عُرضت على ركح «علولة»

«الخريف» لحظة بكاء على الذات

«الخريف» لحظة بكاء على الذات
  • القراءات: 918
خ. نافع خ. نافع

قُدّم العرض المسرحي المغربي «الخريف» للمخرجة أسماء هوري، أوّل أمس على ركح «عبد القادر علولة» بوهران، ضمن العروض المتسابقة لنيل جائزة مهرجان المسرح العربي، الذي تحتضن مدينتا وهران ومستغانم هذه الأيام فعالياته. ونقلت المسرحية المعاناة الصحية والمعنوية لسيدة كادحة أصيبت بالسرطان، فأخذ من جسدها ملامح الجمال والأنوثة، وحوّل يومياتها إلى لقمة صائغة لعذاب المرض من جهة، والإحساس بالوحدة بسبب افتقادها السند المعنوي والمادي من جهة أخرى.

العرض المسرحي الذي استوحته الكاتبة عن قصة واقعية لسيدة أصيبت بهذا المرض الخبيث تدعى «فاطمة»، وهي عيّنة من عشرات العربيات اللواتي عايشن هذا الغبن والألم وتناولته السينما والمسرح وكذا التلفزيون خلال السنوات الأخيرة، واعتُبرت من بين هموم المرأة العربية الراهنة.   

العرض يبدأ بصعود البطلة فاطمة الخشبة، فتبدأ في سرد حكايتها مع المرض منذ أن وقع عليها الخبر كالصاعقة، فشلّ حركتها وإحساسها معا، لتُدخل الجمهور في جوّ من الدراما والحزن خيّم على المكان. والجميل أنّ الدور تتقاسمه بطلتان؛ واحدة تحكي بالصوت والثانية بالإيماء واللوحات الراقصة، معاناة هذه المرأة، وكيف حوّل حياتها إلى قلق دائم وخوف مستمر وشت به اعترافاتها المنكسرة وخيبات أملها فيمن حولها وصرخاتها المؤثّرة من هول الخراب الذي حلّ بجسدها وأنوثتها.

«خريف» استطاعت أن تنقل ببراعة الحالة النفسية الهشّة والمنهارة لسيّدة اقتحم حياتها داء قاتل في غفلة منها، جعلها تصارع أوجاع المرض وبكاء الجسد. وبالرغم من دور الرجل الذي كان غائبا على الركح فوجوده كان قويا في خطاب واعتراف هذه المرأة، التي لم تخف حاجتها وافتقادها واشتياقها إلى زوج جحود تخلى عنها في عزّ أزمته، وتسبّب في شرخ نفسيتها، وأدار لها ظهره بعد اكتشافه مرضها، فتركها تصارع مصيرها وحيدة، في مشهد مؤثّر، ربّما تعمدته سواء كاتبة العمل أو المخرجة لتدخل الجمهور في حيرة من أمرهم حول ما إن كانت هذه المرأة تشكو من أذى المرض، أم تبكي نهاية علاقة الحب مع ذلك الرجل.

المسرحية التي أنتجتها الفرقة المسرحية «مسرح أنفاس» بالتعاون مع المسرح الوطني المغربي «محمد الخامس»، كتبتها فاطمة هوري وأخرجتها شقيقتها أسماء هوري، فيما ألّف موسيقاها رشيد البرومي وأسامة بورواين، حيث استعان العمل المسرحي بمؤثرات موسيقية حيّة، من خلال مقطوعات من العزف الحي لآلة العود الحزينة وقرع الطبل الغاضب، قابله قدر عال من الإبداع في الكوريغرافيا والاجتهاد في السينوغرافيا.

 وحسب الباحث في المسرح عبد المجيد أهري، «خريف» عنوان مأساة حقيقية، تحاول تفكيك شفرات الحياة الكامنة في الألم ذاته، حيث اعتُبر هذا العمل جزءا مما يريد المسرح المغربي التعبير عنه في تجربته الحديثة وإنتاجه المسرحي الحالي.