مقارنة بنسبة التمثيل النيابي، رأينا أن هذا التمثيل جاء نتيجة لمعيار تزوير الإنتخابات ومصادرة الإرادة الشعبية»، مشددا في هذا الشأن على وجوب معاملة الأحزاب السياسية بمبدأ تكافؤ الفرص وترك المنافسة حرة، قبل الحكم على الأحزاب السياسية.

وذكر رئيس جبهة الجزائر الجديدة في سياق متصل بأنه «من الضروري ضمان تغطيات إعلامية عادلة لنشاط الأحزاب السياسية، ثم تنظيم إنتخابات حرة ونزيهة، وعندئذ يمكن أن نقول للفائز بأنه حزب كبير وللخاسر بأنه حزب صغير. أما أن يغلق المجال الإعلامي ويفتح بطريقة انتقائية، ويتم التعامل بمكيالين في الفرص والإمكانيات، فحينها يبقى الحكم ظالما وغير سليم».

بن عبد السلام يعتقد أن هذا الإختلال والاعوجاج في الرؤى وفي التعامل مع الأحزاب السياسية يحتاج إلى نضال مستميت، لتصحيح ما وصفه بـ«الممارسات البدائية واللاسياسية واللاديمقراطية»، واستغرب «كيف يمكن اعتبار حزب سياسي متواجد في الحكم منذ عام 1962 (في إشارة إلى الأفلان)، ثم لا يستطيع التكفل باحتجاجات المواطنين من خلال نوابه، حزبا كبيرا؟! منتقدا في سياق متصل «تواجد مثل هذا الحزب في المجالس وغيابه التام في الممارسة السياسية».

حسب رئيس جبهة الجزائر الجديدة، فإن ما يسري على كل أحزاب الموالاة يسري على التجمع الوطني الديمقراطي، «المحمول والمدعوم منذ عام 1997 من قبل السلطة»، متهما هذا الأخير بالفشل في الظفر بالمقاعد النيابية «لولا اعتماده على مقاعد الأحزاب التي توصف بأنها أحزاب صغيرة في العديد من الولايات».

وردا عن سؤالنا حول التفاوت في مجال التعبئة واعتباره عاملا في قياس حجم الأحزاب السياسية، أكد بن عبد السلام بأن جبهة الجزائر الجديدة تعمل على التعبئة بإمكاناتها المتاحة. ورغم قلة هذه الإمكانيات، يأتي المواطنون والمناضلون إلى تجمعاتنا بقناعاتهم وبمحض إرادتهم وبإمكانياتهم الخاصة. «ولا نخرج العمال من مقرات البلديات لنملأ بهم القاعات..»

بخصوص تأثير عزوف المواطنين عن العمل السياسي، على تطور الأحزاب السياسية في البلاد، أكد بن عبد السلام أن فيما يخص حزبه، «فهو يكبر من يوم لآخر، لأنه ينطلق من موضوع أو هدف إستراتيجي حدده منذ البداية، وانتقل الآن من فكرة هيكلة المكاتب الولائية إلى التواجد في كل بلديات القطر»، مشيرا إلى أن جبهة الجزائر الجديدة اقتربت في بعض الولايات من إتمام تواجدها عبر كافة البلديات، فيما تسجل تواجدها في 20 أو 30 ٪ في بلديات أخرى، وهي تسعى إلى تحقيق هدف الإنتشار الكامل عبر الوطن مع الحرص على ضمان الحضور النوعي في التجمعات والنشاطات التي تنظمها.

خالد بونجمة رئيس الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية:  الإعلام كرس واقعا سياسيا مخالفا للممارسة الديمقراطية 

يرى رئيس الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية خالد بونجمة، أن المشهد السياسي لن يتغير، «في ظل استمرار الممارسات التفضيلية التي تتعامل بها كل من السلطة والإعلام مع الأحزاب السياسية»،  مستنكرا في الوقت نفسه السماح لبعض الأحزاب كالأفلان والأرندي، باستغلال مؤسسات الدولة واسم رئيس الجمهورية في تقديم نفسها للشعب.

