القمّة الإفريقية ـ الفرنسية بالعاصمة المالية
طغيان التحديات الأمنية على قضايا التعاون والتنمية
- 1342
م/ مرشدي
تنطلق اليوم بالعاصمة المالية باماكو أشغال القمّة الإفريقية ـ الفرنسية بحضور أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة إفريقية والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ستكون ورقة التهديدات الإرهابية والتنسيق الأمني بين بلدان القارة أهم ملفين سيطغيان على أشغالها.
وتنطلق القمّة وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة سخرت لها السلطات المالية أكثر من 10 آلاف رجل من بينهم 700 رجل لضمان أمن القادة المشاركين، في وقت تم فيه اعتماد نظام سير جديد في العاصمة باماكو، لتسهيل تنقل الوفود المشاركة وعدم تعريض حياتها لأي حادث.
وعقد وزراء خارجية الدول المشاركة مساء أمس، اجتماعا تمهيديا وضعوا خلاله آخر اللمسات على نقاط جدول أعمال هذه القمة التي ستكون آخر قمة إفريقية ـ فرنسية يشارك فيها الرئيس فرانسوا هولاند، الذي تنتهي مهامه بحلول شهر ماي القادم.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جون مارك ايروت، إن اختيار العاصمة المالية لاحتضان هذه القمّة جاء أربعة أعوام بعد إطلاق فرنسا لعملية «سيرفال» العسكرية في شمال مالي وتأكيد الدور الفرنسي في القارة.
وقال إن القمّة ستكون أيضا مناسبة للتحدث عن المستقبل وكل المشاريع التنموية التي باشرناها في كل دول القارة في نفس سياق تأكيدات سابقة للرئيس الفرنسي الذي اعتبر» إفريقيا من أولويات فرنسا».
وأكد ألفا باري، وزير الخارجية البوركينابي من جهته في ختام اجتماع وزراء الخارجية أن المشاكل الأمنية كانت في صلب النقاش الذي دار بين وزراء خارجية الدول الإفريقية المشاركة» بقناعة استحالة تحقيق التنمية في ظل غياب الأمن والسّلم في القارة.
وإذا كانت القمّة ستنطلق تحت شعار «الشراكة والسّلم والنمو» إلا أنها ستكون أيضا بالنسبة لفرنسا مناسبة لتقييم علاقتها الاقتصادية مع مستعمراتها السابقة، ومحاولة الدفاع عن مقارباتها الخاصة برسم مستقبل علاقاتها مع مختلف البلدان الإفريقية بما فيها تلك الناطقة بالإنجليزية.
وهو ما يفسر عقد منتدى اقتصادي للدول المشاركة في القمّة الغاية منه ضرب عصفورين بحجر واحد كون القمّة تأتي في سياق إقليمي ودولي متوتر بسبب تصاعد الأنشطة الإرهابية في دول الساحل وصولا إلى نيجيريا والكاميرون بسبب التهديدات التي أصبحت تفرضها مختلف التنظيمات الإرهابية.
ولكن الرئيس الفرنسي وهو على عتبة مغادرة قصر الإليزي شهر ماي القادم، يريد أن يرسم لعلاقات جديدة تنهي فكرة الهيمنة الاقتصادية لهذه الدولة الاستعمارية بعد أن أيقنت باريس، أن منطق الأبوية الاستعمارية الذي تعاملت وفقه طيلة عقود مع مستعمراتها السابقة لم يعد يجدي نفعا في إفريقيا الألفية الثالثة وقد يضر بمصالحها أكثر مما يخدمها في ظل تزايد الاهتمام الذي تبديه قوى اقتصادية عالمية بهذه القارة وخيراتها ولكن بمنطق اقتصادي مغاير لذلك الذي تريد فرنسا وبريطانيا فرضه أمام تعاملات تفاضلية صينية ويابانية وحتى أمريكية وهندية.
وينتظر أن يؤكد الرئيس الفرنسي في آخر زيارة له إلى القارة التأكيد بأن التعهدات التي قطعها على نفسه تجاه إفريقيا خلال القمّة الفرنسية ـ الإفريقية نهاية ديسمبر 2013، قد وفى بها وخاصة ما تعلق بالتكوين العسكري للقوات الإفريقية والتي أكدت تقديرات فرنسية أنها تعدت عتبة 20 ألف عسكري استفادوا من تدريبات عسكرية مكثفة خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى مسائل الشراكة الاقتصادية بين بلاده ومختلف الدول الإفريقية.
ولكن المناسبة ستكون للرئيس الفرنسي من أجل تقييم عملية «بارخان» العسكرية التي يقوم أكثر من 3 آلاف عسكري فرنسي بتنفيذها استكمالا لعملية «سيرفال» التي مهدت لأول تدخل عسكري فرنسي في شمال مالي بعد سقوط نظام الرئيس المالي امادو توماني توري، بداية سنة 2012 لتأمين مناطق شمال هذا البلد من تهديدات التنظيمات الإرهابية ومنع تهديدات بوكو حرام في النيجر وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى عملية مماثلة في دولة إفريقيا الوسطى.
وإذا كانت المسألة الأمنية ستطغى على أشغال هذه القمة إلا أن ذلك لن يمنع من إثارة مسألة الديمقراطية في القارة الإفريقية بسبب القلاقل السياسية التي تعرفها عدة دول إفريقية بسبب العثرات التي تعرفها عملية التداول على السلطة، بالإضافة إلى مسألة الهجرة السرية لآلاف الشبان الأفارقة الراغبين في الوصول إلى الجنّة الأوروبية رغم أن المئات منهم لقوا مصرعهم في عرض البحر المتوسط الذي تحول من بحيرة ترمز إلى السّلم والتعايش الحضاري إلى مقبرة جماعية لمغامرين غادروا بلدانهم من أجل غد أفضل في فرنسا أو إيطاليا وإسبانيا ولم لا الوصول إلى المملكة المتحدة وألمانيا.