بونجمة اعتبر في تصريح لـ«المساء»، أن وسائل الإعلام كرست واقعا لا يساهم في ترقية الديمقراطية من خلال تركيزها على نشاط أحزاب سياسية معينة دون غيرها. مشيرا إلى أن حزبه الذي يملك برنامجا سياسيا «أفضل» من برامج الأحزاب لتي توصف بالكبرى لا يحظي بأي اهتمام من وسائل الإعلام».

ويتحدى بونجمة الأحزاب التي تسمى بالكبيرة على غرار الأفلان،  أن يكون لها برنامج سياسي هادف، مستغربا من تساهل السلطات مع هذه الأحزاب في استغلالها لاسم رئيس الجمهورية ولصوره خلال نشاطاتها.

وذهب محدثنا إلى أبعد من ذلك عندما اعتبر الأفلان «حزبا فاشلا، «بدليل أنه لا يحمل أي برنامج وإنما يتطفل على البرنامج الرئاسي ويقدم نفسه ومرشحيه على أساس أنهم يمثلون الرئيس». مضيفا في نفس الصدد «الرئيس بعيد وبريء منهم ومن تصرفاتهم التي لا تخلو من ممارسات الفساد والرشوة».

وخلص رئيس الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية حول هذه النقطة، إلى أن وصف بعض الأحزاب السياسية على أنها أحزاب صغيرة، هو حكم مسبق من الإعلام الذي لا يكلف نفسه عناء الاطلاع على برامج ونشاطات هذه الأحزاب ويكيل الطبقة السياسية بمكيالين». معتبرا في نفس السياق بأنه «لا يمكن أن نتحدث في الجزائر عن وجود مشهد سياسي، في حين أن الاعتماد الذي منح للأحزاب السياسية في عام 2012، كان بهدف خلط الأوراق».

من جانب آخر، أكد بونجمة بأن حزبه لا يجد أي عائق في الأحكام الجديدة للقانون العضوي المتعلق بالانتخابات، «سواء بالنسبة المشروطة 4 ٪ أو 10 ٪، لا يهمنا الأمر ولا يقلقنا اللجوء إلى جمع التوقيعات. غير أن ما يقلقنا هو تأخر وزير الداخلية عن إصدار النصوص التطبيقية المتعلقة بتنفيذ هذا الإجراء، وغيرها من الإجراءات المتضمنة في قانون الانتخابات..»

وذكر المتحدث في هذا الخصوص، بأن «موعد استدعاء الهيئة الإنتخابية اقترب ونحن لم نطلع بعد على أية وثائق رسمية تبين الأحزاب السياسية المعنية بهذه النسبة الإقصائية، حتى نعرف ما ينبغي أن نقدمه من توجيهات لمناضلينا في الولايات». مضيفا بقوله؛ «نحن ننتظر صدور النصوص التطبيقية وقائمة الأحزاب المعنية بالمشاركة وبعدم المشاركة لنقدم الطعون ونحدد مكانتنا في هذا الموعد السياسي الهام. مضيفا أن هذا التأخر يوحي لنا بأن الأمر متعمد من أجل حملنا إلى عدم المشاركة في هذه الإنتخابات..».

رغم الانتقادات التي وجهها لمختلف الجهات التي يرها تعيق مسار الحياة السياسية للأحزاب، إلا أن بونجمة بدا متفائلا بخصوص مستقبل المشهد السياسي في الجزائر. معتبرا التزامات رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الإنتخابات عبد الوهاب دربال، بسهر الهيئة على صون أصوات الناخبين وضمان مصداقية الاستحقاق القادم، تأكيدا على الإرادة القوية التي عبر عنها رئيس الجمهورية من أجل تنظيم إنتخابات حرة ونزيهة. 

حمانة بوشرمة رئيس حزب الشباب:  الأحزاب «الكبيرة» مستهلكة ونحن البديل بأفكارنا

يرفض رئيس حزب الشباب حمانة بوشرمة إطلاق وصف حزب صغير على تشكيلته السياسية، ويعتبر أن المشهد السياسي في الجزائر مشكل من أحزاب كلاسيكية مستهلكة بأفكارها وببرامجها وأحزاب جديدة، من بينها حزب الشباب الذي يعتبر نفسه إحدى البدائل الجادة المطروحة على الشعب الجزائري، مؤكدا بأن حزبه الذي يعتبر «كبيرا بأفكاره القوية سيفوز في الإنتخابات القادمة في حال كانت نزيهة وسيحدث طفرة في كل ربوع الوطن..».

قال بوشرمة في تصريح لـ«المساء»، بأن «الساحة السياسية لا يوجد فيها أحزاب صغيرة، بل هناك أحزاب كلاسيكية مستهلكة بأفكارها وبرامجها وأحزاب جديدة،  من بينها حزب الشباب الذي يعتبر نفسه أحد البدائل الجادة المطروحة على الشعب الجزائري». مضيفا أن حزبه «حزب كبير بأفكاره القوية التي يقدمها للشعب، وفي حال كانت الإنتخابات نزيهة سيحدث طفرة في كل ربوع الوطن..».

وأشار محدثنا إلى أن الإنشغال الوحيد المطروح أمام تشكيلته السياسية اليوم، يرتبط «بضرورة أن تكون هناك إرادة سياسية لضمان نزاهة الإنتخابات، وقال في هذا الصدد؛ «إذا توفرت هذه الإرادة، حين ذاك يظهر من هو الحزب الكبير بأفكاره وشعبيته ومن هو الحزب الصغير». داعيا إلى تمكين الشعب الجزائري من «الحكم والفصل بكل حرية في هذا الأمر».

وإذ شدد على أنه لا يعتبر نفسه معنيا بوصف «الأحزاب الصغيرة»، أرجع رئيس حزب الشباب سبب عدم قدرة الأحزاب الصغيرة من حيث التمثيل، إلى «تصرف بعض الأحزاب بعد انفتاح 1989 بحماقة غامرت من خلالها باستقرار الجزائر وبأمن الجزائريين وأغرقت البلاد في مأساة وطنية»، في إشارة منه إلى الحزب المحل. مضيفا  بأنه «في المقابل هناك أحزاب أخرى لم تختلف في تصرفاتها عن تصرفات جهاز الحزب الواحد، من حيث أنها تعتمد على «الشكارة» وتتاجر بذمم الشعب».

من هذا المنطلق، يعتقد المتحدث بأن الشعب الجزائري لم يجد في هذه الأحزاب التقليدية البديل، لذلك جاءت الأحزاب الجديدة، على غرار حزب الشباب ـ حسبه ـ لتطرح هذا البديل. وأكد أن حزبه يعتمد في عمله السياسي على الكفاءة والنزاهة «ولا يوجد لدينا الشكارة»، كاشفا بأن «هناك ولايات احتضن فيها الشعب حزب الشباب، حيث تبرع المواطنون له بأربع مقرات في ولاية البليدة، ومقرين بالمدية».

في سياق متصل، تساءل محدثنا كيف لحزبه «الممثل في البرلمان بمقعدين ولدينا 10 رؤساء بلديات وأكثر من 230 منتخبا، لا نحوز على مقر وطني ونضطر إلى الالتقاء في المقاهي..»، معتبرا هذا الفارق في الإمكانيات المتاحة من المفارقات التي تعترض تطور بعض الأحزاب السياسية، قبل أن يؤكد بأنه «رغم كل هذه المفارقة، فقد تحدينا هذا «الفقر» لأننا نؤمن بأن الغنى هو غنى الأفكار والمبادئ وثقة المواطنين، وأنه في الأخير «ما يبقى في الوادي غير حجارو».

وجدد بوشرمة بالمناسبة، التأكيد على ضرورة توفر إرادة سياسية حقيقية من أجل ضمان نزاهة الإنتخابات المقبلة، مبرزا في هذا الصدد بأن «الإنتخابات النزيهة هي وحدها التي تضفي الشرعية على السلطة، لاسيما أن هذه  الإنتخابات سينبثق عنها برلمان تخرج على أساس تركيبته الحكومة القادمة».

كما يؤكد المتحدث بأن الإنتخابات النزيهة هي الضمان الوحيد للاستقرار والتغيير السلمي والتنمية الحقيقية المنشودة، معربا عن استعداد حزبه للإسهام في تحقيق هذه الغايات السامية، مهما كانت الوسائل المطلوبة، بما فيها جمع أضعاف الأعداد المطلوبة من التوقيعات عبر الولايات.

علي بوخزنة رئيس حركة الوفاق الوطني: 4 ٪ ليست عائقا وقوة الأحزاب تقاس ببرامجها

يعتبر رئيس حركة الوفاق الوطني علي بوخزنة،  أن المقياس المعتمد في تناول المشهد السياسي حاليا يرتكز بشكل كبير على التضخيم الإعلامي لبعض الأحزاب، مشيرا إلى أن ذلك «خطأ لأنه يصنف الأحزاب ظلما، بين أحزاب كبيرة وأخرى صغيرة، في حين يفترض أن قياس الأحزاب يتم على أساس قوة البرامج وليس الولاء التاريخي»، في إشارة منه إلى حزب جبهة التحرير الوطني الذي يعتبر حزب الأغلبية..

قال بوخزنة في تصريح لـ«المساء»، بأن تسمية الأحزاب الصغيرة ما هي إلا كلام جرائد، لأن قوة الأحزاب ـ حسبه ـ تستمد من قوة برامجها وليس من كلام الإعلام. مذكرا بالمناسبة بأن حركة الوفاق الوطني تأسست على برنامج سياسي هادف، تم تنفيذ غالبية محاوره عبر مختلف المراحل التي مرت بها الدولة، بداية من المصالحة الوطنية الذي شكل عنوانا رئيسيا لبرنامج الحركة، على حد تعبيره.

وتابع بوخزنة يقول في نفس السياق، بأن حزبه أدرج في برنامجه الإنتخابي لسنة 2012، مشروع البلدية الإلكترونية «الذي يجري تجسيده الآن، فضلا عن مشاريع ترتبط، مثلا، بالعفو الضريبي وترقية حقوق سائقي الأجرة ودعم تشغيل الشباب».

بخصوص سؤالنا حول التمثيل النيابي للأحزاب السياسية واعتباره مقياسا لحجم الأحزاب، أشار رئيس حركة الوفاق الوطني إلى أن بعض الأحزاب وجدت لنفسها ولاء تاريخيا، خاصا بالذكر في هذا الصدد حزب جبهة التحرير الوطني الذي يستفيد برأيه من الولاء التقليدي للمجاهدين وأبناء الشهداء وبعض الفئات التي تعتبر نفسها منتمية إلى هذا الحزب «بالفطرة». وأشار في نفس السياق إلى استفادة الأحزاب الممثلة بنسبة كبيرة في المجالس الشعبية من تواجدها في المؤسسات والإدارة، حيث أوضح في هذا الشأن «لا أقول بأن هناك تزوير، لكن أقول إن هناك تباين في الإمكانيات والفرص المتاحة بين الأحزاب. فلو كنت مثل الآفلان ـ مثلا ـ لن أجد أي عائق أمامي».

وطرح بوخزنة مشكل الفارق في الإمكانيات والوسائل المادية بين الأحزاب السياسية، قائلا «هم يملكون المقرات والإمكانيات المادية أما نحن فنناضل بإمكانياتنا البسيطة ونحن بخطنا»، قبل أن يتابع «أنا فخور بتواجدي في الساحة السياسية وبعلاقاتي مع الأحزاب الأخرى، وأنا أناضل بحجمي وألوم المترشحين في قوائمي قبل أن ألوم غيري».

هنا أثار رئيس حركة الوفاق الوطني، مسألة العلاقة بين الحزب والأشخاص الذين يرشحهم في قوائمه، دون معرفة مدى شعبيته في الدائرة الإنتخابية التي ترشح فيها، حيث قال: «البعض يطلب مني أن أرشحه ويقول بأن له قاعدة، لكن بعدها اكتشف أنه لا يملك الوعاء والأنصار بشكل كاف، وهو ما يؤدي بنا إلى تضييع الفرص، وهذا تقصير منهم وليس مني لأنني وضعت ثقتي كاملة فيهم».

السيد علي بوخزنة لا يعتبر النسبة الدنيا المحددة بـ4 ٪ المشروطة على الأحزاب السياسية للدخول في الإنتخابات عائقا، بل يعتبرها ـ عكس ذلك ـ عملا محفزا يدفع المترشحين في القوائم الحزبية إلى العمل على معرفة حجم وعائهم الإنتخابي. وقال في هذا الصدد: «ينبغي على المترشح أن يعي وعاءه الإنتخابي مسبقا أو يجمع التوقيعات، وإذا حقق التوقيعات فقد حقق نجاحا مسبقا،  أما من لا يملك قاعدة نضالية فلا داعي لمشاركته في الانتخابات».

بالمناسبة، أكد بوخزنة بأن حركة الوفاق الوطني ستشارك في الانتخابات التشريعية القادمة، حيث لن تجمع التوقيعات في عدد من الولايات التي تملك نسبة 4 ٪ في الانتخابات الأخيرة، أما بالنسبة للولايات، حيث لا تتوفر على هذه النسبة، ستلجأ إلى جمع التوقيعات، مؤكدا في هذا الصدد بقوله؛ «مستعدون لجمع التوقيعات وليس لدينا أي مشكل حول هذه النقطة القانونية». 

بالنسبة لقراءته للمستقبل السياسي في ظل الدستور الجديد وتنصيب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الإنتخابات، ثمن بوخزنة إنشاء هذه الهيئة التي جاءت بعد مشاورات واسعة مع الأحزاب السياسية، مشيدا بوجود السيد عبد الوهاب دربال على رأسها، والذي اعتبره «بصمة من بصمات الحقيقة والمصداقية».

كما أكد بوخزنة في الأخير على وجود رؤية سليمة نحو ضمان جو إنتخابي أكثر نزاهة، مقدرا بأن «السلطة والهيئات المعنية تداركت الأخطاء التي ارتكبها أشخاص ينتسبون للدولة في السابق، وتسببوا في فقدان ثقة الشعب في الدولة». 

نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان:  العزوف الشعبي ونقص الإمكانيات  لا يشجعان على تطور العمل الحزبي

ترجع رئيسة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي، أسباب بقاء الأحزاب الصغيرة في الجزائر في حجمها، وفشلها في التطور والتوسع، إلى عدة عراقيل موضوعية تعترض العمل السياسي لهذه الأحزاب، وأشارت في تصريح لـ«المساء» حول هذه المسألة، إلى أنه     من الصعوبات المطروحة في وجه العمل السياسي؛ أولا «العزوف الشعبي» الذي تسببت فيه إخفاقات التجارب السابقة، سواء بالنسبة للسلطة في مرحلة ما، أو بالنسبة للتشكيلات المحسوبة على المعارضة أو على الموالاة، بفعل ما يحدث في هذه الأحزاب من انشقاقات ومشاكل».

كما تطرح المتحدثة في نفس الإطار مشكل الفارق في الإمكانيات المتاحة أمام الأحزاب السياسية، والذي يساهم ـ حسبها ـ في التأثير على تطور العمل الحزبي، ويعيق انتشارها.

السيدة صالحي أشارت في هذا الصدد إلى أن حزب العدل والبيان يعاني من أزمة إمكانيات ومقرات، مما يدفعه إلى تأجيرها بأموال المناضلين، كما يلجأ أيضا إلى أمواله الخاصة لاقتناء وسائل العمل، وتنظيم نشاطاته السياسية بإمكانياته المحدودة.

عبد الرحمان عكيف رئيس حزب الطبيعة والنمو: اللاعدل في التعامل مع الأحزاب صنع الفارق بينها

يستغرب عبد الرحمان عكيف رئيس حزب الطبيعة والنمو، من إطلاق تسميات تحدد حجم الأحزاب في الساحة السياسية، في حين أن هذه الأحزاب لا يكتب لها صغيرة أو كبيرة عند حصولها على الاعتماد». مقدرا في نفس السياق بأن اللاعدل واللامساواة في التعامل مع التشكيلات السياسية هو الذي صنع هذا الفارق بينها، وأوجد أحزابا توصف بالكبيرة وأخرى لا يولى لها أي اهتمام..

السيد عكيف اعتبر في تصريحه لـ«المساء»، أن تشكيلته السياسية التي تم اعتمادها بعد صدور دستور 1989 الذي أقر التعددية الحزبية، حزبا عاديا، ولا يمكن اعتباره حزبا صغيرا. مشيرا إلى أن حزبه يضم من الكفاءات ما يجعله حزبا رائدا بأفكاره وبرامجه التي يساهم فيها في البرامج الوطنية، لاسيما التي تعنى بمجال الحفاظ على البيئة.

وأشار في نفس الصدد إلى أن الأحزاب السياسية تعرف ببرامجها السياسية التي يقيمها المواطنون وحدهم، ويختار الأنسب منها، «لكن للأسف الإدارة تضع عدة عراقيل أمام الأحزاب، وتتعامل بالمنطق التفاضلي بينها»، مذكرا في هذا الخصوص بوجود أحزاب ولدت كبيرة رغم حداثة تجربتها في العمل السياسي (في إشارة إلى التجمع الوطني الديمقراطي) الذي قال بأن الأحزاب التي كانت موجودة قبل عام 1997 كانت ضد استحداث هذا الحزب، «بالنظر إلى أن تلك المرحلة كانت تشكل مرحلة انتقالية، الأولوية فيها لتحقيق الإستقرار الأمني والإستقرار السياسي».

وفي رأي محدثنا، فإن «إنشاء التجمع الوطني الديمقراطي ساهم بشكل كبير في تكسير الأحزاب التي يسمونها اليوم بالأحزاب الصغيرة»، والتي كانت تملك ـ حسبه ـ شعبية كبيرة، «ومنها من شارك في الإنتخابات ونجح مثل حزب الطبيعة والنمو الذي حصل على 10 مقاعد في المجلس الشعبي الوطني في عام 1997، وحصلنا أيضا على 10 مقاعد في عام 2012، لكنهم حرمونا من حقنا..».

وانتقد رئيس حزب الطبيعة والنمو طريقة التعامل مع الأحزاب التي كانت موجودة قبل عام 2012، والتي ضحت ـ حسبه ـ من أجل استقرار الوطن، ملمحا في كلامه إلى إصدار قانون الانتخابات الجديد الذي يضع نسبة إقصائية أمام مشاركة الأحزاب في الانتخابات، معتبرا هذا الإجراء الذي يعد عاملا إضافيا في إضعاف العمل السياسي، نتاج تحالف حزبي الأفلان والأرندي اللذان يريدان خنق الأحزاب السياسية التي تعارض أفكارهما والتمكن من احتكار العمل السياسي في الجزائر».

السيد عكيف نفى أن تكون الأحزاب المسماة بالصغيرة أحزابا مناسباتية لا تظهر إلا خلال المواعيد الإنتخابية، حيث أكد بأن حزبه الذي يضم في تشكيلته دكاترة ومهندسين، ويتوفر على فروع تنشط في مجال ترقية البيئة، دائم النشاط في إطار المواضيع التي تعنيه، وأشار في نفس السياق إلى أن عدم تمكين الأحزاب السياسية من فرص المشاركة في إعداد السياسات الوطنية ورفض مرافقتها بالإمكانيات المادية بشكل متساو، يعرقل نشاطها بشكل منتظم، ومن غير المعقول أن يتم حرمان الأحزاب السياسية من مقرات، في الوقت الذي تمنح هذه المقرات لبعض الجمعيات التي لا نشاط لها ولا حضور لها إلا بالاسم، كما قال.

رئيس حزب الطبيعة والنمو أبدى تفاؤله بخصوص مستقبل حزبه والأحزاب السياسية عامة في البلاد، في ظل الإصلاحات السياسية «التي يرتقب الجميع أن تنبثق عنها إنتخابات حرة ونزيهة»، وعبر عن أمله في أن يتم التراجع عن أحكام قانون الإنتخابات وسحب النسبة المشروطة للمشاركة في الاستحقاقات، «وترك قرار الفصل بيد الشعب وحده».

أيمن حركاتي الأمين العام لحزب الوعد: سلوكات وسقطات بعض الأحزاب في المحظور سبب العزوف

يرى رئيس حزب الوعد أيمن حركاتي، أن المنظومة القانونية التي تظبط عمل الأحزاب السياسية في الجزائر، وكذا تعامل الإعلام الوطني مع الطبقة السياسية، من العوامل الأساسية التي ساهمت في تصنيف الطبقة السياسية بين أحزاب كبيرة وأخرى صغيرة، لكنه لم ينف في الوقت ذاته بأن بعض الممارسات الحزبية السلبية عملت أيضا على بقاء الأحزاب في حجمها الصغير، وكرست عدم قدرتها على التطور والانتشار، لاسيما في ظل عزوف المواطن الجزائري على العمل السياسي والذي تسببت فيه ـ حسبه ـ بقسط وفير، الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها بعض الأحزاب السياسية التي ظهرت فور انطلاق التجربة التعددية في البلاد. 

يعتبر حركاتي في تصريح لـ«المساء»، أن عدم قدرة الأحزاب الصغيرة التي يفضل تسميتها بـ«الجديدة» على فرض وجودها على أرض الواقع واستقطاب المواطنين، يعود إلى جملة من الأسباب يرتبط بعضها بالنظم والقوانين التي تحكم عملها، فيما يتصل البعض الآخر بممارسات هذه الأحزاب ذاتها.

من هذا المنطلق، يرى المتحدث أن التعددية الحزبية التي تعيش الجزائر تجربتها منذ أكثر من ربع قرن بعد إقرار دستور 1989، عرفت انطلاقة مشوهة أثرت على الذاكرة الجماعية للمجتمع الجزائري، بسبب تحول الرغبة في التغيير إلى موجة إرهاب عصفت بكل شيء وهددت استقرار الوطن والمواطن طوال عشرية كاملة. مشيرا إلى أن هذا الوضع جعل المواطنين في عمومهم لا يرون في الأحزاب السياسية وسيلة يمكن الوثوق فيها لحل مشاكلهم، «وهو ما جعل المواطن يعزف عن الممارسة السياسية ويتنازل حتى عن حقه الإنتخابي».

السبب الثاني لعدم قدرة الأحزاب الصغيرة على التطور، يعود ـ حسب رئيس حزب الوعد ـ إلى طبيعة هذه الأحزاب في حد ذاتها.  «أغلبها جاءت رغبة في الاستفادة المادية من العمل السياسي وليس لتقديم حلول وبرامج ومقترحات، لهذا أصبحنا نرى بوضوح ضعف البديل السياسي حتى لا نقول انعدامه»، وهو ما كوّن ـ في رأي محدثنا ـ حالة من عدم الثقة لدى المواطنين اتجاه الأحزاب السياسية.

السبب الثالث الذي أعاق نمو الأحزاب الصغيرة له طابع قانوني ـ كما أضاف ـ ويعتبر في هذا الخصوص بأن القوانين المنظمة للعملية الديمقراطية في الجزائر وفي مقدمتها قانوني الأحزاب والإنتخابات، لا تساعد على بروز بدائل سياسية جديدة، «بل تسير واقع الأمر وتشجع على بقائه، لأن الأحزاب التي تسمي نفسها الكبيرة ـ والتي أسميها شخصيا القديمة - تعمل على هذا التوجه من خلال وجودها في مؤسسات الدولة والمجالس المنتخبة، بهدف استحواذها على الساحة السياسية.

الأمر الرابع والأخير لبقاء الأحزاب الصغيرة في حجمها الصغير، حسب حركاتي، يعود إلى وسائل الإعلام التي وقعت أغلبها ـ في رأيه ـ في هذا الفخ، «وأصبحت تروج للوجوه السياسية الموجودة على الساحة منذ عشرات السنين، ولا تكلف نفسها عناء البحث داخل الطبقة السياسية عن بدائل تعاني التهميش وعدم البروز».